روحاني يرفض التفاوض وظريف يحذر من «تداعيات» التصعيد

الرئيس الإيراني يجدد المطالبة بـ«تعزيز صلاحياته» و«مركزية القرار»

روحاني يرفض التفاوض  وظريف يحذر من «تداعيات» التصعيد
TT

روحاني يرفض التفاوض وظريف يحذر من «تداعيات» التصعيد

روحاني يرفض التفاوض  وظريف يحذر من «تداعيات» التصعيد

حذر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، واشنطن من «التداعيات المؤلمة» لأي «تصعيد» ضدها، فيما عاد الرئيس الإيراني حسن روحاني مرة أخرى للمطالبة بتعزيز صلاحياته، مشدداً على ضرورة مركزية القرار في مواجهة «الحرب الاقتصادية» واستمرار تفاقم التوتر بين الولايات المتحدة وإيران.
وقال ظريف في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» الأميركية: «ستكون تداعيات مؤلمة للجميع إذا حدث تصعيد ضد إيران؛ هذا أمر مؤكد» وأضاف: «ليس من مصلحة إيران التصعيد. قلنا بوضوح شديد إننا لن نكون من يبدأ بالتصعيد، لكننا سندافع عن أنفسنا».
وقال ظريف إن الحكومة الإيرانية «لن تتفاوض مع الإدارة الأميركية ما لم تُظهر الولايات المتحدة (الاحترام) لطهران، وذلك بالوفاء بالتزاماتها بموجب
الاتفاق النووي المتنازع عليه». وأضاف: «لسنا مستعدين للتحدث إلى أشخاص خرقوا وعودهم» طبقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

وتابع ظريف أن «وجود كل هذه الإمكانات العسكرية في منطقة بحرية صغيرة (الخليج) يشكل في ذاته عاملاً لوقوع حوادث». وقال أيضاً: «ينبغي التزام حذر شديد، ونعتقد أن الولايات المتحدة تمارس لعبة خطيرة جداً»، بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
من جهته، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني في خطاب نقله التلفزيون الرسمي: «يعلن البيت الأبيض أن على الشعب الإيراني أن يخشى هجوماً أميركياً، ولكن بعد ساعتين، يدفع ضغط البنتاغون الرئيس إلى الاعتذار والقول: (لا ننوي شن حرب أو هجوم ولا نسعى ألبتة إلى محاربة الشعب الإيراني)».
ودعا روحاني إلى تنشيط موقف حكومته في مواجهة العقوبات الأميركية بـ«صلاحيات خاصة» على غرار حرب الخليج الأولى. وقال إنه «مناصر المفاوضات والدبلوماسية»، لكنه رفض فتح باب التفاوض في ظل الأوضاع الراهنة.
وقال روحاني إنه رفض في سبتمبر (أيلول) الماضي وساطة 5 من كبار قادة العالم للقاء ترمب خلال أعمال الجمعية العامة في الأمم المتحدة، مشيراً إلى أن الخارجية الأميركية أيضاً أرسلت 8 طلبات للتفاوض.
وأصر روحاني على حاجة البلاد إلى حصر القرار في وقت تخوض فيه «الحرب الاقتصادية»، مشيراً إلى أنه تعرض لضغوط داخلية للتخلي عن الاتفاق النووي، ووصف المهمة بـ«الصعبة». ومن جانب آخر، أعرب عن ارتياحه لموقف الرأي العام الإيراني من التوتر الراهن، لافتاً إلى أن «الناس يؤمنون بأننا لم نكن البادئ في التوتر والمواجهة». وقال إن التاريخ سيحسب لحكومته أن «الجمهورية الإسلامية لم تبدأ التوتر».
ولجأ روحاني إلى استراتيجية التذكير بسجل المرشد الإيراني الأول (الخميني) لحث المرشد الحالي على دعم الحكومة. وقال إن الخميني «منح الحكومة تفويضات خاصة في حرب الخليج الأولى مكنتها من إدارة الحرب وتحقيق كثير من الإنجازات» وأضاف: «نحن بحاجة اليوم لمثل هذه الصلاحيات».
ومع ذلك، نفى روحاني وجود مأزق داخلي، وقال في هذا السياق: «خلال الأسابيع الماضية تجاوزنا أوضاعاً صعبة بسبب الوحدة والتخطيط، واليوم الأوضاع أفضل بكثير من الأسابيع الماضية».
من هنا، دافع روحاني عن قرار حكومته بالإبقاء على الاتفاق النووي، وقال إن الخروج من الاتفاق النووي تحت تأثير «استفزازات الولايات المتحدة»، كان سيزيد مهمة تسويق خطوات الحكومة صعوبة في الشارع الإيراني.
ويعود روحاني للتذكير بمحدودية صلاحياته بينما تواجه حكومته انتقادات بسبب السياسة الخارجية وتعثر وعوده الاقتصادية ووعود تحسين الأوضاع المعيشية في ظل العقوبات الأميركية.
قبل أسبوعين تحديداً، أقر روحاني بمحدودية صلاحيات حكومته في الدبلوماسية. وجاء تصريحه بمثابة تراجع عن رسائل وجهها بشأن استعداد طهران للتفاوض. وكانت رسائل روحاني بالتزامن مع إعلان وزير الخارجية محمد جواد ظريف استعداد إيران لصفقة تبادل حول السجناء.
في التوقيت نفسه، قال قائد «فيلق القدس» الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري»، قاسم سليماني الذي يعتقد أنه أهم اللاعبين في السياسة الخارجية الإيرانية، إن المفاوضات «ذل واستسلام»، وعدّ سياسة «الاقتصاد المقاوم» مخرج إيران في زمن العقوبات. وعلى المنوال نفسه، قال المرشد الإيراني علي خامنئي الأسبوع الماضي إن «المفاوضات سمّ» وإن خيار إيران الوحيد هو «المقاومة» وإن «الحرب لن تحدث».
في شأن متصل، انتقد رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني حشمت فلاحت بيشه تأخر الدول الأوروبية في «حفظ الاتفاق النووي»
وقال فلاحت بيشه لوكالة «مهر» الحكومية إن الأوروبيين لا يتخذون خطوة لحفظ الاتفاق، واستبعد أن تدخل الآلية المالية الخاصة التي أطلقتها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا بهدف الالتفاف على العقوبات الأميركية، حيز التنفيذ.
ويمثل فلاحت بيشه عينة من النواب المناصرين لسياسات حكومة روحاني في الاتفاق النووي.
وجاءت تصريحات النائب البارز غداة إعلانه عن اجتماع من المفترض أن يعقد الأسبوع المقبل بين سفراء ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وروسيا في البرلمان الإيراني حول الاتفاق النووي.
ولم يتضح ما إذا كانت تصريحات فلاحت بيشه، أمس، تشير إلى تغيير في الاجتماع المرتقب أو تهدف إلى الضغط على الدول الأوروبية.
وصرح فلاحت بيشه: «أظهرت الدول الأوروبية حتى الآن أنها ليست لاعباً مستقلاً في التطورات وينتظرون ظروفاً جديدة بين إيران والولايات المتحدة».
واتهم فلاحت بيشه الدول الأوروبية بأنها «تريد أن تبقى في موقف المتفرج من التطورات بين إيران والولايات المتحدة»، منتقداً الأطراف التي «تعتقد أن أوروبا ستنقذ الاتفاق النووي، لأن الأوروبيين عالقون في الاتفاق، ولا يحفظونه، لأنهم لا يملكون القدرة على ذلك».



قلق أميركي من سعي إيران لإعادة حضورها العسكري في سوريا

عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
TT

قلق أميركي من سعي إيران لإعادة حضورها العسكري في سوريا

عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

تخشى الولايات المتحدة من محاولات إيران لاستعادة حضورها العسكري في سوريا، بما في ذلك خط إمداد «حزب الله»، رغم سحبها الكبير لقواتها من الأراضي السورية بعد انهيار نظام الأسد، الشهر الماضي، في ضربة لاستراتيجيتها الإقليمية، وفقاً لمسؤولين غربيين وإقليميين.

وقال مسؤول أميركي رفيع لصحيفة «وول ستريت جورنال» إن الانسحاب الإيراني من سوريا يمثل نهاية لجهود طهران الإقليمية لنشر النفوذ وشن حروب بالوكالة ضد أميركا وإسرائيل، حيث فر أعضاء في «فيلق القدس»، وتم تفكيك الميليشيات.

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم الأسد خلال الحرب، وأرسلت قوات من «الحرس الثوري» إلى سوريا؛ لمساعدة حليفها على البقاء في السلطة.

بدأت إيران بسحب قواتها بعد انهيار الجيش السوري في أواخر العام الماضي، في ظل ضربات إسرائيلية متواصلة، وكانت غاضبة من الأسد الذي ظل غائباً خلال صراعها مع إسرائيل.

وامتدت شبكة إيران في سوريا من الشرق لنقل الأسلحة والمقاتلين إلى حدود لبنان لتسليح «حزب الله».

وقال مسؤولون غربيون وعرب إن معظم المقاتلين المدعومين من إيران في شرق سوريا، بينهم ضباط من «الحرس الثوري»، فروا إلى القائم بالعراق، بينما هرب بعض الإيرانيين المقيمين في دمشق إلى طهران، ومقاتلو «حزب الله» عبروا إلى لبنان.

وقالت باربرا ليف، المسؤولة عن شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأميركية، عن مغادرة القوات الإيرانية من سوريا: «إلى حد كبير، نعم... إنه أمر استثنائي».

الرئيس السوري بشار الأسد في لقاء مع وزير الخارجية الإيراني خلال زيارته لسوريا في 2 ديسمبر 2024 (د.ب.أ)

وقالت ليف إن سوريا أصبحت الآن أرضاً معادية لإيران، وأضافت: «هذا لا يعني أنهم لن يحاولوا العودة، لكن الأوضاع هناك معادية للغاية».

وهاجم المرشد الإيراني، علي خامنئي، الأسبوع الماضي، الانتقادات لحضور إيران الإقليمي، قائلاً: «بعض الأشخاص بسبب افتقارهم للفهم وقلة الوعي والتحليل الصحيح للقضايا يقولون إن الدماء التي أريقت في سبيل الدفاع عن الأضرحة قد ذهبت هدراً». وأضاف: «هذا التصور خطأ كبير؛ لأنه لولا قتال الجنرال سليماني ومدافعي الأضرحة لما بقي أثر من المراقد المقدسة، سواء السيدة زينب أو حتى كربلاء والنجف».

وقال دبلوماسيون غربيون إن العسكريين الإيرانيين وحلفاءهم أُجبروا على ترك كمية كبيرة من المعدات والذخائر العسكرية في أثناء هروبهم، وجرى تدميرها لاحقاً بواسطة إسرائيل، أو تم الاستيلاء عليها من قبل «هيئة تحرير الشام» وجماعات أخرى.

وقال مسؤول سابق في «البنتاغون» إن انهيار نظام الأسد قلل من تأثير إيران في المنطقة، وقدرتها على دعم الجماعات المسلحة لتحقيق أهدافها الإقليمية.

في الأيام الأخيرة، أفادت تقارير بأن إيران حاولت زيادة شحنات النقود إلى «حزب الله» في لبنان، وتم تأخير وتفتيش رحلة دبلوماسية إيرانية لدى وصولها إلى بيروت.

صورة نشرها موقع البرلمان الإيراني من سلامي خلال جلسة مغلقة حول سوريا ديسمبر الماضي

ويعتقد المسؤولون الأميركيون أن إيران ستسعى لإعادة الجسر البري، ولكن من غير المحتمل أن تسمح الحكومة السورية الجديدة لـ«الحرس الثوري» الإيراني بتجديد وجوده العسكري بسبب دعمه للأسد.

وفي نهاية ديسمبر (كانون الأول)، توقع خامنئي ظهور «قوة شريفة في سوريا»، قائلاً إن «الشباب الشجعان والغيارى في سوريا سيقومون بطرد إسرائيل».

ویخشی المسؤولون الأمیركيون من أن إيران قد تحاول إعادة نفوذها في سوريا على المدى الطويل، عبر تفعيل الشبكات القديمة، واستغلال عدم الاستقرار في البلد.

قال أندرو تابيلر، المدير السابق لسوريا في مجلس الأمن القومي: «هذا فشل كارثي لإيران. حجم الكارثة سيعتمد على ما إذا كانت سوريا ستظل موحدة»، وأضاف: «قد تجد إيران طريقاٌ للعودة بفضل الانقسامات الطائفية التي لا تزال غير محلولة في ظل النظام الجديد».