تركيا تخفض الرسوم الجمركية على 22 سلعة أميركية

أوقفت استيراد النفط الإيراني

أنقرة خفضت الرسوم الجمركية الإضافية المفروضة على 22 سلعة أميركية، إلى النصف (إ.ب.أ)
أنقرة خفضت الرسوم الجمركية الإضافية المفروضة على 22 سلعة أميركية، إلى النصف (إ.ب.أ)
TT

تركيا تخفض الرسوم الجمركية على 22 سلعة أميركية

أنقرة خفضت الرسوم الجمركية الإضافية المفروضة على 22 سلعة أميركية، إلى النصف (إ.ب.أ)
أنقرة خفضت الرسوم الجمركية الإضافية المفروضة على 22 سلعة أميركية، إلى النصف (إ.ب.أ)

بدأت وزارة التجارة التركية تخفيض الرسوم الجمركية الإضافية المفروضة على بعض البضائع الأميركية إلى النصف، لتعود إلى مستواها السابق قبل تبادل زيادة الرسوم مع واشنطن في أغسطس (آب) 2018.
ونشرت الجريدة الرسمية في تركيا، أمس (الأربعاء)، مرسوماً رئاسياً يتعلق بتعديل قرار تطبيق رسوم جمركية إضافية على واردات بعض المنتجات الأميركية، تشمل 22 نوعاً من البضائع المستوردة من الولايات المتحدة، من بينها الأرز، وورق التبغ، والسيارات الخاصة، ومستلزمات التجميل.
وجاء القرار في إطار المعاملة بالمثل عقب قرار الولايات المتحدة، منذ أيام، بإعادة الرسوم على واردات الصلب التركي إلى مستواها السابق 25 في المائة.
وقالت وزيرة التجارة التركية روهصار بكجان: إن أنقرة خفضت الرسوم الجمركية الإضافية المفروضة على 22 سلعة أميركية، إلى النصف، لافتة في تغريدة عبر «تويتر» أمس، بأن القرار جاء في إطار المعاملة بالمثل، عقب تخفيض واشنطن للرسوم الجمركية على واردات الصلب التركي من 50 إلى 25 في المائة، في 17 مايو (أيار) الحالي.
ولفتت بكجان إلى أن الرسوم الجمركية البالغة 521.2 مليون دولار المفروضة على السلع الأميركية، ستنخفض إلى 260.6 مليون دولار. وقالت: «سنواصل العمل من أجل إزالة العقبات أمام التجارة مع الولايات المتحدة، والوصول إلى الحجم التجاري الذي حددته حكومتا بلدينا بـ75 مليار دولار».
كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قرر، الجمعة الماضي، خفض الرسوم الجمركية المفروضة على واردات الصلب التركية من 50 إلى 25 في المائة، قائلاً: إن واردات الولايات المتحدة من منتجات الصلب من تركيا تراجعت بنسبة 48 في المائة مقارنة مع العام الماضي.
كانت الإدارة الأميركية قد رفعت، في 10 أغسطس 2018، الرسوم الجمركية على واردات الصلب من تركيا إلى 50 في المائة، والألمنيوم إلى 20 في المائة. وبعد أيام من الإعلان الأميركي، رفعت تركيا دعوى ضد الولايات المتحدة لدى منظمة التجارة العالمية، بسبب مخالفتها قواعد المنظمة من خلال رفع الرسوم الجمركية، وقررت زيادة الرسوم على 22 سلعة في إطار المعاملة بالمثل.
من ناحية أخرى، امتثلت تركيا للعقوبات الأميركية على إيران وأغلقت موانئها أمام النفط الإيراني، رغم إعلان رفضها قرار الولايات المتحدة إنهاء إعفاءات تمتعت بها في استيراد الطاقة من طهران لمدة 6 أشهر بسبب صعوبة إيجاد بدائل، وتأكيدها أنها لن تلتزم بالعقوبات على إيران التي تعتبرها إجراءً أحادياً غير مقبول من جانب واشنطن.
وأنهى قرار الولايات المتحدة إعادة فرض العقوبات بالكامل على قطاع النفط الإيراني إعفاء دام 6 أشهر منحته لتركيا و7 مستوردين كبار آخرين للخام الإيراني، مع تصعيد واشنطن جهودها لعزل إيران وحرمانها من إيرادات النفط. ويتيح الامتثال الكامل لتركيا تفادي العقوبات الأميركية في ظل توتر العلاقات حول ملفات أخرى، في مقدمتها إصرار تركيا على اقتناء منظومة الدفاع الصاروخي الروسية «إس - 400»؛ وهو ما قد يؤدي إلى عقوبات أميركية منفصلة.
وبحسب مصادر شركة «توبراش» الحكومية، المستورد الرئيسي للنفط في تركيا، فإن أنقرة سعت بشتى الطرق لدى واشنطن لتمديد إعفاء الواردات قبل انتهائها في أول مايو الحالي، لكن هذه الجهود لم تفلح؛ ولذلك فإن الشركة قررت وقف جميع الواردات من إيران.
وأظهرت بيانات متخصصة عدم استقبال الموانئ التركية لأي ناقلة جرى تحميلها في إيران منذ بداية شهر مايو الحالي.
ونقلت «رويترز» عن إحسان الحق، المحلل النفطي لدى «رفينيتيف» قوله إنه بعد انتهاء الإعفاء بأربعة أيام، كانت هناك ناقلة تحمل 130 ألف طن من الخام الإيراني في طريقها عبر البحر المتوسط إلى تركيا، إلا أنها غيرت مسارها وأغلقت نظام التتبع. وقال محللون، استناداً إلى صور الأقمار الصناعية، إن من المرجح أن تكون الناقلة أفرغت حمولتها في ميناء بانياس السوري بدلاً عن تركيا. وأشارت البيانات إلى أن تركيا بدأت تقليص وارداتها من الخام الإيراني في أوائل مارس (آذار) الماضي، وأحلت نفطاً من العراق وروسيا وكازاخستان محله.
وأوردت «رويترز»، في تقرير الأسبوع الماضي، أن صادرات إيران من النفط الخام هبطت إلى 500 ألف برميل يومياً أو أقل هذا الشهر، مع اتجاه الجزء الأكبر منها إلى آسيا، بحسب بيانات الناقلات ومصادر في القطاع.
على صعيد آخر، كشفت هيئة الإحصاء التركية عن ارتفاع مؤشر تكاليف البناء في تركيا 27 في المائة في مارس الماضي على أساس سنوي، وبنحو 1.47 في المائة على أساس شهري.
وأكدت الهيئة، في تقرير أمس، أن مؤشري تكاليف معدات البناء، والعمالة ارتفعا في مارس بنسبة 2.02 في المائة و0.27 في المائة على الترتيب على أساس شهري، وبنسبة 27.16 في المائة و26.48 في المائة على الترتيب على أساس سنوي.
وزاد مؤشر أسعار تكاليف تشييد المباني السكنية خلال شهر مارس بنسبة 1.27 في المائة مقارنة بشهر فبراير (شباط) السابق عليه، و26.97 في المائة مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.



الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

TT

الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري، خصوصاً أن البلاد خسرت 54 مليار دولار من ناتجها المحلي خلال 14 عاماً.

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم، أي خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

وعود بمساعدة غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

خسائر لبنان من الحرب

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.