أحزاب تونسية تعارض تأجيل الانتخابات

TT

أحزاب تونسية تعارض تأجيل الانتخابات

دعا زعماء 5 أحزاب سياسية وممثلو منظمات نقابية وحقوقية إلى عدم تأجيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تونس، في رد على الدعوات التي صدرت في هذا الاتجاه عن شخصيات سياسية عدة بينها الوزير ناجي جلول المستشار في الرئاسة التونسية والأمين العام لـ«نداء تونس»؛ حزب الرئيس الباجي قائد السبسي، الذي انقسم إلى حزبين منذ مؤتمره الوطني الشهر الماضي.
وفسر دعاة التأجيل موقفهم بالمخاطر الأمنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية في تونس والجزائر والحرب في ليبيا ومخاطر «تعفّن» الوضع في كامل المنطقة. واستدلوا بالفصل الـ«80» من الدستور الذي يسمح للسلطات العليا بتأجيل الانتخابات في البلاد عندما تواجه «خطراً داهماً».
في المقابل، أعرب محمد الغرياني، الأمين العام لحزب «المبادرة الدستورية» وآخر أمين عام للحزب الحاكم في عهد الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، وعصام الشابي الأمين العام لـ«الحزب الجمهوري»، والوزير إلياس فخفاخ رئيس المجلس الوطني لحزب «التكتل»، ونور الدين العرباوي رئيس المكتب السياسي لحزب «النهضة»، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش ندوة سياسية، عن معارضتهم الدعوات لتأجيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في شهري أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) المقبلين.
كما أعلن عادل البرينصي، عضو القيادة المركزية للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، رداً على سؤال «الشرق الأوسط»، عن انطلاق التحضيرات اللوجيستية والسياسية لتنظيم الاقتراع في موعده رغم حالة الطوارئ المعلنة في البلاد من قبل رئيس الجمهورية لأسباب أمنية داخلية وخارجية ورغم حالة الإرباك التي أحدثتها موجة الاستقالات في المجالس البلدية المنتخبة قبل عام. واستدل البرينصي بأن الانتخابات التعددية التي نظمت في تونس عامي 2011 و2014 نظمت بدورها في ظل فرض حالة الطوارئ واندلاع حرب في ليبيا. وكشف القيادي في الهيئة العليا المشرفة على الانتخابات أن عدد المدرجين الجدد في قوائم المقترعين ناهز المليون، غالبيتهم من الشباب، بما رفع عددهم الإجمالي للمرة الأولى إلى نحو 6 ملايين ناخب من بين 8 ملايين تتوافر فيهم شروط المشاركة.
وفي الوقت ذاته، طالب ممثلو الأحزاب السياسية الكبرى بتنقية المناخ السياسي والإعلامي في البلاد وتوفير شروط تنظيم انتخابات نزيهة وشفافة. وطالب القيادي في حزب «التكتل» الوزير السابق إلياس فخفاخ، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، الحكومة ورجال الأعمال والإعلام الموالين لها بـ«التزام الحياد» خلال العملية الانتخابية المقبلة، وبمنع «استطلاعات الرأي» التي تؤثر في الناخبين والتي تروّج لفوز ساحق لرئيس الحكومة يوسف الشاهد وحزبه الجديد «تحيا تونس» بعد أن التحق به مئات من كوادر الدولة وأرباب المؤسسات الاقتصادية والنقابيين.
ووجه عصام الشابي، الأمين العام لـ«الحزب الجمهوري» المعارض، الذي كان يوسف الشاهد من أبرز مؤسسيه قبل 6 أعوام، اتهامات لمن وصفهم بـ«لوبيات المال السياسي الفاسد والإعلام المنحاز» بالتأثير في مسار الحملة الانتخابية السابقة لأوانها التي انطلقت في تونس، والتي تحاول، بحسب رأيه، تهميش الأحزاب التي وصفها بـ«الوسطية والاعتدال».
وفي الوقت نفسه، حذّر محمد الغرياني، الأمين العام لحزب «المبادرة» المشارك في حكومة الشاهد، من صعود التيارات والشخصيات الشعبوية وازدياد تأثيرها. وقال الغرياني لـ«الشرق الأوسط» إن انتخابات 2011 حسمها الاصطفاف العقائدي والآيديولوجي فاستفادت حركة «النهضة» الإسلامية وحلفاؤها، بينما انتصر في 2014 الباجي قائد السبسي وحزبه لأنهما لعبا ورقة «التصويت الإيجابي» ضد مرشحي حركة «النهضة» والرئيس السابق المنصف المرزوقي.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.