مصر تواصل اتصالاتها لتحديد موعد استئناف مفاوضات غزة

نتنياهو يدرس إتخاذ خطوات أحادية

مبنى الخارجية المصرية
مبنى الخارجية المصرية
TT

مصر تواصل اتصالاتها لتحديد موعد استئناف مفاوضات غزة

مبنى الخارجية المصرية
مبنى الخارجية المصرية

قالت مصادر دبلوماسية مصرية لـ«الشرق الأوسط» إن القاهرة تواصل اتصالاتها مع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي لتحديد الموعد المناسب للطرفين لاستئناف المفاوضات التي نص عليها بيان وقف إطلاق النار في غزة. غير أن مسؤولين إسرائيليين مقربين من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رجحوا أنه لن يرسل وفدا إلى مصر وأنه يتجه لاتخاذ خطوات أحادية الجانب.
وتوصل الفلسطينيون والإسرائيليون إلى وقف لإطلاق النار بعد حرب دامت 50 يوما على القطاع أسفرت عن مقتل أكثر من ألفي فلسطيني وإصابة أكثر من 10 آلاف آخرين. واتفقت الأطراف المعنية بالنزاع، بإشراف مصري، على وقف إطلاق النار ثم مناقشة القضايا الخلافية بين الطرفين في غضون شهر. وقالت المصادر الدبلوماسية إن ما توصل إليه في القاهرة «يحظى بدعم دولي واسع، وهو الأمر الذي يؤشر نجاح المفاوضات التي من المقرر أن تعقد في غضون الأيام المقبلة»، مؤكدة أن الاتصالات تجري بين جميع الأطراف دون توقف.
وفي غضون ذلك، وصل القاهرة أمس مصطفى البرغوثي، أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية، قادما من رام الله على رأس وفد فلسطيني في زيارة لمصر تستغرق عدة أيام يلتقي خلالها مع كبار
المسؤولين والشخصيات المصرية. وصرحت مصادر فلسطينية مطلعة كانت في استقبال البرغوثي بأن الوفد «سيبحث أحدث تطورات الوضع في قطاع غزة والأراضي المحتلة على ضوء مبادرة التهدئة التي نجحت مصر في إقرارها في القطاع والاستعدادات الخاصة لبدء جولة المفاوضات
غير المباشرة للتوصل إلى حل بشأن النقاط الخلافية والإعداد لعقد المؤتمر الدولي لدعم قطاع غزة ومساعدته في إزالة آثار العدوان الإسرائيلي».
وفي سياق متصل، نقلت القناة العبرية العاشرة، مساء أمس، عن مسؤولين وصفتهم بـ«الكبار ومقربين» من نتنياهو أن الأخير يدرس عدم إرسال فريق للتفاوض بالقاهرة بشكل غير مباشر مع حماس بشأن اتفاق وقف إطلاق النار.
ووفقا للمسؤولين، فإن الانطباع السائد بأنه ليس لدى نتنياهو النية في استئناف المفاوضات رغم التصريحات التي تشير إلى أن المحادثات ستنطلق خلال أيام في القاهرة. ورجحوا أن نتنياهو ربما يلجأ لاتخاذ خطوات أحادية الجانب من دون تقديم تنازلات لحركة حماس أو لغيرها بشأن فتح المعابر وتوسيع منطقة الصيد والشروط الأخرى التي تطالب بها الحركة.
وقالت المصادر ذاتها إن نتنياهو أجرى محادثات مغلقة مع مقربين منه تناولت قضايا نزع سلاح الفصائل الفلسطينية ورأى أنه من الصعب تحقيق ذلك في الوقت الحالي، كما أنه من الصعب على إسرائيل أن توافق على أشياء من قبيل بناء مطار وميناء في غزة.
وحذر المسؤولون الإسرائيليون الذين شاركوا في الاجتماعات مع نتنياهو من الانسحاب من الضفة الغربية وأن ذلك سيتيح لحماس الاستيلاء على تلك المناطق وتنفيذ هجمات ضد إسرائيل.
ونقلت تلك المصادر عن نتنياهو قوله خلال الاجتماعات المغلقة «إذا انسحبت إسرائيل من الضفة الغربية ستبنى مدن من الأنفاق وتصل إلى كفار سابا وهشارون».



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».