ضعف الاقتصاد التركي يحد من التبادل التجاري مع السعودية

السفارة السعودية في تركيا حثّت الراغبين في الاستثمار على التواصل معها

تركي يعاين أسعار العملات مقابل الليرة التركية في إسطنبول (إ.ب.أ)
تركي يعاين أسعار العملات مقابل الليرة التركية في إسطنبول (إ.ب.أ)
TT

ضعف الاقتصاد التركي يحد من التبادل التجاري مع السعودية

تركي يعاين أسعار العملات مقابل الليرة التركية في إسطنبول (إ.ب.أ)
تركي يعاين أسعار العملات مقابل الليرة التركية في إسطنبول (إ.ب.أ)

انخفض حجم التبادل التجاري بين السعودية وتركيا بنسبة 25 في المائة خلال الفترة الماضية، في وقت حثّت فيه السفارة السعودية في تركيا مواطنيها الذين لديهم مشاكل مع أصحاب العقار أو الراغبين في الاستثمار بالتواصل مع السفارة أولاً لمعرفة الإجراءات القانونية الواجب اتباعها، ومصداقية الشركات.
وأصدرت السفارة السعودية في تركيا، أول من أمس، بياناً قالت فيه: «السفارة السعودية ورد إليها كثير من شكاوى المواطنين المستثمرين والملاك، حول المشاكل التي تواجههم في مجال العقار في تركيا، مثل عدم حصولهم على سند التمليك أو الحصول على سندات تمليك مقيدة برهن عقاري، إضافة إلى منعهم من دخول مساكنهم رغم تسديد كامل قيمة العقار وتهديدهم من قبل الشركات المقاولة».
وأوصت السفارة في أنقرة والقنصلية السعودية في إسطنبول السعوديين ممن لديهم مشاكل مع أصحاب العقار أو الراغبين في الاستثمار بالتواصل أولاً مع السفارة لمعرفة الإجراءات القانونية الواجب اتباعها، ولمعرفة مصداقية الشركات العاملة في هذا المجال.
من جانبه، يقول عبد العزيز الجعيثن، المحامي والمستشار القانوني لـ«الشرق الأوسط»: «أوصت السفارة السعودية في أنقرة والقنصلية العامة في إسطنبول بالرجوع إليها في حال رغبة المواطنين بالاستثمار في تركيا، وذلك من أجل معرفة مصداقية الشركات العقارية العاملة هناك، وهذا دليل على حرص الممثليات السعودية في الخارج على سلامة استثمارات السعوديين هناك، وهو أيضا يرتب واجبا على من يرغب في الاستثمار هناك بالعودة إلى الممثليات السعودية وأخذ رأيهم، فقد يكون مثلا هناك نوعيات من عمليات النصب والاحتيال، أو قد يكون هناك نوع من عدم الاستقرار الاقتصادي أو السياسي وهكذا، والممثليات السعودية في الخارج أقدر في التوعية والتحذير قبل الإقدام على خطوة مماثلة».
إلى ذلك، قال مازن رجب رئيس مجلس الأعمال السعودي التركي لـ«الشرق الأوسط»، إن «الاستثمارات السعودية في تركيا التي تنوعت بين العقارية والمالية والاتصالات والصناعة والطاقة، انخفضت بنسبة كبيرة»، مشيراً إلى أن حجم التبادل التجاري بين السعودية وتركيا هبط خلال الفترة الماضية من ثمانية مليارات دولار إلى ستة مليارات دولار، أي بمعدل 25 في المائة.
وعزا انخفاض حجم التبادل التجاري إلى حالة الانكماش التي يمر بها الاقتصاد التركي منذ أكثر من سنتين، والتي تبين المؤشرات استمراره مع استمرار معدلات التضخم العالية التي بلغت 20.35 في المائة سنوياً فيما بلغ التضخم أعلى مستوى له في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بواقع 25 في المائة، إضافة إلى نسبة الفوائد البنكية المرتفعة أيضاً.
وأضاف أن تركيا أصدرت تنظيمات جديدة لترغيب المستثمرين في الحصول على العقار، من بينها منح الجنسية التركية لمتملكي العقار، والذي لم يلق أي قبول عند السعوديين لعدم رغبتهم أو توجههم لهذا النوع من الامتياز.
ووصف رجب بيئة الاستثمار في تركيا بغير الجاذبة للمستثمرين الخارجيين بسبب التضخم المرتفع وانخفاض سعر الليرة وتذبذبه، مبيناً أن انخفاض العملة لا يعادل انخفاض العقارات في السوق المحلية بخلاف مؤشرات استمرار انخفاض العملة ما يعني مزيداً من انخفاض قيمة الأصول، إذ انخفضت العملة التركية بواقع 30 في المائة خلال سنة فقط بينما يتجاوز الانخفاض 300 في المائة خلال السنوات الخمس الماضية.
وتعتزم تركيا إعادة فرض ضريبة بنسبة 1 في المائة على بعض معاملات العملات الأجنبية في خطوة ستزيد من إيرادات الموازنة لكنها تزيد القلق من اضطلاع الحكومة بدور أكبر في إدارة السوق، وسيتم فرض الضريبة - التي ظلت عند مستوى الصفر لأكثر من 10 سنوات - على بائعي العملات الأجنبية، وفقا لقرار رئاسي.
وأوضح القرار أن تلك الضريبة لن تنطبق على سوق الإنتربنك والمعاملات الائتمانية، وبلغ متوسط حجم التداول في السوق الفورية للعملات الأجنبية في تركيا نحو 6.3 مليار دولار في أبريل (نيسان).



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.