تشنج داخل الحكومة اللبنانية عشية القراءة الأخيرة لمشروع الموازنة

كتلة «المستقبل» دعت إلى حسم التجاذب داخل مجلس الوزراء وخارجه

TT

تشنج داخل الحكومة اللبنانية عشية القراءة الأخيرة لمشروع الموازنة

تخضع موازنة المالية العامة اللبنانية لعام 2019، إلى قراءة أخيرة اليوم في اجتماع الحكومة الذي سيعقد ظهراً، تمهيداً لإقرارها وإحالتها على البرلمان، وسط تشنج سياسي بدأ يظهر بين مكوناتها، عبّرت عنه كتلة «المستقبل» النيابية عندما قالت إن «الحكومة مدعوة إلى حسم التجاذب القائم داخل مجلس الوزراء وخارجه».
وقال وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمود قماطي إن «جلسة أخيرة للموازنة ستعقد (اليوم) في السراي الكبير»، فيما أكد وزير الشباب والرياضة محمد فنيش أن «اللمسات الأخيرة غداً (اليوم) تليها نقاشات». وقال وزير المال علي حسن خليل بعد المناقشات: «أنا راضٍ عن النتيجة. اليوم انتهينا ولا أريد أن أتحدّث عن المرحلة الماضية».
وظهر منذ صباح أمس أن هناك تبايناً داخل الحكومة بين وزراء «التيار الوطني الحر» من جهة، ووزراء آخرين، أبرزهم وزير المال علي حسن خليل، في ضوء التأخير واستهلاك وقت إضافي في المناقشات التي امتدت على 17 جلسة حكومية لمناقشة مشروع الموازنة.
وقبل جلسة استكمال مشروع الموازنة التي عقدت برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري، قال وزير المال إن «الموازنة انتهت بالنسبة لي ولوزارة المال والرسوم الأخيرة التي أقرت لن يدخل أثرها في هذه الموازنة ولم يعد هناك لزوم لكثرة الكلام والتأخير. لقد قدمت كل الأرقام بالصيغة النهائية». في المقابل، قال وزير الخارجية جبران باسيل: «ننتهي (من إقرار الموازنة) حين ننتهي، ولا يوجد وقت محدد».
وظهرت هذه التباينات إثر المناقشات المستمرة لتقليص العجز، بالتزامن مع ضغوط في الشارع تعرضت لها الحكومة من قبل موظفي القطاع العام، ومتضررين من الإجراءات الحكومة التقشفية. وأكد وزير العمل كميل أبو سليمان أنه «كان هناك عمل جدي لتخفيض العجر ولكن الإصلاحات البنيوية لم تحصل، ومن الضروري زيادة إيرادات الاتصالات والمرفأ، ووقف التهرب الضريبي ونحن مصرون على ذلك».
وغداة التصعيد الميداني الذي نفذه العسكريون المتقاعدون أمام السراي احتجاجاً على احتمالات المس برواتبهم، ورواتب زملائهم في الخدمة، وفي وقت لم يدع المجلس الأعلى للدفاع إلى الانعقاد لبحث قضية التدبير رقم 3، اعتبر وزير الدفاع إلياس بوصعب أن «الأمور مختلطة عند البعض في موضوع التدبير رقم 3».
وفيما تتقاذف الأطراف المسؤولية، كشفت كتلة «المستقبل» النيابية عن تباينات في الحكومة، إذ رأت بعد اجتماعها الأسبوعي أن الحكومة مدعوة إلى حسم التجاذب القائم داخل مجلس الوزراء وخارجه»، آملة «الانتهاء من إنجاز الصيغة النهائية للموازنة وإحالتها على مجلس النواب بحيث تكون جاهزة لوضعها موضع التنفيذ في أقرب وقت ممكن».
وأسفت الكتلة «لبعض التحركات الاستباقية والمشبوهة التي تتجاوز حدود المنطق في مقاربة الشأن الاقتصادي وإعداد موازنة تقشفية وتحقيق الإصلاحات المطلوبة، وذلك على صورة ما شهده محيط السراي الحكومي بالأمس ومحاولات الاقتحام والمواجهات والشتائم والتهديدات التي ساقتها ألسنة بعض العسكريين المتقاعدين بدخول السراي عنوة واحتلال مواقع المجتمعين على طاولة مجلس الوزراء». وشددت الكتلة على «أن مقر رئاسة الحكومة وسائر المقرات الرسمية اللبنانية، ليست أرضاً سائبة لأي جهة تعطي نفسها حقوقاً باقتحام المؤسسات الدستورية والتطاول عليها. إن التصرفات التي وقعت في الساعات الماضية، مرفوضة جملة وتفصيلاً ولا تليق ولا تشرّف من أقدم عليها وتَنِمّ عن رغبة باستخدام المؤسسات العسكرية والأمنية وشهداء الوطن، لأغراض غير بريئة تتجاوز الشعارات المطلبية التي ينادون بها».
ولا يعتقد أن مناقشة الموازنة في البرلمان ستكون أقل تعقيداً، وظهرت مؤشرات ذلك في اجتماع «لجنة الإدارة والعدل» التي قال رئيسها النائب جورج عدوان: «وفقاً لقانون النقد والتسليف، هناك ما يمنع التدخل بطريقة عمل مصرف لبنان الداخلي، لكن في الوقت عينه يلزم مصرف لبنان برفع موازنة سنوية تنشر وتقدم لوزارة المال». وأعلن عن «إرسال اللجنة كتاباً لوزير المال تطلب فيه تزويدها بموازنات مصرف لبنان منذ عام 2001 وحتى اليوم، للاطلاع عليها».
وفيما يتعلق بقطوعات الحسابات، سأل عدوان: «القطوعات أنجزت، فما الذي ننتظره لإحالتها إلى المجلس النيابي؟ هل نحن بانتظار الموازنة ودرسها لإيجاد مخرج لقطع الحساب لأن القطوعات لم ترسل وتدرس وتنجز؟». وأضاف: «دائماً نجد أنفسنا أمام أمر واقع وأمام مخالفة للدستور، ما يدفعنا إلى إقرار مسائل غير دستورية وغير قانونية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.