اتفاقيتان سعوديتان ـ إماراتيتان لمكافحة الكوليرا ومعالجة سوء التغذية

إشادة أممية بدور البلدين في دعم العمل الإنساني والإغاثي في اليمن

جانب من مراسم التوقيع بين الجانبين السعودي والإماراتي بالتعاون مع منظمتي الصحة العالمية ويونيسيف (الشرق الأوسط)
جانب من مراسم التوقيع بين الجانبين السعودي والإماراتي بالتعاون مع منظمتي الصحة العالمية ويونيسيف (الشرق الأوسط)
TT

اتفاقيتان سعوديتان ـ إماراتيتان لمكافحة الكوليرا ومعالجة سوء التغذية

جانب من مراسم التوقيع بين الجانبين السعودي والإماراتي بالتعاون مع منظمتي الصحة العالمية ويونيسيف (الشرق الأوسط)
جانب من مراسم التوقيع بين الجانبين السعودي والإماراتي بالتعاون مع منظمتي الصحة العالمية ويونيسيف (الشرق الأوسط)

وقّعت السعودية والإمارات أمس اتفاقيتين في مجال الإصحاح البيئي ومعالجة سوء التغذية ومكافحة وباء الكوليرا في اليمن، وذلك بالتعاون مع منظمتي الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف).
جاء ذلك بعد الاجتماع الإنساني رفيع المستوى بين السعودية والإمارات ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (ocha) في مقر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بالرياض، بحضور المستشار بالديوان الملكي المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الدكتور عبد الله الربيعة ومندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبد الله المعلمي ووزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي بالإمارات العربية المتحدة ريم الهاشمي، ومساعد وزير الخارجية والتعاون الدولي لشؤون التنمية الدولية بالإمارات سلطان الشامسي، ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ مارك لوكوك، والممثل المقيم للأمم المتحدة ومنسقة الشؤون الإنسانية في اليمن ليز غراندي.
وشهد الاجتماع مناقشة الوضع الإنساني في اليمن واستعراض تقرير الأمم المتحدة ومنحة المملكة والإمارات لليمن لعام 2018، ومراجعة تقارير اللجنة الفنية للمنحة السعودية والإماراتية وبحث المقترحات حولها.
إلى ذلك، أثنى مارك لوكوك وكيل الأمين العام للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ، على دور السعودية والإمارات وما تقدمانه من دعم ملموس للعمل الإنساني والإغاثي في اليمن، من خلال تقديم البلدين 1.5 مليار دولار في مؤتمر المانحين خلال شهر فبراير (شباط) الماضي، ومنحهما كذلك 930 مليون دولار للشعب اليمني، وتقديمهما 300 مليون دولار من تعهد سابق لهما في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وأيضا دورهما في وصول المساعدات إلى مدينة الحديدة، الأمر الذي مكن الأمم المتحدة من تسريع عمليات الإغاثة وتلبية الاحتياجات الغذائية.
وأدان لوكوك الانتهاكات التي ترتكبها ميليشيا الحوثي بحق العمل الإنساني في اليمن، مشيراً إلى أن إعادة البناء والنهوض بالاقتصاد اليمني ومعالجة الأضرار المادية ستحتاج لأعوام طويلة، منددا في الوقت ذاته بالهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة التي تشنها الميليشيا الحوثية على أراضي السعودية. وتابع: «ندين هذه الهجمات بشكل صريح».
وعن إعاقة ميليشيا الحوثي وصول المساعدات الإنسانية للشعب اليمني قال لوكوك: «نحقق في جميع هذه الحالات ونثيرها معهم وسنعلق توزيع المساعدات إذا لزم الأمر».
وتضمنت الاتفاقية الأولى التي تهدف لمكافحة وباء الكوليرا في اليمن بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ضمن مشروع «إمداد» لدعم المشروعات الإغاثية والإنسانية في اليمن بقيمة إجمالية تبلغ 20 مليون دولار يستفيد منها مليون و84 ألف شخص بشكل مباشر و18 مليونا و678 ألف شخص بشكل غير مباشر، تستهدف جميع المحافظات اليمنية مع إعطاء الأولوية والتركيز على 147 مديرية، بهدف التقليل من معدل الوفيات والمرض بسبب وباء الكوليرا عبر أنشطة علاجية واستجابة شاملة، كما سيتم توفير 50 مركزا لمعالجة الكوليرا و18 زاوية إرواء في المحافظات ذات الخطورة العالية، وتعزيز قدرات الكشف السريع والمبكر وقدرات الفحوصات المخبرية، وتنفيذ حملات التحصين، وتحسين جودة خدمات المياه والإصحاح البيئي في مراكز معالجة الكوليرا وزوايا الإرواء بما في ذلك اختبار جودة المياه وتوفير المياه عبر الشاحنات.
وتتعلق الاتفاقية الثانية بالتدخلات التغذوية المتكاملة لمعالجة سوء التغذية الحاد في المناطق المعرضة لخطر كبير في اليمن بالتعاون مع «يونيسيف» بقيمة 40 مليون دولار يستفيد منها 1.4 مليون شخص.
وتهدف الاتفاقية إلى رعاية 50 ألف طفل يمني تحت سن الخامسة ممن يعانون من سوء التغذية الحاد في مراكز العلاج، وتشجيع ممارسات تغذية الرضع والأطفال الصغار ومراقبة نموهم وتقديم المشورة على مستوى المجتمع المحلي والمنشآت الصحية مع 400 ألف من الأمهات والحوامل والمرضعات، وتقديم مكملات المغذيات الدقيقة لـ800 ألف طفل دون سن الخامسة، والكشف عن سوء التغذية لمليون طفل تتراوح أعمارهم بين 6 و59 شهراً.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.