نصر الحريري: على الأمم المتحدة استصدار قرار بإبطال الفيتو الروسي

نصر الحريري
نصر الحريري
TT

نصر الحريري: على الأمم المتحدة استصدار قرار بإبطال الفيتو الروسي

نصر الحريري
نصر الحريري

طالبت هيئة التفاوض السورية المجتمع الدولي بإنقاذ اتفاق «سوتشي» وإيقاف الحملات العسكرية ومساندة وإغاثة السوريين في تلك المناطق المنكوبة، في ظل وجود 375 ألف سوري تم تفجير مساكنهم وتهجير الكثير منهم، مؤكدة في الوقت نفسه أن الحوار الروسي الأميركي عامل مساعد للملف السوري عموما، منوهة بأن الطيران الروسي يلاحق عداد كبيرا ممن حاولوا الملاذ بالمزارع.
وقال نصر الحريري رئيس هيئة التفاوض السورية لـ«الشرق الأوسط» إن عدد الشهداء بلغ أكثر من 200 شهيد وعدد الجرحى أكثر من 700 جريح، وعدد المنشآت التي تم استهدافها 18 بالإضافة إلى 17 مدرسة، والعمل معلق فيها، بالإضافة إلى الاستهداف بالصواريخ والبراميل المتفجرة للمزارع والمساكن والمتاجر والأسواق.
وأضاف الحريري: «كانت لنا جولة قبل يومين، من بينها كان لنا لقاء مع المسؤولة عن ملف المعتقلين بالأمم المتحدة، بهدف وضع الأمم المتحدة فيما يجري في إدلب، كما ناقشنا ملف المعتقلين والخطوات التي نقوم بها لتفعيل ملفات المعتقلين وإحراز تقدم فيه، وشرحنا آثار ذلك على العملية السياسية»، داعيا الأمم المتحدة أن تقوم بدورها في التواصل مع جميع الأطراف، وحمل الروس على إيقاف حملاتهم العسكرية.
وقال نصر الحريري: «هناك تواصلات أميركية روسية بجانب دول أخرى، ومجموعة العمل الروسية التركية للعمل من أجل القضية السورية، لإيقاف الحملة العسكرية، نتمنى ألا ترضخ الأمم المتحدة لحق الفيتو الروسي، لأن روسيا أصبحت طرفا في النزاع».
وطالب الحريري الأمم المتحدة باستصدار قرار بمواجهة روسيا كدولة طرف لا يحق لها استخدام الفيتو، وإلا فسيصبح مجلس الأمن في حالة حرب مع عصابة دائمة، مشدداً على ضرورة إصدار قرارات جدية حاسمة توقف العملية العسكرية وتدفع باتجاه تحقيق المبادئ الإنسانية، وعلى رأسها ملف المعتقلين ودفع الحل السياسي قدما نحو الأمام.
وأكد الحريري أن الجولة استكمال للجهود المبذولة مع كافة الأطراف المعنية لإيقاف العمل العسكري في شمال غربي سوريا، والتواصل مع الأطراف مثل تركيا كضامن في اتفاق «سوتشي»، والمجتمع الدولي والأمم المتحدة، وأميركا والمجموعة المصغرة، مجموعة أصدقاء سوريا.
وقال: «كان لنا في الأيام القليلة الماضية مجموعة من النشاطات، أولها لقاء مع وزير الخارجية التركي، ناقشنا القضايا المهمة، وعلى رأسها الوضع في إدلب وشمال سوريا، والعملية السياسية وعملية تشكيل اللجنة الدستورية، بالإضافة إلى التطورات في منطقة شمال غربي سوريا».
وتابع: «في موضوع إدلب كان هناك اهتمام من قبل الأتراك، من أجل استمرار النقاش مع الروس واحترام الاتفاقيات التي وقع عليها الطرفان، وإيقاف الحملة العسكرية في شمال غربي سوريا، وتم التأكيد على أن ذلك يمثل خرقا واضحا من قبل النظام، لهذه الاتفاقية؛ حيث إن الاستهداف تجاه المدنيين بالدرجة الأولى».
وأكد الحريري أن النظام يستخدم الإرهاب ذريعة بالتعاون مع الروس والإيرانيين من أجل استهداف المدنيين وبسط سيطرتهم على هذه المنطقة، في ريف الشمال.
وأضاف: «لدينا كمعارضة موقف مشترك مع الأتراك بضرورة معالجة ملف هيئة تحرير الشام والتخلص من كل التنظيمات الإرهابية، سواء داعش أو القاعدة أو غيرهما من الميليشيات ولكن في نفس الوقت لا نريد استبدال تنظيمات إرهابية وإحلال مجموعات إرهابية أخرى»، مشيرا إلى أن النظام السوري يستخدم إرهاب الدولة الممنهج تجاه الشعب السوري.
ولفت إلى أن هناك عشرات الميليشيات الإيرانية الإرهابية، بجانب تنظيمات انفصالية أخرى كقوات سوريا الديمقراطية التي استخدمت خلال الأيام الماضية نقاطا للجيش الوطني السوري، ومواقع أخرى تركية، لحملتها العسكرية.
وأوضح الحريري أنه قبل يومين كان هناك استهداف لنقاط المراقبة، وهذا ينذر بإمكانية رفع التصعيد على الحدود السورية، ما يستدعي تضافر كل الجهود الدولية والإقليمية لإيقاف هذه العمليات العسكرية، مشددا على ضرورة إيقاف هذه الحجة بدعوى سيطرة النظام.
وفيما يتعلق باللجنة الدستورية، قال الحريري: «ناقشنا مع وزير الخارجية التركي قبل يومين تفاصيل المفاوضات التي تجري حاليا من أجل الانتهاء من تشكيل اللجنة الدستورية، وسيتم ذلك خلال فترة قريبة جدا».
ونوه بأن استمرار التصعيد العسكري في إدلب سيترك آثاره السلبية والمباشرة على الهيئة العامة للجنة، ولذلك من أجل تشكيل هذه اللجنة وإطلاق عملية سياسية حقيقية، لا بد من إيقاف الحملة العسكرية والكارثة الإنسانية، مشددا على ضرورة إيلاء ملف المعتقلين أهمية قصوى، من قبل كل الأطراف وإحراز تقدم فيه.
وقال الحريري: «بعد ذلك كان لنا لقاء مع مجموعة أصدقاء سوريا في جنيف، بحضور الأمم المتحدة، وممثلي عدد كبير من الدول والمنظمات الدولية، أبرزهم ممثلو الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا والسعودية والأردن في الأمم المتحدة». وقال: «قدمنا خلاله شرحا تفصيليا حول الوضع في إدلب والكوارث الإنسانية المحتملة، حيث إن 3.5 مليون موجودون هناك، وهذا ينذر بزيادة وجود اللاجئين مجددا في دول الجوار، وبالأخص تركيا، وبالتالي تمدد ظاهرة اللجوء تجاه دول أوروبا، وأكدنا أن أكثر المستفيدين من هذا الوضع هما الإرهاب والنظام اللذان يتعايشان على الفوضى وسفك الدماء والقتال المستمر».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.