نابليون يروي مذكراته عن مصر

كشف عن تقديره للإسلام ووعد باستعادة أمجاده

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب
TT

نابليون يروي مذكراته عن مصر

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

بعد مائتي عام من حملته على مصر، يصدر المركز القومي للترجمة كتاباً بعنوان «مذكرات نابليون - الحملة على مصر»، ترجمه عن الفرنسية الدكتور عباس أبو غزالة. ويقدم الكتاب لأول مرة شهادة نابليون بونابرت عن تاريخ وقائع حملته الحربية على مصر (1798 - 1801م)، ومشاعره تجاه جنرالاته وجنوده، وكذلك شؤون السياسة والتسليح والدفاع عن حدود مصر، ومشاعره تجاه شعبها أيضاً. ويوضح الكتاب أن نابليون أراد أن يترك حصاد تجربته للتاريخ، فبدأ كتابة مذكراته في منفاه، بعد هزيمته في معركة واترلو، في 18 يونيو (حزيران) 1815 حتى وفاته في 5 مايو (أيار) 1821.
وتشمل المذكرات 14 فصلاً، وتتضمن وصف مصر والشؤون الدينية وثورة القاهرة وغزوات مصر، بداية من الدلتا ومعارك أبوقير البحرية والبرية والحملة على الشام (سوريا وفلسطين وحصار عكا)، بعد أن تشكل جيش تركيا في سوريا استعداداً لمهاجمة بونابرت، فتقدم لمواجهتهم، وهزمهم في العريش، واحتل غزة ويافا، لكن تكسرت نصاله على أسوار عكا، ثم عاد إلى مصر لمواجهة الجيش العثماني. وخصص نابليون فصلين لحكم مصر في عهد كليبر الذي انتصر على الأتراك في معركة هيليوبوليس، وتم اغتياله في 14 يونيو 1800، وجاء من بعده مينو الذي اضطر للاستسلام في 31 أغسطس (آب) 1801، فعاد الجيش إلى وطنه.
يقول د. عباس أبو غزالة، مترجم الكتاب المتخصص في التاريخ الفرنسي، لـ«الشرق الأوسط»: «جاءت مذكرات نابليون كسيرة ذاتية مغلفة بطابع تأريخي، فقد رواها بضمير الغائب (بونابرت، ونابليون، والإمبراطور، والسلطان الكبير)، وتجنب الحديث عن نفسه، ليحاكي صوت المؤرخ الخارج عن الأحداث، وليس صوت المتكلم صانع الأحداث أو شريكها. وأخذ المعلومات التاريخية من الوثائق والكتب والمراسلات وآلاف الأوراق التي كانت تشكل أساس وثائق العمل في المستقبل. ولم يكن يريد أن يترك للغير أن يحكي أو يفسر الأحداث قبل أن يُقدم هو روايته عنها».
ويشير إلى أن نابليون أولى اهتماماً بالغاً لكتابة هذه المذكرات «التي أرادها وأملاها على رفقائه في المنفى، حيث أتيح له اصطحاب ثلاثة جنرالات وسكرتير. واختار الجنرال برتران (مارشال القصر الكبير مسؤول الخدمة العامة والأمن أقرب مساعد لنابليون) وموتولون وجورجو، وضم إليهم مستشار الدولة لاس كاز، وابنه، والمملوك علي؛ أمين المكتبة أو خادم الغرفة».
لقد احتلت مصر، كما يضيف أبو غزالة، مكانة فريدة عند نابليون بونابرت، رغم أن الوقت الذي قضاه في مصر 16 شهراً، قبل أن يطلق عليه لقب نابليون الأول أو القنصل. فقد ذكر في مذكراته أن أجمل أيام حياته قضاها في مصر، حيث بدأ التدريب على مهنة رئيس الدولة، وكان له مطلق الحرية من قبل حكومة الإدارة بفرنسا. وقد احترم الإسلام دين البلد، وشكّل ديواناً من أهالي البلاد. كما درس نابليون التاريخ الإسلامي والإسلام، وكتب أقصوصة «قناع الرسول» في عام 1788. وربما يكون قد استلهمها من كتاب «تاريخ العرب في عهد الخلفاء» للأب ماريني فرنسوا أوجيه (1698)، وربما يكون قد اطلع على موسوعة «المكتبة الشرقية»، للكاتب برتيليمي د. هيربيلوا، علاوة على قراءة ترجمة القرآن.
ومن المعروف عنه أن مارس الكتابة في شبابه منذ 1789. وكانت كتاباته تخص تاريخ الأدب في القرن الثامن عشر، وتحمل طابعاً تنويرياً.
يقول في كتابه عن تدين أهل مصر: «كانت الأفكار الدينية - دائماً ومنذ الأزل - مهيمنة عند أهل مصر، ولم يستطع الفرس الإقامة فيها لأن المجوس أرادوا عبادة آلهتهم وطرد إله النيل، فقامت المنافسة على الأصنام والشعائر والكهنة بين الشعبين، مما جعلهما أعداء متشددين لا شيء يقدر على التوفيق بينهما. ثار المصريون دائماً على هزيمتهم أمام أسلحة الفرس، ولكن عندما اقترب الإسكندر الأكبر من حدودهم أسرعوا لاستقبال القائد العظيم الذي سيحررهم...كان من السهل التأثير على المصريين في كل العصور باسم الأرباب، سواء أكان الحديث الموجه إليهم عن العجل أبيس، أم عن أوزيريس، أم عن محمد».
وأشاد نابليون بعبقرية محمد في إدخال الدين الإسلامي للجزيرة العربية في مذكراته، قائلاً: «كان محمد أميراً جمّع حوله عشيرته. وخلال سنوات قليلة، احتل المسلمون نصف دول العالم، وانتزعوا أرواحاً كثيرة من عُباد الآلهة المزيفة، ونكسوا كثيراً من الأصنام، وهدَّموا من المعابد الوثنية في خمسة عشر عاماً أكثر مما حققه أتباع موسى وعيسى في خمسة عشر قرناً. كان محمد رجلاً عظيماً».
وكان بونابرت يؤكد دائماً أنه في حماية النبي، وكان يعتز به الرجال، وكان انحيازهم له واضحاً: «لا ينتصر الفرنسيون على المسلمين (المماليك) إن لم يكن رئيسهم - بخاصة - في حماية الرسول».
وفيما بعد، مسَّ نابليون وتر القومية العربية، قائلاً: «لماذا تخضع الأمة العربية للأتراك؟ كيف تخضع مصر الخصبة والجزيرة العربية المقدسة لشعوب جاءت من القوقاز؟ إذا نزل محمد اليوم من السماء إلى الأرض، أين كان سيذهب؟ أليس إلى مكة؟ ألن يكون في وسط الإمبراطورية المسلمة؟ أم سيكون في القسطنطينية؟».
ووعد نابليون الشيوخ والأئمة بأن يعيد أمجاد الفاطميين: «أريد أن أشيد الجزيرة العربية من جديد. من يمنعني؟ لقد قضيت على المماليك، ميليشيا الشرق الأكثر جسارة. وعندما نتفاهم، وعندما تدرك شعوب مصر كل ما أريد لها من خير، فسوف يتمسكون بي بإخلاص، وسوف أعيد مجد أزمنة الفاطميين».
وبعد السيطرة على الإسكندرية والقاهرة، وفي ظل الأوضاع غير المستقرة، أعد بونابرت منشوراً دعا فيه المشايخ والأئمة لتجنب المواعظ العدائية ضده في المساجد، وقال لعشرة من الشيوخ المهمين المقربين إليه: «يجب وضع حد لتلك الاضطرابات، لا بد من إصدار فتوى من الجامع الأزهر تأمر الشعب بأن يؤدي اليمين بالطاعة».
ويكتب نابليون أن هذا الاقتراح «أثار الخوف بين الشيوخ، وظهر على وجوههم الفزع، وغلب عليهم الذهول والحزن. وأخذ الشيخ الشرقاوي - رئيس علماء الجامع الأزهر آنذاك - الكلمة، وقال بعد أن استجمع أفكاره: إذا أردت حماية الرسول الذي يحبك، وإذا أردت أن يسرع العرب المسلمون إلى الخدمة الفعلية، فاعتنق الإسلام، وسوف يأتي مائة ألف مصري ومائة ألف عربي من الجزيرة العربية، ومن المدينة ومن مكة، ليصطفوا حولك، مرافقين ومنتظمين على نهجك، وسوف تستطيع غزو الشرق، وتعيد كل أمجاد أمة النبي».
ورأى نابليون أن الحديث في هذه الموضوعات سيكون له أثر طيب، فأجابهم: «هناك عقبتان أساسيتان تحولان دون اعتناقي وجيشي للإسلام: الأولى هي الختان، والثانية شرب الخمر. فقد اعتاد جنودي منذ الطفولة على شرب الخمر، ولن أستطيع أبداً أن أقنعهم بالامتناع عنه». ويسجّل نابليون في مذكراته تفاصيل الاجتماع الذي حضره مع رجال الإفتاء لحل المسائل التي تحول دون اقتناع رجال الجيش باعتناق الدين. وهنا، اقترح الشيخ المهدي عرض الأمر على ستين شيخاً من الجامع الأزهر لطرح السؤال عليهم والتشاور في الأمر.
ويعلق نابليون على هذا اللقاء بقوله: «انتشر الخبر بعد قليل في كل المساجد، بأن كبار المشايخ ينشغلون ليل نهار في تعليم مبادئ الشريعة للسلطان الكبير والجنرالات، وأنهم أيضاً يناقشون فتوى للتيسير على الفرنسيين المنتصرين الذين جاءوا ليضعوا أمجادهم رهن الدين الإسلامي».
ويذكر الكتاب أن أربعة من رجال الإفتاء حملوا الفتوى المكتوبة، الموقع عليها من قبلهم، التي قيل فيها إن الختان عبارة عن إتمام الكمال بالطهارة، ولم يفرضه النبي، ولكن أوصى به فقط. وبناء عليه، يمكن أن يكون الإنسان مسلماً بغير الختان. وكانت الفتوى الثانية، وتخص شرب الخمر، موضوع مناقشات طويلة ساخنة، بالإضافة إلى المراسلات مع مكة. في تلك الفترة، اعتنق الجنرال مينو الإسلام، وذهب إلى مسجد رشيد من دون أي قيد أو شرط. فرح المسلمون بهذا الخبر، ولم يترك مينو أدنى شك في صدق اعتناقه، وأعلن الشيوخ في كل مكان أن نابليون مسلم ويحب القرآن، وأنه مكلف من الرسول بمهمة خدمة الكعبة المشرفة.
وتعرض نابليون لموضوع تعدد الزوجات في الإسلام، وقدم شرحاً لأسبابه، وناشد المشرع في الغرب تقليد هذا الأسلوب للقضاء على العنصرية في أوروبا، موضحاً أن «الظروف الجغرافية هي التي دفعت المسلمين لتتعدد الزوجات في آسيا وأفريقيا، حيث ألوان كثيرة من الرجال؛ وكان تعدد الزوجات هو الوسيلة الوحيدة الفعالة للاختلاط بينهم حتى لا يضطهد الأبيضُ الأسود، أو يضطهد الأسودُ الأبيض».
ويخلص الكتاب إلى أن بونابرت لم ينجح في تخدير الشعب المصري الذي أدرك بسليقته أن هذه الأفعال ليست صادرة عن عقيدة حقيقية وإيمان صحيح، بل إن إسراف بونابرت في التظاهر باحترام الإسلام هو ضرب من الخداع والنفاق، حتى تتوطد دعائم الحكم الفرنسي في مصر.



«مطلق العنان»... مذّكرات بوريس جونسون في السلطة

بوريس جونسون والرئيس الأميركي المنتخب ترامب
بوريس جونسون والرئيس الأميركي المنتخب ترامب
TT

«مطلق العنان»... مذّكرات بوريس جونسون في السلطة

بوريس جونسون والرئيس الأميركي المنتخب ترامب
بوريس جونسون والرئيس الأميركي المنتخب ترامب

تفترض بالطبع عندما تقدم على شراء نسخة من مذكرات رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون الصادرة حديثاً فيما يقرب من 800 صفحة بأنّك حصلت لتوّك على سِفر ثمين من الحكمة السياسيّة وخبرة الإدارة في المنصب التنفيذي الأهم في إحدى دول العالم العظمى، لا سيما أن الرجل جاء إلى فضاء السلطة من الصحافة كاتباً ورئيس تحرير لمجلّة سبيكتاتور الأسبوعيّة العريقة، ومؤرخاً نشر عدّة كتب مهمة - بما فيها سيرة لملهمه وينستون تشرشل رئيس الوزراء البريطاني خلال الحرب العالمية الثانية - قبل أن يُنتخب عمدة للعاصمة لندن ثم رئيساً للوزراء وزعيماً لحزب المحافظين. ولعل مما يرفع وتيرة التوقعات أيضاً أنّه كان في موقع التأثير واتخاذ القرار في مراحل مفصليّة في تاريخ بلاده المعاصر، سواء الأشهر الأخيرة من عصر الملكة الراحلة إليزابيث الثانية، أو خروج المملكة المتحدة من عضويّة الاتحاد الأوروبي، أو وباء «كوفيد 19». أو الحرب في أوكرانيا، ناهيك عن شهرته عبر العالم كنسخة من دونالد ترمب على الجهة الأخرى من المحيط الأطلسي، حتى أنّه ربما يكون السياسي البريطاني الوحيد الذي يعرفه سكان هذا العالم باسمه الأول (بوريس). لكن الحقيقة أن المذكرات ورغم تضمنها مقاطع مهمة هنا وهناك ولحظات صاعقة من الصراحة، فإنها في المحصلة أقرب إلى موجة جارفة من التبرير المقعّر، والإعجاب النرجسي بالذات، وتصفية الحسابات السياسيّة ولوم للجميع لأنهم أضاعوه، ويا ويلهم أي فتى أضاعوا؟

ومع ذلك، فإن «مطلق العنان» قراءة سهلة، يتم سردها بلغة قريبة من لغة الحوار اليومي أكثر منها لغة متعجرفة كما يتوقع من خريجي المدرسة النخبوية في إيتون وجامعة أكسفورد، مع كثير من علامات التعجب، والأصوات الشارعيّة المكتوبة بحروف كبيرة، والصفات المرصوفة كجمل طويلة، والإهانات الشخصيّة لمنافسيه، والأسئلة البلاغيّة عديمة الفائدة، فيما غلب عليها مزاج من السخريّة والهزل حتى في التعاطي مع القضايا التي يفترض أنّه جاد بشأنها.

هذا النّفس الذي اختاره جونسون لسرد مذكراته (والتي قد تدر عليه دخلاً سيتجاوز الثلاثة ملايين جنيه إسترليني وفق تقديرات صناعة النشر) أفقد الكتاب كثيراً من قيمته المتوقعة كوثيقة تاريخيّة، وبدت أجزاء كبيرة منه روايات ربما يتمنى كاتبها لو كانت الحقيقة، أو ربما أعتقد بالفعل أنها كانت الحقيقة كجزء مما يسميه جونسون نفسه التنافر المعرفي الذي يصيب الساسة المغمسين في وظيفتهم القياديّة لدرجة أنهم يصابون بالعمى عن المشاكل السياسية الهائلة التي تتراكم خارج مكاتبهم. هذا سوى بعض الأخطاء التفصيليّة في تسجيل الأحداث أيضاً والتي لا يفترض أن تمرّ على مؤرخ معتّق أو على ناشره المرموق (يقول مثلاً إن حكومة حزب العمال في أسكوتلندا أطلقت سراح الليبي المتهم بتفجيرات لوكربي، فيما الواقع أنها كانت حكومة الحزب القومي الأسكوتلندي).

من الناحية الإيجابيّة فإن جونسون يضمِّن كتابه تعليقات ذكيّة حول مسائل استراتيجيّة تبدو في ميزان اليوم أفضل من أدائه الفعلي رئيساً للوزراء كما مثلاً في رؤيته لأسباب اللامساواة الاقتصاديّة بين الأجيال، وتفسيره للانقسام الاقتصادي العميق بين العاصمة لندن الكبرى وبقيّة المملكة المتحدة، وتصوّراته حول رفع سويّة الأجزاء الأقل حظاً منها من خلال برامج تحديث البنية التحتية وتكنولوجيا الاتصال والاستفادة من أموال الخزينة العامّة لجذب استثمارات القطاع الخاص، وكذلك تحوّله من منكر لتحولات المناخ إلى منذر من مخاطرها ومفسّر للحجج الأخلاقيّة والاقتصاديّة الدّاعية إلى التصدي لجذورها من أجل مصلحة الأجيال المقبلة.

أثناء زيارة لمكتبه في عام 2017 طلب منه نتنياهو استخدام المرحاض بعد ذلك، وجدت أجهزة الأمن جهاز تنصت تم زرعه هناك

يفشل بوريس في تقديم مرافعة كانت متوقعة منه بشأن دوره فيما يعرف بـ«بريكست»، أو القرار بتخلي بريطانيا عن عضوية الاتحاد الأوروبيّ. وهو يعترف بأنّه كان مشتتاً وقتها بين اعتقاده بضرورة أن تتخلص بلاده من سلطة بروكسل عليها (مقر الاتحاد الأوروبي) من ناحية، وتفهمه لمشاعر كثيرين من عائلته وأصدقائه الذين أرادوا منه دعم حملة البقاء في النادي الأوروبيّ، ويقرّ بأنه في المساء الذي أعلن فيه قراره بدعم التوجه إلى الخروج من الاتحاد، كتب نسختين من المقال نفسه، واحدة (مع) وواحدة (ضد) كي يمكنه اختبار حنكة حججه، ليجد في النهاية أن حملة تأييد البقاء افتقدت إلى الحماس، ولم تمتلك أي رسالة إيجابيّة واضحة لتقولها. في المقابل، فإن جونسون يبدو في هذه المذكرات ليس مفتقراً فحسب لأي شعور بالمسؤولية عن الفوضى التي أعقبت التصويت على المغادرة، والإدارة السيئة للمفاوضات التي قادتها حكومات المحافظين وهو فيها مع الاتحاد الأوروبي، بل يبدو غاضباً حتى على مجرد اقتراح مساءلته من حيث المبدأ متسائلاً: «وماذا بحق الجحيم كان من المفترض علينا أن نفعل؟»، بينما يقفز للعب دور البطولة منفرداً فيما يتعلق برد حكومة المملكة المتحدة على حالات التسمم النووي التي نسبت لروسيا في سالزبوري عام 2018. في وقت صار فيه من المعلوم أن تيريزا ماي، رئيسة الوزراء حينها، هي من كانت وراء ذلك الموقف الحازم. ويخلص جونسون للقول إن حزب المحافظين كان سيفوز في انتخابات هذا العام لو بقي على رأس السلطة ولم يتعرّض للخيانة من رفاقه، وهي مسألة يكاد معظم المراقبين يتفقون على استحالتها بالنظر إلى تراكم سلسلة الفضائح وسوء الإدارة وهزالة الطرح الآيديولوجي لحكومات حزب المحافظين خلال الخمسة عشر عاماً الماضية على نحو تسبب للحزب النخبوي بأقسى هزيمة له في مجمل تاريخه العريق. في المذكرات يكتب جونسون عن زيارة قام بها بنيامين نتنياهو إلى مكتبه في عام 2017، طلب خلالها رئيس الوزراء الإسرائيلي استخدام المرحاض. بعد ذلك، وجدت أجهزة الأمن جهاز تنصت قد تم زرعه هناك. وقال جونسون إنه على وفاق مع نتنياهو وإن القراء يجب ألا يستخلصوا استنتاجات أوسع حول الزعيم الإسرائيلي من تلك الحكاية!