السلطات المصرية لـ«القضاء» على ظاهرة «الباعة الجائلين»

مخطط حكومي لتطوير القاهرة واستعادة دورها التاريخي

TT

السلطات المصرية لـ«القضاء» على ظاهرة «الباعة الجائلين»

تسعى الحكومة المصرية والبرلمان لتفعيل إجراءات القضاء على ظاهرة «الباعة الجائلين»، التي تعد مشهداً معتاداً بالشوارع المصرية، رغم الحملات التي تقوم بها الجهات الأمنية على فترات متفاوتة. وطالب النائب أحمد السجيني، رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، أمس، الحكومة بـ«تعامل أكثر جدية للتصدي لظاهرة الباعة الجائلين وانتشار القمامة... وغيرها من الظواهر السلبية في الشارع المصري، خاصة العاصمة القاهرة».
ونوه السجيني لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «لجنة الإدارة المحلية ناقشت الأزمة التي يعاني منها المواطنون، وخلصت إلى ضرورة تفعيل دور الشرطة المتخصصة، وزيادة مواردها البشرية والفنية، كحل عاجل وأولي لمواجهة تلك الظاهرة السلبية»، مشيراً إلى أن «البرلمان يعمل خلال الفترة الحالية على إعداد تشريعات تستهدف إعادة الانضباط للشارع المصري، منها تنظيم عمل المحال».
وكان مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المصري، قد أعلن بدء تنفيذ خطة لتطوير محافظة القاهرة. وأشار رئيس الوزراء خلال اجتماع ضم عدداً من الوزراء، أول من أمس، إلى أن الفترة الحالية تستهدف إحداث طفرة حقيقية في القاهرة بهدف استعادة نشاطها الثقافي والحضاري والتراثي، مضيفاً أن هذا هو أحد أهداف بناء العاصمة الإدارية الجديدة، الذي يتمثل في أن تعود القاهرة لدورها التاريخي كعاصمة للثقافة والسياحة والتراث.
وشدّد رئيس الوزراء على ضرورة منع الباعة الجائلين من التواجد في الشوارع بوجه عام، قائلاً: «لن يتم السماح بهذه المظاهر العشوائية، ولن نسمح بأن يقتصر الأمر على حملة أو أكثر وبعدها تعود هذه المظاهر مرة أخرى».
ونوّه رئيس الوزراء إلى أن الحكومة قطعت شوطاً كبيراً في طلاء واجهات المباني، مكلفاً بأن يتم الاهتمام بأعمال الرصف وتطوير الأرصفة، بنسق واحد، مؤكداً على اهتمام الحكومة بتطوير القاهرة الخديوية. كما استعرض الاجتماع مشروع «ممشى أهل مصر» الذي يتم تنفيذه بالتعاون بين الوزارات والجهات المعنية، بهدف تطوير الواجهة النيلية، وإيجاد مناطق للتنزه والترفيه للمواطنين.
وأكد رئيس الوزراء ضرورة الاهتمام بمنظومة النظافة، ورفع القمامة من محافظة القاهرة، مشيراً إلى أن هناك تكليفاً واضحاً من الرئيس عبد الفتاح السيسي بأن يتم البدء في تطبيق منظومة النظافة الجديدة في 5 محافظات تجريبية، منها القاهرة.
وسبق أن وضعت الحكومات المصرية المتعاقبة خططاً لنقل جميع الباعة الجائلين من شوارع القاهرة والمدن الرئيسية، وعمل تجمعات كبيرة لهم بشكل رسمي وحضاري، غير أن الباعة عادة ما يتجاهلون تلك التجمعات، مفضلين التواجد في الشوارع الرئيسية ومحطات مترو الأنفاق.
ويرى السجيني أن حل مشكلة انتشار الباعة الجائلين يجب أن يتم بتقنين أوضاعهم بما يحفظ شكل الشارع المصري وفي الوقت نفسه من دون قطع أرزاقهم، ونوه إلى أن صدور الإدارة المحلية وتشكيل المجالس المحلية، بالتأكيد سوف يساعد الحكومة على مقاومة تلك الظاهرة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم