فصائل سورية توسع هجومها على قوات النظام شمال حماة

أنقرة تؤكد أنها لن تخلي نقاط مراقبتها... و12 قتيلاً في ضربات جوية استهدفت معرة النعمان

بعد غارة على معرة النعمان في ريف ادلب أمس (أ.ف.ب)
بعد غارة على معرة النعمان في ريف ادلب أمس (أ.ف.ب)
TT

فصائل سورية توسع هجومها على قوات النظام شمال حماة

بعد غارة على معرة النعمان في ريف ادلب أمس (أ.ف.ب)
بعد غارة على معرة النعمان في ريف ادلب أمس (أ.ف.ب)

أعلنت «الجبهة الوطنية للتحرير» المعارضة، أمس، بدء هجوم واسع على مواقع قوات النظام السوري على جبهة ريف حماة الغربي، بعد أن استطاعت المعارضة تحرير كفرنبودة شمال حماة.
وشاركت «الجبهة الوطنية للتحرير» باستهداف مواقع النظام داخل قرية كفرنبودة بصواريخ غراد والكاتيوشا. وتمكنت من تدمير قاعدة «م. د» غرب كفرنبودة بصاروخ كورنيت ومقتل طاقمها. وأحصى معارضون تدمير «الجبهة» لدبابتين وعربة وراجمة صواريخ.
في موازاة ذلك، تعرضت قاعدة «حميميم» الروسية لقصف صاروخي، حيث تم تنفيذ 17 عملية إطلاق من راجمات صواريخ على القاعدة الروسية، لم تصل 8 منها إلى القاعدة، وتم تدمير 9 منها من قبل قوات الدفاع الجوي المتواجدة في القاعدة، طبقاً لما ذكرته وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء الأربعاء.
وجاء في بيان لوزارة الدفاع الروسية: «نفذ الإرهابيون 17 عملية إطلاق نار من راجمات الصواريخ من منطقة تخفيض التصعيد إدلب باتجاه قاعدة حميميم الروسية».
وأضاف البيان: «ثمانية صواريخ منها لم تصل إلى القاعدة، بينما تم التصدي للصواريخ الباقية من قبل قوات الدفاع الجوي في القاعدة».
وكان الجيش السوري قد بدأ مؤخراً عملية عسكرية واسعة النطاق لتحرير ريف حماة الشمالي والشمالي الغربي المتاخم لمحافظة إدلب، تمكّن خلالها من استعادة عدد من البلدات والتلال الاستراتيجية، أهمها مزرعة الراضي والبانة الجنابرة، وتل عثمان، التي مهدت للسيطرة على كفرنبودة وقلعة المضيق، المنطقتين الاستراتيجيتين.
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو جديداً للعميد سهيل الحسن الملقب بـ«النمر» يتحدث عن معارك شمال حماة. وقال لعناصره: «خضتم معارك كثيرة وأعداء أشداء، لكن في معركة إدلب أنتم تقاتلون القوات الخاصة الأميركية والتركية والنصر المؤزر لنا».
وشنّت فصائل هجوماً على كفرنبودة، حيث استمرت الاشتباكات أكثر من 10 ساعات متواصلة انتهت بسيطرة المعارضة على البلدة بشكل كامل، و«مقتل أكثر من 60 عنصراً للنظام وأسر قائد غرفة عمليات كفرنبودة العقيد عبد الكريم سليمان برفقة عنصرين آخرين وتدمير عشرات الآليات العسكرية»، بحسب وكالة «قاسيون».
ونقلت وكالة «إباء» التابعة لـ«هيئة تحرير الشام» إعلانها أمس «استمرارها في عملها العسكري برفقة باقي الفصائل الثورية حتى استعادة السيطرة على جميع المواقع التي تقدم إليها النظام مؤخراً في ريف حماة».
إلى ذلك، استهدفت غارات جوية معرة النعمان في ريف إدلب؛ ما أسفر عن مقتل 12 مدنياً، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان». وقال إن «غارات استهدفت أماكن في منطقة السوق الشعبية بكورنيش مدينة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي»، مشيراً إلى «مقتل ما لا يقل عن 12 مواطناً على الأقل وإصابة نحو 18 آخرين».
ولم يتمكن «المرصد» من تحديد ما إذا كان الهجوم نفذ بسلاح الجو السوري أم الروسي.
وتخضع محافظة إدلب ومناطق محيطة بها لاتفاق هدنة روسي - تركي تمّ إقراره في سبتمبر (أيلول)، ونصّ على إقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل بين طرفي النزاع، إلا أن قوات النظام صعّدت منذ أسابيع وتيرة قصفها قبل أن تنضم الطائرات الروسية إليها لاحقاً، وتمكنت من استعادة السيطرة على عدد من البلدات من الجهة الجنوبية.
وكانت «هيئة تحرير الشام» قد شنّت هجوماً مضاداً على قوات النظام الثلاثاء في شمال محافظة حماة، بحسب «المرصد».
وتواصلت المعارك الأربعاء؛ مما أدى إلى ارتفاع عدد القتلى من 44 إلى 52 قتلوا خلال 24 ساعة، بحسب «المرصد»، مشيراً إلى أن من بينهم 29 مقاتلاً موالياً للنظام و23 متطرفا.
وأكدت أنقرة أمس، أنها لن تخلي نقاط مراقبتها العسكرية في إدلب رغم استهداف النظام السوري لإحداها أكثر من مرة مؤخرا، وأنها عازمة على المضي قدما في تنفيذ اتفاق سوتشي مع روسيا بشأن المنطقة العازلة منزوعة السلاح التي تفصل بين النظام والمعارضة في إدلب.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إن بلاده لن تخلي نقطة المراقبة العسكرية التابعة لها في إدلب، رغم الهجوم الذي شنته قوات النظام هذا الشهر على المنطقة.
ونفذت قوات النظام 3 هجمات على الأقل قرب نقطة مراقبة تركية في شير المعار في جبل شحشبو (غرب حماة) في منطقة خفض التصعيد بإدلب، وهي واحدة من 12 نقطة مقامة بموجب اتفاق أبرم بين تركيا وروسيا وإيران في مايو (أيار) 2017 في إطار مباحثات آستانة.
وأنشئت الاثنتا عشرة نقطة التركية في أكتوبر (تشرين الأول) 3017 بعد أن دخل الاتفاق على مناطق خفض التصعيد حيز التنفيذ في سبتمبر (أيلول) من العام نفسه.
وقال أكار في أنقرة ليل الثلاثاء - الأربعاء، إن «إخلاء مواقع المراقبة في إدلب بعد هجوم النظام لن يحدث بالتأكيد، لن يحدث في أي مكان»، مشددا على أن القوات التركية «لن تتراجع من أماكن تمركزها». وأضاف أن النظام السوري «يبذل ما في وسعه للإخلال بالوضع القائم، مستخدما البراميل المتفجرة والهجمات البرية والقصف الجوي»، مشيرا إلى أن 300 ألف شخص نزحوا من إدلب بسبب الصراع خلال الشهر الماضي.
وأضاف أنه تمت الحيلولة دون بدء «مأساة جديدة»، وأنه بحث مع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قبل يومين درء موجة جديدة من المهاجرين إلى داخل تركيا.
وأكد أكار أن تركيا تبذل جهودا كبيرة لإحلال الاستقرار في تلك المحافظة السورية التي يعيش فيها نحو 4 ملايين شخص. وقال إن النظام السوري يفعل ما بوسعه من أجل إنهاء اتفاق سوتشي الذي ينص على وقف إطلاق النار في إدلب، ويقوم لتحقيق ذلك بقصف الأماكن المشمولة ضمن اتفاق مناطق خفض التصعيد. وتابع: «النظام يريد توسيع نطاق سيطرته، ويتذرع بأن إدلب أرض سورية، ونحن نقول لهم صحيح أن إدلب أرض سورية لكنّ قاطني المحافظة عانوا من ظلمكم، وتركيا كباقي الدول الأخرى ستقوم بما يلزم حين يتم إعداد دستور جديد للبلاد، وتجري الانتخابات وتشكل الحكومة الجديدة».
وتزامنا مع تصريحات أكار، دخل رتل تابع للجيش التركي إلى محافظة إدلب عبر معبر كفرلوسين، ضم خمس سيارات جيب تحمل ضباطا أتراكا يرافقها آليات تحمل رشاشات متوسطة، واتجه جنوبا، وهو التعزيز الثالث منذ الرابع من مايو، مع استمرار التصعيد العسكري من جانب النظام السوري وروسيا على المنطقة على خطوط التماس في جبهات ريف حماة واللاذقية. وقالت مصادر، إن دخول تعزيزات الجيش التركي إلى نقاط المراقبة التابعة له في إدلب لم يتوقف في الأيام الماضية، وبخاصة نقطة شير المغار في جبل شحشبو، والتي تم استهدافها أكثر من مرة بمدفعية النظام السوري.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.