الجيش الليبي يَعِد بـ«حسم قريب» لمعارك طرابلس

«داعش» يهاجم حقلاً نفطياً في الجنوب ويقتل جنديين

TT

الجيش الليبي يَعِد بـ«حسم قريب» لمعارك طرابلس

اعتبر الجيش «الوطني الليبي» أن «الحسم بات قريباً»، في المعارك التي يخوضها لـ«تحرير» العاصمة طرابلس من القوات الموالية لحكومة «الوفاق»، التي يترأسها فائز السراج. وفي غضون ذلك، تبنى تنظيم «داعش» أحدث هجوم من نوعه على حقل «زلة» النفطي جنوب ليبيا.
وجاءت هذه التطورات، فيما قالت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، إن رئيسها غسان سلامة، أنهى أمس، زيارة عمل لمدة ثلاثة أيام إلى العاصمة الأميركية، لم يسبق الإعلان عنها.
وأوضحت البعثة في بيان لها أمس، أن سلامة أجرى ما وصفته بـ«مباحثات معمقة مع كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية»، بالإضافة إلى الكونغرس الأميركي، مشيرةً إلى أن «هذه الزيارة تأتي ضمن جهوده المكثفة الهادفة إلى إيجاد موقف دولي موحد يساعد ‫ليبيا في الخروج من محنتها الراهنة».
ميدانياً، لقي جنديان مصرعهما «ذبحاً» في هجوم مفاجئ شنته عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي على بوابة تابعة للحقل، بينما عُثر على أربعة حراس أحياء وبصحة جيدة، كانوا مخطوفين إثر الهجوم، الذي وقع في ساعة مبكرة من صباح أمس.
وأعلنت شعبة الإعلام الحربي، التابعة لـ«الجيش الوطني» الذي يقوده المشير خليفة حفتر، أن قواتها قتلت ثلاثة من عناصر تنظيم «داعش» لدى تصديها لما وصفته بهجوم إرهابي غادر على بوابة حقل «زلة» النفطي، التابع لشركة «الزويتينة»، مشيرةً في بيان لها إلى أن المعلومات الأولية تفيد بأن من قام بهذا الهجوم الإرهابي مجموعة تنتمي إلى «داعش».
وتعد منطقة «زلة» واحدة من خمس مناطق وبلدات تابعة لبلدية الجفرة، التي تقع على 650 كلم جنوب شرقي العاصمة طرابلس. ويعد هذا الهجوم الإرهابي الثالث من نوعه في أقل من شهر، الذي يستهدف مواقع يسيطر عليها «الجيش الوطني» في الجنوب.
وكان من بين قتلى تنظيم «داعش» الإرهابي أحمد بن ناصر «خضروات»، الملقّب بجزار التنظيم وأحد أبرز أعضائه الدمويين، حيث اكتسب شهرته من عملية ذبح لمدني وسط مدينة بنغازي قبل سنوات.
بدوره، قال «الجيش الوطني» في بيان للمركز الإعلامي لغرفة عمليات «الكرامة»، أمس، إن الهجوم الإجرامي، الذي حدث في «زلة»، جاء بعد يوم واحد من تحريض المستشار الخاص لفائز السراج، رئيس حكومة «الوفاق» المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، على الهجوم على الحقول النفطية. لكن حكومة السراج أدانت بدورها الهجوم، وقالت في بيان، أمس، إن تنظيم «داعش» يستغل الفراغ الأمني للتوسع، وربطت ما بين هذا الهجوم والعملية التي يشنها «الجيش الوطني» منذ نحو شهر ونصف لـ«تحرير» طرابلس.
وقالت مصادر محلية إن الهجوم استهدف البوابة، التي تعد بمثابة مدخل الحقل النفطي، الذي يحمل اسم «زلة» (نسبةً إلى المنطقة) ويتبع شركة «الزويتينة»، علماً بأن الحقل خارج الخدمة منذ تعرضه قبل نحو أربع سنوات لهجوم مماثل نفّذه تنظيم «داعش».
وحسب مصادر أمنية محلية من مدينة «زلة» فقد تم العثور على جثتي اثنين من أفراد بوابة الحماية بعد تعرضهما للهجوم، الذي نفّذه تنظيم «داعش» إثر تسلل إلى المنطقة من الصحراء.
من جهته قال مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة الوطنية الليبية للنفط، إن استمرار حالة عدم الاستقرار في البلاد قد تؤدي إلى فقدان 95% من الإنتاج. ونقلت وكالة «رويترز» عن صنع الله قوله للصحافيين في جدة، قبيل اجتماع لجنة المراقبة الوزارية المشتركة لمنتجي النفط من «أوبك» وخارجها: «للأسف، إذا استمر الوضع على هذا المنوال فأخشى أننا قد نفقد 95% من الإنتاج».
وفي سياق المعارك التي تشهدها طرابلس، أوضح المركز الإعلامي لغرفة عمليات «الكرامة»، التابعة للجيش الوطني، في بيان له صباح أمس أن «الحسم بات قريباً» في العاصمة طرابلس، لافتاً إلى توجيه ما وصفه بـ«ضربات موجعة لمواقع وتمركزات الميليشيات المسلحة الموالية لحكومة السراج».
وواصلت قوات الجيش ضرب عدة مواقع للميليشيات المسلحة في طرابلس، باستخدام سلاح الطيران العمودي، حيث تحدث سكان محليون وشهود عيان عن قصف عنيف استهدف عدداً من الضواحي، أبرزها في النقلية وطريق المطار، حيث مقر الميليشيات، التي يقودها عبد الغنى الككلي المعروف باسم «أغنيوة».
ويعد هذا القصف هو الأعنف من نوعه منذ أن أمر المشير حفتر قواته في الرابع من الشهر الماضي بالتحرك لتحرير طرابلس.
ووجه المركز في بيان منفصل رسالة إلى عناصر الميليشيات المسلحة، التي تقاتل الجيش الوطني على تخوم طرابلس، قائلاً: «إلى كل (ميليشياوي) ظالم مارس حقارات الإذلال لأبناء شعبنا الطيب، اهربوا أيها الجبناء الذين تدّعون البطولات قبل أن نسجلها لكم بالصوت والصورة بكائياتكم ودموعكم ولحظات ذلّكم».
ودعا الجيش الوطني سكان طرابلس إلى استغلال تشييع جثامين ضحايا الاعتداءات الأخيرة في طرابلس من السكان المدنيين، ضد الميليشيات المسلحة.
وكانت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها قوات موالية لحكومة السراج قد أعلنت أن قواتها سيطرت على آلية مسلحة، واعتقلت جنديين من قوات الجيش الوطني. وقالت إن قوات المنطقة العسكرية الغربية، المتمركزة في نقاط متقدمة بمحور السبيعة، سيطرت على مدرعة وتعاملت مع آليات أخرى، فيما قال العقيد محمد قنونو، الناطق الرسمي باسم قوات السراج، إن طائرات حربية تابعة له نفذت ثلاث طلعات قتالية استهدفت تمركزات للجيش، وموقعاً تستخدمه كمخزن للذخيرة.
في غضون ذلك، أحبطت أجهزة الأمن المصرية بمحافظة مرسي مطروح، أمس، محاولة تسلل 21 شخصاً بطريقة غير مشروعة إلى الجانب الليبي عبر الدروب الصحراوية بالسلوم.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».