عائلة القتيل الفلسطيني في تركيا: تحقيقات في مصر حول آثار التعذيب

TT

عائلة القتيل الفلسطيني في تركيا: تحقيقات في مصر حول آثار التعذيب

قالت عائلة القتيل الفلسطيني، الذي قالت تركيا إنه تم العثور عليه ميتاً في زنزانته، إن مصر وافقت على إعادة تشريح جثته، بناء على طلبها، بعد أن اتهمت السلطات التركية بـ«تعذيبه»، مشيرة إلى أن عدداً من أفراد العائلة أرادوا أن يلقوا نظرة الوداع عليه، قبل إرساله إلى وطنه، فتم اكتشاف آثار التعذيب.
وقال عبس مبارك، ابن عم الدكتور زكي، والموجود في القاهرة حالياً: «إن آثار التعذيب كانت واضحة عليه، ومنها تفريغ اللسان والحلق، وإنه عند اكتشاف ذلك كان على الأراضي المصرية، وقدمنا طلباً لإعادة تشريح الجثة؛ حيث شهد يوم أمس فتح تحقيق شامل حول كل ما حدث بالتفاصيل وكل المعلومات حول ذلك».
وقال: «صدر قرار تنفيذ أخذه من مستشفى فلسطين إلى المشرحة حتى يتم الكشف الطبي والشرعي عليه». وأضاف عبس، الذي كان يتحدث لـ«الشرق الأوسط» بالهاتف، أنه بعد الانتهاء من تلك العملية سيكون لنا الخيار في إرسال الجثمان مباشرة إلى فلسطين، بعد الخروج بجميع المعلومات من عملية التشريح.
وشدد عبس أن الجثة عليها آثار بضربات كبيرة في الرأس، وأيضاً آثار تعذيب على الرقبة، مع وجود آثار أن يديه كانتا مكبلتين من الخلف، إضافة إلى وجود ثقب أسفل الكعب الأيمن من القدم باستخدام آلة إلكترونية حادة. وأكد أن ما حدث للدكتور زكي لا علاقته له بالإنسانية، ونأمل أن تأخذ العدالة مجراها.
وكانت عائلته قد طالبت بوحدة تحقيق دولية مستقلة في مقتل الدكتور زكي مبارك، الذي كان قد توجه إلى العمل في إسطنبول بهدف زيادة دخله.
وقال زكريا، شقيق القتيل الفلسطيني، في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» إنهم خاطبوا جميع المنظمات والجهات الدولية لإيجاد وحدة تحقيق مستقلة، موضحاً أن أخيه الذي يبلغ من العمر 55 عاماً قرر التوجه إلى تركيا بعد تقاعده للبحث عن «لقمة العيش» كونه أباً لعدد من الأطفال، وقال: «كان زكي موهوماً بما يسمى (الدولة الإسلامية في تركيا)، ولكن جميع تلك الأوهام تلاشت بعد ما تم تلفيق تلك التهم غير الصحيحة له».
وقد قال مكتب الادعاء في إسطنبول إنه تم العثور على رجل اتهمته السلطات التركية بالتجسس ميتاً في زنزانته، مشيراً إلى أن «زكي» شوهد خلال عملية تفتيش دورية الساعة الثامنة و16 دقيقة صباحاً بالتوقيت المحلي أول من أمس الأحد في سجن سيليفري، بغرب إسطنبول، الذي يخضع لحراسة مشددة؛ حيث كان محتجزاً في زنزانة منفردة، ووُجد مشنوقاً في باب الحمام الساعة العاشرة و22 دقيقة صباحاً لدى توزيع الطعام على السجناء.
والقتيل أحد اثنين، تقول تركيا إنهما من المشتبه بهما وقت القبض عليهما، في 19 أبريل (نيسان) الماضي، وإنهما اعترفا بالتجسس على مواطنين عرب، ووجهت لهما اتهامات بالتجسس. وشجبت «المنظمة العربية لحقوق الإنسان» في بريطانيا وأوروبا قيام الأمن التركي بتعذيب الموقوف الفلسطيني حتى الموت.
وطالبت في بيان المقرر الخاص بالتعذيب، إرسال لجنة لفحص جثة المعتقل وعدم السماح للسلطات التركية بإخفاء جريمتها ودفن الجثة من دون إجراء تشريح محايد من قبل الأمم المتحدة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».