حرائق تلتهم حقول القمح في العراق

TT

حرائق تلتهم حقول القمح في العراق

اتهمت الكتل الكردستانية في مجلس النواب، أمس، ما سمتها «جهات مجهولة»، بالسعي للعبث بأمن وسلامة قضاء خانقين في محافظة ديالى، ودعت رئاستي الجمهورية والوزراء إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع عمليات حرق المحاصيل الزراعية وتجريف الأراضي. واشتكى نواب عن محافظات عراقية أخرى من عمليات حرق مماثلة طالت المحاصيل الزراعية في محافظات صلاح الدين وكركوك ونينوى والأنبار. وتتراوح وجهات النظر بشأن حرائق القمح بين من يرى أنها مدبرة، وتستهدف الإضرار بمداخيل الفلاحين واقتصاد المحافظات، وبين من يرى أنها حوادث عادية ناجمة عن الإهمال والخلافات الشخصية.
وتتزامن عمليات الحرق مع موسم الحصاد الوفير الذي حققه البلاد هذا العام، وترجح وزارة التجارة أن تحصل هذا الموسم على نحو 5 ملايين طن من القمح بفضل موسم الأمطار الغزيرة، وما زالت عمليات تسويق المحصول وشرائه من الفلاحين متواصلة.
وقال شيركو ميرويس، في بيان تلاه، أمس، عن الكتل الكردستانية في مقر البرلمان الاتحادي، «لا يخفى على الجميع أن أيادي الإرهاب وبعض الجهات المجهولة تعبث بأمن وسلامة خانقين والقرى المحيطة بها، وتسعى تلك الجهات إلى الإضرار وإلحاق الأذى بالمواطنين والفلاحين في المنطقة»، وأضاف: «نتيجة تلك الممارسات الإجرامية استشهد أكثر من أربعين بين مواطنين وأفراد ومنتسبي الأجهزة الأمنية، وألحقت بالمنطقة أضرار مادية كبيرة، ولم يكتف أولئك المجرمون بذلك، بل يعمدون إلى إحراق محاصيل الفلاحين وتجريف الأراضي وزرعها بالألغام والعبوات، وخلال أسبوع واحد، خلف ذلك أربعة من الشهداء، بينهم أحد المعلمين». وقال: «نرى ضرورة أن تتدخل رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء وكل الجهات المعنية لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع هذا الظلم والاستهداف الذي سلط على تلك المدينة وأهلها».
بدوره، أكد عضو مجلس محافظة ديالى، خضير مسلم، اندلاع حرائق في حقول زراعية بمناطق مختلفة في المحافظة، مثل بلدروز وخانقين وناحية العظيم.
وعلى الرغم من الاتهامات التي صدرت لجهات مجهولة بالوقوف وراء عمليات الحرق، إلا أن مسلم يستبعد، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، فرضية «الحوادث المدبرة أو الإرهابية» ويرى أنها «ربما تنجم عن إهمال أو ضعف الإجراءات المتخذة في مجال مكافحة الحرائق». كما أنه لا يستبعد فرضية أن تقف وراء عمليات الحرق «أسباب شخصية وخلافات بين المزارعين».
كانت مصادر من محافظة ديالى تحدثت عن «تحوّل المزارعين هناك إلى حرّاس ليليين لحماية حقولهم». لكن رئيس لجنة الزراعة في مجلس محافظة ديالى حقي الجبوري، يرجح فرضية «التخريب المتعمد لاقتصاد المحافظة». وذكر الجبوري، في تصريحات، أن «الأيام الماضية شهدت اندلاع عدة حرائق في مزارع الحنطة بالمحافظة، والغريب في الأمر أنها حدثت خلال الليل».
وفي محافظة صلاح الدين المحاذية لمحافظة ديالى، طالب نواب بإعلان الطوارئ، والتعامل مع ملف الحرائق مثل التعامل مع ملف الفيضانات، كما طالبوا بإعلان المحافظة منكوبة بسبب عمليات الحريق الواسعة التي تعرضت لها محاصيل المحافظة.
وأعلن النائب جاسم جبارة، أمس، عن أن حرائق صلاح الدين طالت حقول القمح والشعير في مناطق بيجي وسبايكر وشيشين وغرب منطقة علاس وجبل حمرين وجلام الدور وبرية العلم وطريق تكريت كركوك وأيسر الشرقاط والإسحاقي ويثرب جنوب قضاء بلد. وقال جبارة، في بيان، «نحتاج تدخلاً حكومياً فورياً وغرفة عمليات أسوة بالفيضانات، وتعزيز آليات اختصاصيه للانتشار والمعالجة في صلاح الدين». بدوره، طالب رئيس حزب «المسار المدني»، مثنى عبد الصمد السامرائي، أمس، الأجهزة الأمنية والاستخبارية، بإجراء تحقيق عاجل في حرائق صلاح الدين، وكشف الأسباب الحقيقية الكامنة وراءها. وأعرب السامرائي، في بيان، عن «استغرابه من أسلوب اللامبالاة، وعدم اتخاذ المحافظ والحكومة المحلية في المحافظة أي إجراءات لمنع استمرار هذه الحرائق»، مطالباً رئيس الوزراء بـ«التدخل وإعلان حالة الطوارئ، واعتبار المناطق التي تعرضت للحرائق مناطق منكوبة،».
ونقل ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي لاحقاً إعلان محافظ صلاح الدين العثور على أجهزة خاصة لحرق المحاصيل الزراعية تقوم جهات تخريبية باستعمالها، لكن رئيس مجلس محافظة صلاح الدين، مروان جبارة، رفض تأكيد أو نفي الخبر، وأكد لـ«الشرق الأوسط»، عمليات الحرق التي طالت حقول المزارعين. وقال: «أرى أن الموضوع يتعلق بأسباب كثيرة، منها قلة الوعي ورمي أعقاب السجائر في كل مكان، وهناك ضعف في إمكانات الدفاع المدني التي يجب تعزيزها بالآليات والطائرات الحديثة، إلى جانب ما تسببه أسلاك الكهرباء المقطوعة من حرائق، وذلك كله لا ينفي فرضية التخريب المتعمد».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.