تضخم الذات... عربياً

تضخم الذات... عربياً
TT

تضخم الذات... عربياً

تضخم الذات... عربياً

هل ظاهرة «الأنا المتضخمة»، التي يذكرنا بها دائماً كثير من المثقفين العرب، هي نتاج المجتمعات المتخلفة؟ نستطيع أن نقول بلا تردد: نعم.
الذات تحتل نقطة مركزية في المجتمعات الراكدة، التي تفتقر إلى التطور الفكري والثقافي، إذا لم نتحدث عن التطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. وهي ظاهرة موروثة أيضاً من القيم العشائرية التي تسود في مثل هذه المجتمعات بأشكال صريحة أو مخفية، لكنها مترسخة في لا وعينا بصورة أو بأخرى، وإن أنكرنا ذلك.
وتتضخم هذه الذات بشكل خاص عند أولئك الذين يشعرون بأنهم متقدمون على مجتمعاتهم بخطوة واحدة، أو يوهمون أنفسهم بذلك. وحين لا تمنحهم مجتمعاتهم مثل هذا الاعتراف يقومون هم بإسباغه على أنفسهم. وشيئاً فشيئاً، يتم تصعيد الأمر إلى المستوى الأدبي والمعرفي، وهو على أي حال مستوى ذو سقف محدود عموماً في مجتمعات متخلفة تبقى فيها الثقافة ظاهرة عمودية محصورة ضمن نطاق ضيق، وليست أفقية منتشرة في كل مناحي الحياة، كما في أي مجتمع متقدم.
يشعر المثقف في المجتمعات المتخلفة أنه «صنيعة نفسه»، وهذا صحيح إلى حد كبير، وأنه «بطل من طراز خاص»، شق طريقه وحيداً حتى وصل بعد جهود هرقلية إلى ما هو عليه. وبالطبع سينتظر الاعتراف بذلك، ولكن قد لا يحصل عليه. وحينها تمنح الذات نفسها هذا الاعتراف. ولكن ذلك ليس كافياً، فلا بد من عامل خارجي يشعرها بأنها على صواب في إضفائها هذه القيمة. وفي علم النفس، الذات المتضخمة تحتاج دائماً إلى إطراء خارجي حتى تشعر بالإشباع، وهي عملية لا تنتهي. وبالضرورة، ستتوقف مثل هذه الذات عن التطور الثقافي والفكري والأدبي، مكتفية بـ«مجدها» الذي صنعته في الماضي، أو تدويره في الحاضر والمستقبل.
وهذا يفسر لنا سعي بعض المثقفين المحموم ليكونوا «حاضرين» دائماً عبر الترويج لأنفسهم في الوسائل الإعلامية المختلفة، أو حث الآخرين على الكتابة عنهم. وإذا لم يجدوا هؤلاء، يقومون بالمهمة أنفسهم بأشكال مختلفة. وأتذكر هنا شاعراً معروفاً لا يكف عن الحديث عن نفسه ونتاجه في أحاديثه اليومية، والحوارات الكثيرة التي أجريت معه. وحين سأله أحد الصحافيين، في حوار منشور لماذا يقوم بذلك، أجاب بالحرف الواحد وبكل صراحة: «وماذا أفعل؟ إني أتحدث عن نفسي لأن الآخرين لا يفعلون ذلك».
هذا الشاعر ليس حالة خاصة، بل يعكس ظاهرة عامة ممتدة في الثقافة العربية منذ حقب طويلة، ويبدو أن هناك تواطؤاً مقصوداً أو غير مقصود مع هذه الظاهرة، رغم خطورتها المدمرة على القيم الإيجابية التي تسعى لتحقيقها أي ثقافة جادة.
المثقف الغربي لا يحتاج لكل ذلك. لقد أصبح، منذ حركة التنوير الأوروبي في القرن الثامن عشر، جزءاً عضوياً من مجتمع حضاري متقدم ذي تقاليد ثقافية صارمة، ولو مرجعيات عريقة وصلت إلى مستوى معرفي كبير، فأنتج مئات من الفلاسفة والمفكرين والكتاب، الذين يتصارعون فيما بينهم، ولكن في الفكر والمعرفة، والإضافة العميقة، والسعي نحو التطوير الثقافي لمنظوماتهم الفلسفية والفكرية والمعرفية القائمة، عبر كتاباتهم وإنجازاتهم التي أغنت، ليس مجتمعاتهم فقط، بل البشرية كلها.
ظاهرة «الأنا المتضخمة» في ثقافتنا لا تكشف في حقيقتها عن ثقل ثقافي وفكري، بل هي، إذا استخدمنا مصطلحاً طبياً، مجرد ورم كاذب!



ولد عام غرق «تيتانيك» وعاش الحربين العالميتين... وفاة أكبر معمر في العالم

جون تينيسوود (رويترز)
جون تينيسوود (رويترز)
TT

ولد عام غرق «تيتانيك» وعاش الحربين العالميتين... وفاة أكبر معمر في العالم

جون تينيسوود (رويترز)
جون تينيسوود (رويترز)

توفي أكبر رجل معمر في العالم عن عمر ناهز 112 عاماً.

وُلد جون تينيسوود في ليفربول في 26 أغسطس (آب) 1912، وأصبح أكبر رجل معمر في العالم في أبريل (نيسان)، وفق ما أعلنت عائلته وموسوعة «غينيس» للأرقام القياسية، الثلاثاء.

قالت عائلته في بيان نقلته صحيفة «الإندبندنت»، إن جون تُوفي يوم الاثنين في دار رعايته في ساوثبورت، ميرسيسايد، «محاطاً بالموسيقى والحب».

وقالت العائلة: «كان جون يحب دائماً أن يقول شكراً. لذا، نيابة عنه، شكراً لجميع أولئك الذين اعتنوا به على مر السنين، بمن في ذلك مقدمو الرعاية له في دار رعاية هوليز، وأطباء الأسرة، وممرضات المنطقة، والمعالج المهني، وغيرهم من موظفي هيئة الخدمات الصحية الوطنية».

وعاش تينيسوود، الذي ترك وراءه ابنته سوزان وأربعة أحفاد وثلاثة من أبناء الأحفاد، ليكون رابع أكبر رجل بريطاني في التاريخ المسجل.

وقالت عائلته: «كان لدى جون العديد من الصفات الجميلة. كان ذكياً وحاسماً وشجاعاً وهادئاً في أي أزمة، وموهوباً في الرياضيات ومحادثاً رائعاً».

وأضافوا: «انتقل جون إلى دار رعاية هوليز قبل عيد ميلاده المائة بقليل، وكان لطفه وحماسه للحياة مصدر إلهام لموظفي دار الرعاية وزملائه المقيمين».

في وقت سابق من هذا العام، أخبر موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية أنه لا يشعر «باختلاف» لبلوغه 112 عاماً.

وقال: «لا أشعر بهذا العمر، ولا أشعر بالإثارة تجاهه. ربما لهذا السبب وصلت إلى هذا العمر. أنا فقط أتعامل مع الأمر بصدر رحب مثل أي شيء آخر، لا أعرف على الإطلاق لماذا عشت كل هذه المدة».

وأضاف: «لا أستطيع التفكير في أي أسرار خاصة لدي. كنت نشيطاً للغاية عندما كنت صغيراً، كنت أمشي كثيراً. لا أعرف ما إذا كان ذلك له علاقة بذلك. لكن بالنسبة لي، أنا لا أختلف عن أي شخص. لا أختلف على الإطلاق».

بخلاف تناول السمك والبطاطا المقلية كل يوم جمعة، لم يكن جون يتبع أي نظام غذائي معين، وقال: «أنا آكل ما يقدمونه لي وكذلك يفعل الجميع».

جون تينيسوود، الذي ولد في العام الذي غرقت فيه السفينة «تيتانيك»، عاش الحربين العالميتين، وكان أكبر رجل في العالم من قدامى المحاربين في الحرب العالمية الثانية. عمل في منصب إداري في هيئة رواتب الجيش.

بالإضافة إلى الحسابات والتدقيق، كان عمله يتضمن مهام لوجيستية مثل تحديد مكان الجنود العالقين وتنظيم الإمدادات الغذائية، ثم عمل محاسباً في «شل وبي بي» قبل تقاعده في عام 1972.

وكان تينيسوود من مشجعي نادي ليفربول لكرة القدم طيلة حياته، وقد وُلد بعد 20 عاماً فقط من تأسيس النادي في عام 1892 وشهد جميع انتصارات ناديه الثمانية في كأس الاتحاد الإنجليزي و17 من أصل 19 فوزاً بالدوري.

التقى تينيسوود بزوجته بلودوين في حفل رقص في ليفربول، واستمتع الزوجان معاً لمدة 44 عاماً قبل وفاة بلودوين في عام 1986.

وأصبح أكبر رجل على قيد الحياة في أبريل (نيسان) عن عمر 111 عاماً، بعد وفاة خوان فيسينتي بيريز عن عمر 114 عاماً من فنزويلا.