«قوننة» السلاح والزجاج الداكن تعزز مخاوف الفوضى الأمنية في لبنان

الحكومة تقرر منح تراخيص لقاء رسوم مالية

TT

«قوننة» السلاح والزجاج الداكن تعزز مخاوف الفوضى الأمنية في لبنان

أثارت بعض بنود مشروع الموازنة الذي أنجزته الحكومة اللبنانية صدمة لدى المواطنين، تخطّت حركة الاحتجاج على تخفيض رواتب ومخصصات موظفي القطاع العام، خصوصاً البند المتعلّق بتمكين المواطن من الحصول على رخصة زجاج قاتم لسيارته وحاجب للرؤية، مقابل رسم مالي قدره مليون ليرة لبنانية (نحو 660 دولاراً أميركياً)، لكل من يرغب بالحصول على رخصة وضع زجاج داكن وحاجب للرؤية على سيارته، ومنح رخصة حمل سلاح فردي مقابل رسم مالي 250 ألف ليرة (170 دولاراً أميركياً)، ورأى خبراء أن هذين الأمرين يفتحان الباب على تعميم الفوضى والفلتان الأمني في لبنان، كما أن انتشار السلاح يشجّع على الجريمة.
ويبدو أن هذا البند كان موضع خلاف داخل الحكومة، إلا أنه حظي بموافقة أكثرية الوزراء، حيث رأت وزيرة التنمية الإدارية مي شدياق، أنه «من غير المقبول تعميم رخص الزجاج الداكن والسلاح الفردي بهذا الشكل». وقالت في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «شددت خلال مداخلتي في مجلس الوزراء على إلغاء هذا البند، أو فرض رسوم مرتفعة جداً، كي لا يحصل أي كان على هذه التراخيص، لكن للأسف لم يلقَ طلبنا القبول».
وأوضحت شدياق أن «وزير الداخلية (ريّا الحسن) كانت متشددة في موضوع إعطاء رخص الزجاج الداكن (التي تصدر عن وزارة الداخلية)، كما أن وزير الدفاع إلياس أبو صعب، ابدى اعتراضه على منح رخص السلاح، لكن للأسف فقد تغلّب رأي وزراء الأحزاب على الأصوات المعترضة».
وثمة فارق في الأبعاد الأمنية للزجاج الداكن، والمحاذير الأمنية لرخص السلاح، وأشار الخبير العسكري العميد المتقاعد ناجي ملاعب، إلى أن الزجاج الداكن «ابتدع لاستخدامه في المواكب الأمنية وحماية الشخصيات، وليس ثمة نص قانوني لتشريعه أو منعه». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «رخص الزجاج القاتم يمنحها وزير الداخلية عادة لأشخاص محددين، لكنها تحوّلت في السنوات الأخيرة إلى فوضى، وأعتقد مع فرض رسوم مرتفعة قد يتراجع هذا الأمر إلى حدّ كبير، ولا يصبح متاحاً إلا للميسورين مادياً».
وشدد العميد ملاعب الذي كان يشغل منصب قائد الشرطة القضائية في قوى الأمن الداخلي، على «خطورة رخص الأسلحة التي تنذر بتعميم فوضى أمنية في البلاد». وذكّر بأن «نواب بيروت طالبوا مرّات عدة بأن تكون العاصمة منزوعة السلاح، باستثناء سلاح الجيش والقوى الأمنية، فكيف يسمح الآن بتشريع السلاح؟»، مؤكداً أن «ترخيص حمل السلاح ليس سليماً ومخالفاً لقانون الأسلحة والذخائر». وقال: «غير مسموح على أي جهة استيراد السلاح إلا لصالح الجيش والمؤسسات الأمنية، ما يعني أن السلاح المتوفر بيد الناس، إما مسروق من مخازن المؤسسات العسكرية والأمنية، وإما مُهرّب بطريقة غير شرعية، والحالتان يعاقب عليهما القانون».
وما إن جرى تسريب هذا البند في الموازنة حتى بات موضع تندّر وسخرية لدى اللبنانيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولفت العميد ملاعب إلى أن «ظاهرة إعطاء بعض الأشخاص رخصة سلاح مختلف تمكّن حامل هذه الرخصة من أن يقتني أنواعاً متعددة من الأسلحة، بدءاً من المسدس إلى الرشاشات والبنادق على أنواعها، وهذا يشجّع على تفشّي ظاهرة السلاح، ويشجّع على ارتكاب الجريمة، وهو ما يشكّل كارثة أمنية على البلد».
وذكّر ملاعب بأن «من يطلب رخصة سلاح يفترض أن يمثل أمام لجنة طبية تثبت أهليته، وأنه سليم العقل وقادر على حمل السلاح بما لا يؤذي أحداً، ويحدد الأسباب التي تدفعه إلى حيازة قطعة سلاح».
وكان وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان أعلن في تغريدة له، أن «الرسوم على الزجاج الداكن وعلى رخص السلاح خارج الضرورات الأمنية، تؤدي إلى تشريع آفة وطنية واجتماعية وسلوكية تضرّ بالمجتمع ولها محاذير أمنية»، لافتاً إلى أن وزراء القوات اللبنانية «اتخذوا موقفاً واضحاً ضدها في مجلس الوزراء».
من جهته، قلل عضو كتلة «المستقبل» النائب نزيه نجم من تداعيات هذا الموضوع، وأعلن أن «هذه الرخص تخضع لضوابط معينة وليست متاحة لأي كان». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «إقرار هذا البند في مجلس الوزراء لا يعني تمريره في مجلس النواب، أو سيتم إدخال تعديلات عليه ترفع نسبة الرسوم بشكل كبير». وشدد على أن «منح رخص الزجاج الداكن تخضع لشروط محددة تحدثت عنها وزير الداخلية ريا الحسن»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن «رخص السلاح تخضع لشروط وضوابط لا يمكن تجاوزها، بحيث تُعطى لضرورات أمنية، أي لمرافقي الشخصيات السياسية والأمنية والمرجعيات الدينية، ولأصحاب المؤسسات المالية، وألا يصبح البلد مخزناً للسلاح».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.