فرحة الصعود مستمرة رغم ما يتبعها من ألم

جماهير الأندية المتأهلة للدوري الممتاز تدرك أن إمكاناتها لا تقوى على منافسة الأغنياء الكبار

فرانك لامبارد بعد الفوز على ليدز
فرانك لامبارد بعد الفوز على ليدز
TT

فرحة الصعود مستمرة رغم ما يتبعها من ألم

فرانك لامبارد بعد الفوز على ليدز
فرانك لامبارد بعد الفوز على ليدز

شعرت بالفخر لوجودي في ملعب فريق ليدز يونايتد لحضور مباراة الإياب الحاسمة بين ليدز وديربي، ليس فقط لكونها واحدة من أكثر مباريات دوري الدرجة الأولى خلال الموسم إثارة، وإنما كذلك لأنها أثارت في الأذهان صوراً من السرعة والعفوية بدأت تختفي تدريجياً من كرة القدم على مستوى الأندية الكبار.
كنت قد دخلت إلى الاستاد متأخراً أنا ومئات غيري ممن تضرروا بسبب غلق الطريق المؤدي إلى الملعب في وقت متأخر من فترة بعد الظهيرة، وشعرت بدهشة بالغة إزاء الأعداد الضخمة التي حاولت أن تجد لنفسها مكاناً داخل استاد قديم يتسع لـ36.000 متفرج. حتى من خارج الاستاد، بدأت أصوات زئير الجماهير لدى انطلاق ركلة البداية واضحة، وعندما شرعت الجماهير صاحبة الأرض في ترديد هتافات ضد الفريق الخصم، كان من السهل تمييز الكلمات التي يستخدمونها.
لقد كانت تلك أصوات كرة القدم التي لطالما جرى تصويرها داخل الكثير من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية على امتداد عقود من الأبيض والأسود وصولاً إلى الألوان.
كانت المواجهة بمثابة ذروة ختام الموسم وحملت الكثير من المخاطر للجانبين. ومع أنه من غير المنصف القول بأن مواجهات الدوري الممتاز تفتقر إلى الشغف والحماس، تظل الحقيقة أن الجزء الأكبر من جماهير أندية الدوري الممتاز تتسم بقدر أكبر من الرقة والصوت الهادئ.
ولا يبدو هذا خبراً حصرياً، فقد سبقت الإشارة إلى هذه الحقيقة كثيراً من قبل. وبوجه عام، يميل المناخ العام في مواجهات الدوري الممتاز إلى الأمان والهدوء والعقلانية. تجدر الإشارة هنا إلى أنه عندما جرى إقرار المقاعد في جميع أرجاء المدرجات ومنع المساحات التي كانت مخصصة لوقوف الجماهير في أعقاب كارثة هيلزبره، دافع الكثيرون عما صاحب ذلك من ارتفاعات غير مبررة ومثيرة للقلق في أسعار التذاكر من خلال عقد مقارنات مضحكة مع تجربة الذهاب إلى المسرح والتي تبلغ الكلفة ذاتها تقريباً.
وقد وصفت المقارنات بالمضحكة لأن الناس لا يرتادون المسرح أسبوعياً أو يتبعون العرض ذاته بمختلف أرجاء البلاد. إلا أننا في النهاية خسرنا هذه المعركة، وانتهى الحال إلى اجتذاب الأسعار الأعلى شريحة أكبر سناً بعض الشيء من الجماهير وأكثر ثراءً ـ وأنتم تعلمون الباقي.
واليوم، أصبحت الكثير من جماهير كرة القدم تصدر ذات المستوى من الضوضاء الذي تصدره جماهير المسرح. وإذا كان هناك فريق تلفزيوني يرغب في صناعة فيلم وثائقي عن أصوات الجماهير في كرة القدم الحديثة، فإنه سيكون من غير الحكمة أن يضعوا ميكروفونات خارج استاد أولد ترافورد أو الاتحاد أو الإمارات، رغم أن هذه الاستادات تستضيف باستمرار ما يصل إلى ضعف الجماهير التي كانت حاضرة في ملعب ليدز.
انتهت المباراة بخسارة ليدز يونايتد أمام ديربي، وبذلك أصبح شيفيلد يونايتد الممثل الوحيد لمنطقة يوركشير في الدوري الممتاز الموسم المقبل. والمصادفة المفرحة هنا أن شيفيلد يونايتد يملك استاداً قديماً وشهيراً قادراً على خلق المناخ القديم الحقيقي لكرة القدم. ومع هذا، يبقى هناك تساؤل مهم: هل ستتلاشى فرحة جماهير شيفيلد يونايتد تجاه الفوز بالصعود التلقائي إلى الدوري الممتاز في غضون ستة أشهر أو ما يناهز ذلك بعد مواجهتهم واقع خسارة معظم المباريات وخوض نضال مرير لضمان البقاء في قاع البطولة والتساؤل فيما بينهم بوجه عام حول ما إذا كانت مسألة تحقق أحلامهم وتحولها إلى واقع أمر جيد؟
وربما لا يحدث ذلك، فقد سبق وأن ازدهرت أندية متنوعة مثل ويغان وبرايتون وبورنموث وواتفورد وولفرهامبتون واندررز خلال المواسم الأخيرة بعد أن نجحت في إيجاد موطئ قدم لها في الدوري الممتاز، وليس ثمة ما يدعو للاعتقاد أن شيفيلد يونايتد - أو نوريتش سيتي الذي صعد تلقائيا أيضا - لن يفعلا المثل. ومع هذا، فإن سجلات الأرقام تشير إلى أنه في غالبية المواسم يهبط واحد أو أكثر من الأندية الصاعدة مباشرة، في الوقت الذي عادة ما يكون الفريق الصاعد عبر مواجهات التصفية الأكثر عرضة للهبوط.
ويعتبر فولهام أحدث الأمثلة، ومع تنحية الجوانب المالية للنادي جانبا، ثمة شكوك في أن الموسم السابق كان ممتعاً لجماهير النادي. من جانبه، صعد هيدرسفيلد عبر مباريات تصفية العام السابق، ورغم أنه استمر لفترة أطول عن المتوقع بموسم - بفضل الأداء الرديء لستوك وسوانزي سيتي وويست بروميتش ألبيون في ذات التوقيت - فإن الموسم لم يسفر سوى عن فوضى عصفت بجميع الأطراف المعنية.
وربما يتمثل الإنجاز الوحيد الذي يمكن لهيدرسفيلد التفاخر به في النهاية بأنه لم يهبط بعدد ضئيل قياسي من النقاط. ويعود هذا الرقم القياسي حتى الآن إلى ديربي، الفريق الذي قدم أداءً مثيراً أهله إلى ويمبلي حيث يسعى أمام أستون فيلا الاثنين المقبل لاقتناص فرصة للصعود مرة أخرى إلى الدوري الممتاز.
وليس المقصود من ذلك التلميح بأن الفريق الذي يقوده فرانك لامبارد حال نجاحه في الصعود إلى الدوري الممتاز سيقدم ذات الأداء الرديء الذي قدمه الفريق الذي قاده بول جيويل موسم 2007 – 2008، لكن لا أحد يتوقع أن يجد أي من ديربي أو أستون فيلا الحياة سهلة داخل الدوري الممتاز.
في كثير من جوانبه، يبدو دوري الدرجة الأولى كبطولة أكثر صحة عن الدوري الممتاز - فهو يضم بعض الفرق الممتازة والاستادات المناسبة ولا تستحوذ على قمته ستة أندية كبرى يتقدمها مانشستر سيتي - ومع هذا لا يمكن للمرء أن يواجه أي من جماهير ليدز أو ويست بروميتش ألبيون بهذه الحقيقة في وجهه في الوقت الراهن. في النهاية، سوف تتمتع ثلاثة أندية صاعد بمكانة المشاركة في الدوري الممتاز على مدار الصيف. وإذا كانت قادرة على تجاهل الألم الذي سيصيبها لاحقاً، دعونا نحن أيضاً نتجاهله.


مقالات ذات صلة

سيميوني يقاوم دموعه رداً على إمكانية رحيله عن أتلتيكو مدريد

رياضة عالمية دييغو سيميوني (رويترز)

سيميوني يقاوم دموعه رداً على إمكانية رحيله عن أتلتيكو مدريد

بدا دييغو سيميوني مدرب أتلتيكو مدريد متأثراً للغاية عند سؤاله عن الشكوك التي تحيط بمستقبله مع الفريق، وذلك بعد الفوز بصعوبة على ديبورتيفو آلافيس بنتيجة 2 - 1.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية هانز فليك (أ.ف.ب)

فليك: برشلونة محظوظ بالتعادل مع سيلتا فيغو

قال هانز فليك مدرب برشلونة إن لاعبيه المخطئين يجب ألا يلوموا سوى أنفسهم، بعد التعادل 2 - 2 مع مضيفه سيلتا فيغو، السبت، في دوري الدرجة الأولى الإسباني لكرة القدم

«الشرق الأوسط» (فيغو (إسبانيا))
رياضة عالمية روبن أموريم (أ.ف.ب)

أموريم مدرب يونايتد: سأكون صارماً عندما يتطلب الأمر

يُعرف روبن أموريم مدرب مانشستر يونايتد الجديد بقدرته على التواصل مع اللاعبين وهو أمر يقول كثيرون إن سلفه إريك تن هاغ كان يفتقده.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية لاعبو راسينغ كلوب خلال التتويج باللقب (أ.ف.ب)

راسينغ الأرجنتيني بطلاً لأميركا الجنوبية للمرة الأولى في تاريخه

توج فريق راسينغ كلوب الأرجنتيني بلقب كوبا سود أمريكانا لأول مرة في تاريخه بعد الفوز على كروزيرو البرازيلي بنتيجة 3 / 1 في المباراة النهائية مساء السبت.

«الشرق الأوسط» (أسينسيون )
رياضة عالمية منتخب النجوم السوداء قدم مستويات سيئة للغاية في التصفيات الأفريقية (منتخب غانا)

المشاكل الإدارية تعصف بجيل رائع من المواهب الغانية

لم تحقق غانا الفوز الذي كانت تحتاج إليه أمام أنغولا، يوم الجمعة قبل الماضية، وبالتالي لن يشارك محمد قدوس وتوماس بارتي وأنطوان سيمينيو في كأس الأمم الأفريقية

جوناثان ويلسون (لندن)

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».