«إذن هي الحرب؟»... يتردد هذا القول اليوم في جلسات العراقيين الذين لم يمض وقت طويل على خروجهم من حرب دامية ضد تنظيم «داعش» الإرهابي، إذ بات التوتر المتصاعد بين واشنطن وطهران حديث أبناء البلد الذي يشكل اليوم مسرح صراع نفوذ بين الخصمين اللدودين.
مع سماع صوت آذان المغرب في العاصمة بغداد، تخلو الشوارع من المارة في هذه الأيام من شهر رمضان، يعود الصائمون إلى بيوتهم لتناول الإفطار، ويقول سائق الأجرة أبو حمودي: «المدينة فارغة، كأننا في أيام الحرب».
وأصدرت وزارة الخارجية الأميركية، ليل الثلاثاء - الأربعاء، تعليمات بسحب كل الموظفين الأميركيين غير الأساسيين من السفارة الأميركية في بغداد والقنصلية الأميركية في إربيل «بسبب التزايد المتواصل للتهديدات»، فيما وجه مسؤولون أميركيون أصابع الاتهام إلى «ميليشيات عراقية تحت سيطرة الحرس الثوري الإيراني».
وجاء ذلك بعد تسارع وتيرة التصعيد بين الولايات المتحدة وإيران منذ أسابيع، مع إرسال واشنطن مجموعة بحريّة مؤلفة من حاملة الطائرات «يو إس إس لينكولن» وقطع أخرى، إضافة إلى قاذفات «بي - 52». إلى الخليج، للتصدّي لتهديدات طهران، بحسب قولها.
وكان اسم «يو إس إس لينكولن» رناناً على مسامع أهل العراق الذين يكادون يندهشون من أي استقرار أمني بعد حروب على مدى ثلاثة عقود شهدتها بلادهم، ويقول أبو حمودي، الخمسيني الذي يقود سيارة صفراء إيرانية الصنع: «لينكولن يعني أن المنطقة على وشك ضربة محتملة»، ويضيف: «أذكر تماماً كيف قصفت البارجة بغداد في عام 1991. كانت ليلة مرعبة، لم يتوقع أحد حينها أن تحصل ضربة، لكنها حصلت».
وكان الرجل يتحدث عن غزو العراق للكويت الذي استدعى تدخلاً من الولايات المتحدة التي شنت حرباً خاطفة سمّيت بـ«عاصفة الصحراء».
ووقعت تلك الحرب بعد ما يقارب العامين من انتهاء حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران والتي استمرت ثمانية أعوام.
وفي منطقة الكرادة المكتظة في وسط بغداد، تنشط النقاشات بين الجالسين على طاولات في المقاهي يحتسون الشاي والقهوة. وقد تختلف آراؤهم حيال اندلاع الحرب، لكن غالبيتهم يعتبرون أن «يو إس إس لينكولن» لا تتحرك من دون هدف معيّن.
وللمفارقة، على متن «يو إس إس لينكولن»، أعلن جورج بوش الابن (الرئيس الاميركي الاسبق) في الأول من مايو (أيار) 2003 انتهاء «العمليات القتالية الكبرى» في العراق، وكانت خلفه لافتة حينها كتب عليها «المهمة أنجزت».
ويقول الكاتب حسين رشيد (45 عاماً): «الحرب قائمة لا محال. في عام 1991، كانت (أبراهام لينكولن) تقصف العراق، لدينا ذكرى سيئة عنها».
على الرصيف المقابل، في أحد أشهر مقاهي العاصمة، تؤكد الناشطة المدنية أيسر جرجفجي (59 عاماً) أن حاملة الطائرات الشهيرة «لا تتحرك لمجرد ضغط نفسي، بل تخرج لمهمة، ولا تعود إلا إذا دفع أحدهم أجرة عودتها».
رغم ذلك، يحتفظ عراقيون آخرون بتفاؤلهم، ومن بينهم الأستاذ الجامعي عيسى العبادي الذي يعرب عن أمله بـ«صفقة لحل هذه الأزمة»، ويرى أن على الجميع أن ينتصر في الحرب و«الانتصار في الحرب، هو تجنبها».
«أبراهام لينكولن» توقظ ذكرى الحرب في أذهان العراقيين
«أبراهام لينكولن» توقظ ذكرى الحرب في أذهان العراقيين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة