3 رؤساء حكومات أردنيين سابقين يرفضون «صفقة القرن»

TT

3 رؤساء حكومات أردنيين سابقين يرفضون «صفقة القرن»

أخذت حلقات الأردن الرسمي والشعبي الرافضة لما باتت تُعرف بـ«صفقة القرن»، تتسع، في الأسابيع الماضية، رداً على الترويج لخطة السلام الأميركية في المنطقة، وبدأت رموز سياسية من طراز رفيع ومن نادي رؤساء وزراء سابقين أردنيين، لا تشترك جميعها في الطابع السياسي، تتصدر منصات الهجوم على الخطة.
ويبدو الشارع الأردني محصناً، بمساندة مطلقة لموقف العاهل الأردني الملك عبد الثاني الذي أطلق تصريحاته في أكثر من مناسبة، معلناً رفضه لأي تسوية لا تتضمن «حل الدولتين»، أو لا تشمل الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ما يمهد لحلول على حساب الأردن.
في هذه الأثناء، تلقف المراقبون تصريحات نارية لرئيس مجلس الأعيان الأردني (الغرفة التشريعية الثانية في مجلس الأمة الأردني) فيصل الفايز، الذي تحدث خلال مشاركته في إفطار رمضاني، مساء أول من أمس، عن مواجهة سيستعد لها الأردنيون أمام تحديات «صفقة القرن». ونقل عن الفايز قوله في مساندة علنية للعاهل الأردني وموقفه السياسي من صفقة القرن: «نؤكد للجميع أن الأردن لن يتراجع عن اللاءات الثلاث التي أعلنها الملك أكثر من مرة (لا للوطن البديل، لا للتوطين، ولا للتفريط بالمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف)».
وبدأت تصريحات المسؤولين في مختلف مواقعهم، بالإشارة إلى التخوفات التي قد تتبع فرض «صفقة القرن» وانعكاساتها على المملكة، إذ قال الفايز الذي تبوأ كرسي الرئاسات الأربع: الحكومة والأعيان والنواب والديوان، إن المخاوف تتعلق بإيجاد حل للقضية الفلسطينية، على «حساب بلدنا وشعبنا»، ومن خلال عدم تمكين الشعب الفلسطيني، من إقامة دولته المستقلة.
ولا تعد عبارة الفايز، المنتمي إلى واحدة من كبرى الحواضن العشائرية الأردنية، منفصلة عن سياق تصريحات أخرى مشابهة، أطلقها رئيس الوزراء السابق أيضاً عبد الرؤوف الروابدة، على منصة ندوة رسمية لمركز الدراسات في الجامعة الأردنية، تحدث فيها عن معادلة «المتطلبات الوطنية» في الرد الحقيقي على حلم «العدو» بالوطن البديل، عبر تعزيز الهويتين الأردنية والفلسطينية، كل منهما على أرضها، وفي ذلك مصلحة عليا لحماية الأردن وأمنه وسيادته من عبث الأطماع الإسرائيلية.
واعتبر الروابدة، الرجل القوي في نادي رؤساء الحكومات السابقين، أن الإعلان المتوقع بعد رمضان للصفقة، سيجد الرفض المطلق من قبل الشعب الأردني، محذراً من إمكانية «استغلال قوى عديدة شكل الرفض وأسلوبه ضد الدولة الأردنية».
وتأتي تصريحات الروابدة الأخيرة خارج سياق المواقف السياسية المعارضة التي عبر عنها فور خروجه من رئاسة مجلس الأعيان، حين انتقد علانية، مشروع اللامركزية، المتبنى ملكياً ورسمياً، قبل أعوام.
وتزامنت تصريحات الفايز والروابدة مع إطلاق رئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيدات، إطاراً جبهوياً سياسياً جديداً ترأسه، يوم الاثنين، وجّه خلاله عدة رسائل سياسية إلى الإدارة السياسية في البلاد، من أهمها مساندة الأردن في مواجهة صفقة القرن.
عبيدات الذي سبق له المشاركة في تأسيس جهاز المخابرات الأردني منتصف ستينات القرن الماضي قبل أن يترأسه مطلع السبعينات، عبّر صراحةً عن أن مواجهة كل المخططات الكبرى التي تحاك في المنطقة، تتطلب من الإدارة السياسية الأردنية التوقف عن النهج العبثي في إدارة الدولة وإعادة الهيبة لمؤسساتها، وتحصين الجبهة الداخلية ضد التعصب والإقليمية، وإطلاق الحريات العامة في البلاد ورفع القبضة الأمنية عنها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».