الاقتصاد الروسي على عتبة مرحلة ركود جديدة

«المركزي» يأمل في بث «المشروعات القومية» لروح النمو

سجلت وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي الروسي خلال الربع الأول من العام الحالي معدلات أدنى من التوقعات الرسمية (رويترز)
سجلت وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي الروسي خلال الربع الأول من العام الحالي معدلات أدنى من التوقعات الرسمية (رويترز)
TT

الاقتصاد الروسي على عتبة مرحلة ركود جديدة

سجلت وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي الروسي خلال الربع الأول من العام الحالي معدلات أدنى من التوقعات الرسمية (رويترز)
سجلت وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي الروسي خلال الربع الأول من العام الحالي معدلات أدنى من التوقعات الرسمية (رويترز)

سجلت وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي الروسي، خلال الربع الأول من العام الحالي، معدلات أدنى من التوقعات الرسمية، وتوقعات الخبراء، وحتى أدنى من أكثر التوقعات تشاؤماً. ورأى عدد كبير من الخبراء أن المعطيات الأولية لمعدل تباطؤ الاقتصاد الروسي، تدل على أنه يقف على حافة مرحلة ركود جديدة.
ونشرت وكالة الإحصاء الفيدرالية الروسية (روستات) بياناتها الأولية لمؤشرات الربع الأول من العام الحالي؛ قالت فيها إن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي كان خلال الفترة المُشار إليها عند معدل 0.5 في المائة، أي أدنى من توقعات وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، التي توقعت في أبريل (نيسان) الماضي نمواً بمعدل 0.8 في المائة. وكانت وكالة الإحصاء الفيدرالية سجلت آخر مرة مثل هذا المعدل المنخفض للنمو في الربع الأخير من عام 2017، حيث لم يتجاوز معدل نمو الناتج المحلي حينها 0.3 في المائة.
وفي تعليقها على تقرير وكالة الإحصاء الفيدرالية، قالت الوزارة إن انخفاض معدل دوران التجارة بالقيمة الحقيقية، وتراجع الطلب المحلي على خلفية رفع ضريبة القيمة المضافة، وتسارع وتيرة التضخم، عوامل لعبت الدور الرئيسي في تباطؤ معدل النمو الاقتصادي لأدنى من التوقعات. هذا فضلاً عن عوامل أخرى، حيث شكل انخفاض وتيرة نمو محفظة قروض الشركات، وتباطؤ قروض الرهن العقاري، عامل ضغط إضافي على الطلب المحلي. من جانبهم أشار الخبراء إلى عوامل أخرى، إذ يرى المحلل كيريل تيرماسوف، مدير قسم الأبحاث في وكالة «لولكو - أنفست» للاستثمارات، أن زيادة الضرائب أدت إلى انهيار الطلب المحلي، علاوة على ذلك «يوجد عامل آخر، وهو تراجع الصادرات إلى أوروبا بسبب ضعف الاقتصاد الأوروبي»، وهي عوامل أثرت كلها على وتيرة النمو. وفي تعليقه على معدل النمو في تقرير وكالة الإحصاء الفيدرالية، قال تيرماسوف إنه مؤشر على أن «الاقتصاد على حافة الركود».
إلى جانب ما سبق، أضاف فلاديمير تيخوميروف، كبير الاقتصاديين في مؤسسة «بي كا إس» المالية، تراجع طلبيات الدفاع، وقال إنه واحد من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى كبح وتيرة النمو الاقتصادي، لافتاً إلى أن «الطلب الصناعي، وطلبيات الدفاع على وجه الخصوص، كانت المحرك الأضخم للنمو الاقتصادي عام 2018».
في هذا السياق، على سبيل المثال، تشير معطيات وكالة الإحصاء إلى تراجع إنتاج الطائرات والمروحيات خلال الربع الأول من العام الحالي، بنسبة 42 في المائة على أساس سنوي. كما أدى تجمد النمو في الصناعات التحويلية، وتوقف الاستثمارات عملياً منذ نهاية العام الماضي إلى تباطؤ النمو، وفق ما ترى ناتاليا أورلوفا، كبيرة الاقتصاديين في «ألفا بنك»، التي أشارت إلى أن المشروعات الاستثمارية الكبرى، بما في ذلك المتصلة باستضافة روسيا للمونديال صيف عام 2018، قد تم إنجازها في الربع الثالث من العام الماضي، ولا توجد حالياً مشروعات استثمارية بذلك الحجم، من شأنها توفير دعم للاقتصاد.
وحسب تقديرات سابقة عن وزارة التنمية، سجل الناتج المحلي الإجمالي نمواً في شهر مارس (آذار) الماضي بمعدل 0.6 في المائة على أساس سنوي، بعد معدل نمو بنسبة 1.4 في المائة في فبراير (شباط) و0.6 في المائة في يناير (كانون الثاني). وتتوقع الوزارة معدل نمو حتى 1.3 في المائة حصيلة العام الحالي (2019)، وحتى 2 في المائة عام 2020، ومن ثم حتى 3.1 في المائة في عام 2021.
كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وضع أمام الحكومة، ضمن ما يُعرف باسم «مرسوم مايو للمشروعات القومية»، مهمة تحقيق معدل نمو للناتج المحلي الإجمالي خلال 6 سنوات أعلى من العالمي، يسمح بدخول روسيا عام 2024 إلى قائمة أكبر 5 اقتصادات عالمياً، أي بلوغ معدل نمو أعلى من 3 في المائة، مع الحفاظ على التضخم عند مستوى لا يتجاوز 4 في المائة.
ضمن هذا الوضع، وعلى ضوء معدل النمو في الربع الأول من العام الحالي، يتساءل المحللون حول وتيرة النمو الاقتصادي في المرحلة المقبلة، وما إذا كانت ستتباطأ حتى الصفر، أو تدخل المجال السلبي في الربع الثاني من العام، أم ستستقر عند معدل 1 في المائة، وتعود لتتسارع مجدداً. وبينما رجح البعض دخول وتيرة النمو المجال السلبي في المرحلة المقبلة، يتوقع البنك المركزي الروسي معدل نمو 1.2 - 1.7 في المائة مع نهاية العام الحالي، ويعلق الآمال بأن تساهم الاستثمارات الرسمية في تنفيذ «المشروعات القومية» بتحريك عجلة النمو. ويجمع الخبراء على أن الاستثمارات الحكومية على وجه الخصوص، هي التي ستلعب دور المحرك الاقتصادي خلال السنوات المقبلة، في إشارة إلى المشروعات القومية، التي تبلغ تكلفتها 25.7 تريليون روبل (نحو 428 مليار دولار)، على أن يتم تنفيذها خلال سنوات 2019 - 2024. وتنوي الحكومة الروسية خلال هذه المدة الزمنية إنفاق 13.2 تريليون روبل (نحو 220 مليار دولار) على المشروعات في المجالات الديموغرافية، والرعاية الصحية، والتعليم، والبنى التحتية، والبيئة. ويفترض أن تخصص الأقاليم لهذه المشروعات 148 مليار روبل (2.5 مليار دولار)، على أن يساهم مستثمرون في تمويل الجزء المتبقي من الإنفاق على تلك المشروعات.



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).