الراعي متألم للإساءة إلى صفير... ووزير الاقتصاد يفسخ عقد العمل مع الأسمر

بعد إهانة رئيس الاتحاد العمالي للبطريرك الماروني الراحل

TT

الراعي متألم للإساءة إلى صفير... ووزير الاقتصاد يفسخ عقد العمل مع الأسمر

تواصلت، أمس، المواقف الرافضة لإساءة رئيس الاتحاد العمالي العام، بشارة الأسمر، للبطريرك الماروني الراحل مار نصر الله بطرس صفير، وأعلن وزير الاقتصاد عن فسخ عقد العمل معه في إهراءات بيروت، بعدما كان قد تم توقيفه أول من أمس.
وفي عظة الأحد، قال البطريرك بشارة الرّاعي: «لقد آلمتنا في العمق، كما جميع النّاس، داخلياً وخارجياً، الإساءة النّكراء التي لحقت في الأمس، بالبطريرك صفير، وجثمانه في مثواه على أرضنا، وروحُه تنعم بالرّؤية السّعيدة في السماء».
وبعد لقائه الراعي على رأس وفد، قال وزير الخارجية جبران باسيل، «من الطبيعي جداً أن نأتي اليوم للمشاركة في القداس لراحة نفس البطريرك الراحل صفير والمطران أبو جودة، ولتقديم التعازي لسيدنا البطريرك، ومن الطبيعي أن نكون في هذا الموقع بالشكل الذي يعبر عن الاحترام والوقار لبكركي، وللراحل، وللموقع، ولنفسنا، بتأدية واجب العزاء، حسب الأصول وبالشكل الذي يليق ببكركي». وعلّق على قضية الأسمر بالقول: «زاد على الأمر، وصودفت الإساءة التي حصلت خلال اليومين الماضيين تجاه بكركي وتجاه كل اللبنانيين، وطبعاً هي دليل على مشكلة أخلاق في البلد، وهي مشكلة انحطاط أخلاقي طال كل البلد، ويمس في المقامات والكرامات والمرجعيات، ولا حدود لا للأخلاق ولا للحقيقة، وعندما يعود هناك اعتبار للأخلاق وللحقيقة يصبح هذا الفلتان الذي يؤدي بموقع في مثل هذه الأهمية الوطنية والاقتصادية والعمالية يصبح لا يمثل على الأقل الأخلاق في لبنان، ولا من مرجع سياسي أو أخلاق يحكم كيف أن هذه المواقع الوطنية المهمة يتم التعاطي معها، وهذه مناسبة لكي يصلح الخلل الإضافي في البلد، لأن الميثاقية والشراكة هي في رئاسة الجمهورية والحكومة والمجلس النيابي، وهي أيضاً في الإدارة والاقتصاد، وفي كل المواقع في البلد التي يجب أن يكون فيها عودة للأخلاق والاحترام للحقيقة».
وفيما طالب وزير الاقتصاد بفسخ العقد الخاص مع الأسمر في إهراءات القمح، قال باسيل: «من الطبيعي ألا نعترف بهذا الموقع بالشكل الذي هو فيه، لحين تصحيح الوضع القائم، ونحن من جهتنا، وبما نمثل، نقاطع هذا الموقع حتى يقوم أصحابه بالمراجعة اللازمة في حسن التمثيل وبالدور الاقتصادي والوطني والعمالي الذي يقومون به».
من جهته، وفي تغريدة له على «تويتر»، قال وزير الاقتصاد منصور بطيش، «بعد سقطته الأخلاقية المستهجنة، وتوقيف القضاء له، ستفسخ وزارة الاقتصاد والتجارة، غداً، عقد العمل مع بشارة الأسمر في إهراءات بيروت».
وكان وزير الاقتصاد السابق رائد خوري، قد قال إن الأسمر موظف رسمي في الإهراءات لكنه لا يداوم، وكان رد رئيس الاتحاد حينها أنه «ليس موظفاً في الإهراءات، بل هو مقدم خدمات بموجب عقد تقديم خدمات طبية».
في المقابل، كان موقف لافت من أمين سر كتلة «لبنان القوي» (التيار الوطني الحر) النائب إبراهيم كنعان، حيث قال في حديث إذاعي: «أكره المزايدات، حتى في قضية حق، والكلام الصادر من بشارة الأسمر مرفوض ومدان، فهناك أطنان من الكلام الذي أطلق في حق مقامات روحية وزمنية. المطلوب ألا تكون العبرة حفلة مزايدات، بل إجراء مراجعة لوضع الصراع السياسي تحت سقف احترام الرأي الآخر، وألا يكون هناك صيف وشتاء فوق سقف واحد».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.