حكومة الثني تعترف: طرابلس في قبضة الجماعات المسلحة

ليبيا تستدعي سفيرها في أنقرة احتجاجا على تصريحات إردوغان

الدخان يتصاعد في سماء مدينة بنغازي اثر انفجارات أمس (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد في سماء مدينة بنغازي اثر انفجارات أمس (أ.ف.ب)
TT

حكومة الثني تعترف: طرابلس في قبضة الجماعات المسلحة

الدخان يتصاعد في سماء مدينة بنغازي اثر انفجارات أمس (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد في سماء مدينة بنغازي اثر انفجارات أمس (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الليبية المؤقتة من ملجأها الآمن في شرق البلاد أنها فقدت السيطرة على معظم الوزارات ومؤسسات الدولة في طرابلس بعدما بسطت جماعات مسلحة متناحرة سيطرتها على العاصمة.
وقالت الحكومة التي يقودها رئيس الوزراء عبد الله الثني في بيان رسمي نشره موقعها الإلكتروني على شبكة الإنترنت «نعلن أن أغلب الوزارات ومؤسسات الدولة بالعاصمة طرابلس هي خارج سيطرتنا، وأنها محتلة بعد محاصرتها واقتحامها ومنع موظفيها من دخولها، وبات من الخطورة الوصول إلى مقار أعمالهم، دون تعرضهم لخطر الاعتقال أو الاغتيال».
وأضاف البيان: «وحتى يتم تأمين الدولة ومقارها العامة فإن الحكومة ستعمل من أي مدينة ليبية مع استمرار تواصلها بكافة موظفي الدولة والمؤسسات العامة بالعاصمة طرابلس، وستقوم بتسيير الأعمال وما تكلف به إلى حين تكليف حكومة جديدة». وتقع كل الوزارات والمؤسسة الوطنية للنفط والبنك المركزي في طرابلس.
وترفض القوات الجديدة التي تسيطر على طرابلس - وبعضها لهم توجهات إسلامية - الاعتراف بمجلس النواب الذي انتقل إلى طبرق ويحظى الليبراليون بتمثيل قوي فيه.
وأعادت القوات التي سيطرت على طرابلس البرلمان السابق الذي يعرف باسم المؤتمر الوطني العام وبه تمثيل قوي للإسلاميين.
ومع تزايد الفوضى في البلاد تخشى القوى الغربية والدول المجاورة لليبيا أن تتحول إلى دولة فاشلة مع افتقار الحكومة لدعم من الجيش أو الشرطة حتى تسيطر على الجماعات المسلحة المتناحرة.
في غضون ذلك، صوت 64 نائبا لصالح استمرار الثني في رئاسة الحكومة الجديدة من بين 104 أعضاء حضروا الجلسة التي عقدها البرلمان الليبي بمقره المؤقت في مدينة طبرق، وفقا لما أبلغه الناطق الرسمي باسم مجلس النواب الليبي فرج بوهاشم لـ«الشرق الأوسط».
وكان البرلمان قد ناقش مقترحين يقضي الأول بإعادة الثني أو فتح باب الترشح لرئاسة الوزراء، قبل أن ينتصر الرأي المؤيد لاستمرار الثني لتشكيل حكومة من 18 حقيبة وزارية، منها سبع وزارات كحكومة أزمة مصغرة. وطلب مجلس النواب من الثني تشكيل الحكومة الجديدة خلال فترة زمنية لا تتعدى أسبوعين.
وكان الثني رئيسا للوزراء منذ مارس (آذار) الماضي لكنه واجه تحديا من برلمان مواز يرفض الاعتراف بالمجلس المنتخب.
ويعتزم مجلس النواب الليبي في جلسته اليوم مشروع قانون مكافحة الإرهاب، الذي تم إدراجه بالفعل على جدول أعمال البرلمان. وقال فرج بوهاشم الناطق الرسمي باسم المجلس لـ«الشرق الأوسط» بأن «الهدف من المشروع كشف الجماعات المتطرفة التي ترفع شعارات إسلامية».
من جهة ثانية علمت «الشرق الأوسط» أن مجلس النواب الليبي يتجه رسميا لإقالة الشيخ الصادق الغرياني من منصبه كمفت للبلاد عقب هروبه المفاجئ من بريطانيا إلى تركيا بعد قطر، كما يستعد لمناقشة مشروع قانون جديد لمكافحة الإرهاب بهدف الحد من نفوذ الجماعات الإسلامية المتطرفة في البلاد، في وقت أعاد المجلس فيه تكليف عبد الله الثني رئيس الحكومة الانتقالية السابق، بتشكيل حكومة أزمة مصغرة تضم 18 حقيبة وزارية فقط.
وقال فرج بوهاشم الناطق باسم البرلمان الليبي لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيتم الفصل في موضوع المفتي قريبا، في إشارة إلى اعتزام المجلس الإطاحة بالمفتي من منصبه الذي يتولاه منذ نحو ثلاث سنوات.
ورفض مسؤولون مقربون من المفتي ومصادر في دار الإفتاء الليبية التعليق رسميا لـ«الشرق الأوسط» على مغادرة المفتي بشكل مفاجئ العاصمة البريطانية لندن عقب ظهور مؤشرات رسمية على اهتمام الأمن الداخلي البريطاني به على خلفية دوره الداعم للميلشيات المتطرفة في ليبيا.
وقالت تقارير صحافية بريطانية إن المفتي جذب انتباه السلطات البريطانية التي كانت تخطط على ما يبدو لاتخاذ الإجراءات المناسبة ضده، بعدما ظهر كقائد فعلي للحركات المتطرفة في ليبيا عبر نشاطه على شبكة الإنترنت من خلال قناة تلفزيونية وعدة مواقع إلكترونية تابعة له.
وقالت مصادر ليبية إن المفتي ربما غادر إلى قطر، لكن برلمانيا سابقا قال في المقابل بأن «وجهته ستكون تركيا للتمتع بالهدوء الذي ستوفره له».
أبلغت السفارة الليبية في القاهرة وسائل الإعلام رفض طرابلس للتدخلات التركية في شؤونها الداخلية، وذكرت في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه أن مجلس النواب الليبي قرر استدعاء السفير الليبي في أنقرة احتجاجا على تصريحات الرئيس التركي رجب طيب عقب مراسم تنصيبه، حول مجلس النواب الليبي المنتخب، مما أثار ردود فعل غاضبة من قبل الجهات الرسمية الليبية والتي استنكرت تدخله في الشأن الليبي.
وكان إردوغان قد صرح قائلا: «أساسا لا يمكن القبول باجتماع البرلمان الليبي في طبرق»، معتبرا أن هذا «خطأ جدي»، وأضاف «لماذا يجتمع البرلمان في طبرق وليس في العاصمة الليبية طرابلس، نحن لا نقبل بهذا أصلا، هذا أمر غير مقبول، هنا نحن في مواجهة وضع غير صحيح، ولهذا فإن ما حصل في طبرق هو عملية نزوح وتشريد للبرلمان».
واستنكر بو هاشم تصريحات إردوغان، قائلا إن «ذلك يعتبر تدخلا في الشأن الليبي وهو أمر مرفوض بشكل قاطع.. نرفض تصريحات الرئيس التركي وتدخله في الشأن الليبي»، وفق تعبيره. فيما علق مصدر ليبي قائلا: «هل طبرق تقع في الأراضي الليبية أم التركية؟ وألا تعد مدينة طبرق جزءا من التراب الليبي؟ أم ماذا يقصد المسؤول التركي الذي يريد تسميم الأجواء السياسية بين أبناء الشعب الليبي ويفسد أي تقدم في العملية السياسية».
وأضاف المصدر «نحن نقدر تركيا ونعتبرها دولة صديقة تربطها مصالح مع ليبيا، وإذا كانت تريد الحفاظ على هذه المصالح فنحن نرفض أي تدخل في الشؤون الليبية، ونأمل ألا تتكرر التدخلات التركية وهذه التصريحات العبثية».
وبدورها، استنكرت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الليبية تصريحات الرئيس التركي حول مجلس النواب المنتخب الليبي، واعتبرت - في بيان لها - أن تصريحات إردوغان تدخلا سافرا في الشؤون الليبية.
وطالبت الخارجية الليبية الحكومة التركية بـ«توضيح ما إذا كانت تصريحات إردوغان تمثل موقفها الرسمي أم هو موقف شخصي للرئيس التركي». وأشار البيان إلى أن إردوغان اتصل في وقت سابق برئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح قويدر يوم 17 أغسطس (آب) 2014، وهنأه بعقد جلسات مجلس النواب في طبرق، مؤكدا اعتراف بلاده بمجلس النواب جهة شرعية وحيدة في ليبيا ودعمه بمناسبة بدء أعماله.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.