متحف تشارلز ديكنز يروي بعضاً من مسيرة حياته نصيراً للفقراء

أكثر من 100 ألف قطعة من مقتنياته الخاصة معروضة للزّوار

تشارلز ديكنز  -  مدخل المتحف
تشارلز ديكنز - مدخل المتحف
TT

متحف تشارلز ديكنز يروي بعضاً من مسيرة حياته نصيراً للفقراء

تشارلز ديكنز  -  مدخل المتحف
تشارلز ديكنز - مدخل المتحف

العنوان، 48 داوتي ستريت، منطقة بلومزبيري. هنا في أحد شوارع العاصمة لندن، من عام 1837، انتقل تشارلز ديكنز، الرّوائي البريطاني، للعيش مع زوجته كاثرين هوكارث بعد سنة من زواجهما، وبعد أشهر من اعتلاء الملكة فيكتوريا للعرش البريطاني. المنزل مصمم على الطراز الفيكتوري. وقد شهد ولادة اثنتين من بناتهما، وهما ماري وكيت. بين جدرانه، وفي غرفة من غرفه الصّغيرة ولدت شخصيات أبطال روايات ديكنز. سنوات ثلاث عاشها في هذا المنزل فقط، لكنّها كانت أهم سنوات حياته الأدبية، وبقي هذا المنزل وحده على حاله من ضمن البيوت الكثيرة التي سكنها الرّوائي وعائلته.
يُنظّم القّيمون على المنزل، الذي تحوّل إلى متحف خاص بكل ما أمكن جمعه من مقتنيات ديكنز من حول العالم، معرضاً جديداً، افتُتح أمام الزّوار في 14 مايو (أيار) ويستمرّ لغاية 3 نوفمبر (تشرين الثاني)، للتّعرف على أكثر من مائة ألف قطعة تخصّ الرّوائي وعائلته، وتتنوّع بين أغراضه الشّخصية، ووثائق نادرة، وأوراق كتبها بخط يده، ومخطوطات من كتبه ومقالاته، وصور فوتوغرافية وخاتم زواج زوجته الشّابة، ولوحات فنّية، وهدايا تذكارية، وأيضاً للتّعرف على أسفاره ورحلاته حول العالم.
في شارع داوتي المتراص بالمنازل المتشابهة وأبوابها الخشبية الصّغيرة، يدخل الزّائر من المنزل رقم 49 الذي افتُتح لينضمّ إلى المتحف، الذي يتألف من طوابق أربعة. في مدخله الرئيس تقبع خزانة زجاجية، وفي داخلها صورة فوتوغرافية تعود لسنوات شبابه، وحقيبته الجلدية السّوداء، وعصاه التي نُقش على مقبضها حرفان من اسمه.
شعور قد لا يحسّ به سوى عشّاق القصص الكلاسيكية والمتأثرين بكتّابها والرّاغبين بالتعرّف على نمط وأسلوب حياة عظيم من القرن التاسع عشر، الذي لا تزال رواياته بشخصياتها المتميّزة تلعب على مسارح العالم بجميع لغّاتها، لما حملت وتحمل معها حتى في القرن الواحد والعشرين من معانٍ إنسانية واجتماعية وإصلاحية، وإن بفوارق تطوّر الزّمن. لكنّ الفقر والقمع والفوارق الاجتماعية وتشرد الأطفال ومعاناتهم وحقوقهم، كانت ولا تزال بعد مئات السّنين مشكلات يحاول مثقّفو العالم إلقاء الضّوء عليها برواياتهم وأعمالهم الفنّيّة من أجل التغيير.
التجوّل في الغرف الصّغيرة والمتواضعة للمنزل - المتحف، الذي شكّل يوماً نقطة انطلاق عالمية لديكنز، سيكشف أمام الزّوار جوانب كثيرة من حياته العائلية، ومن المدخل في الطّابق الأرضي، ينتقل الزائر إلى غرفة الطّعام، التي تظهر وكأنّها مستعدة لاستقبال ضيوف من عصر مضى بجدرانها ذات اللونين الأزرق والأبيض تزيّنها لوحة لتشارلز ديكنز في ريعان شبابه بريشة صامويل دراموند الرّسام البريطاني. وإلى جانبها، غرفة المعيشة، وفيها خاتم زواج كاثرين المصنوع من الذّهب، وعدد من الرسائل كان تشارلز قد كتبها بخطّ يده لزوجته فترة خطوبتهما.
وقبل الصّعود إلى الطّوابق الأخرى من المتحف، لا بدّ من زيارة الطّابق السّفلي. إنّه المطبخ، الذي لا يزال يحتفظ بالكثير من أوانيه الخشبية والنّحاسية تعود لديكنز وعائلته. هنا تحديداً سيعيش الزّائر مشهداً من أفلام العصر الفيكتوري حين سيتجسّد أمامه الطّباخون والعاملون في التنظيف الذين لطالما يشاهدهم في الأفلام القديمة، بكل صخب الحياة ورائحة الطّعام على هذا الموقد الحديدي الذي سيرسمها خيال الزّائر. غرفتان متجاورتان؛ واحدة لتحضير الطّعام والثّانية للمؤونة. وإلى جانب المطبخ غرفة صغيرة أمامها دلو خشبي كبير فيه ملابس قديمة تعود لتلك الفترة الزّمنية، وهي أيضاً تخصّ عائلة ديكنز.
بعد المطبخ، يصعد الزّائر إلى الطّابق الأوّل، وفيه غُرفتان؛ واحدة لاستقبال ضيوف ديكنز وأصدقائه، حيث كان يجلس ليقرأ عليهم مقاطع من كتاباته. وفيها شمعدانان من النّحاس اشتراهما ديكنز من مدينة جنوا الإيطالية، حيث أقام لفترة وجيزة. وغرفة ثانية تحتوي على كرسيه ومكتبه. فمنذ انتقاله إلى داوتي ستريت، كان يجلس فيها من السّاعة الثّامنة صباحاً وحتى منتصف النّهار للقراءة والكتابة. وعلى مكتبه هذا، خلال السّنوات الثلاث التي عاشها هنا، خطّ ديكنز أهم رواياته، فقد أنهى كتابة «مذكرات بيكويك»، وهي أولى قصصه، كما كتب «أوليفر تويست»، وروايته الثالثة بعنوان «نيكولاس نيكلبي»، أو «حياة ومغامرات نيكولاس نيكلبي». وفي الغرفة سيرى الزّائر وصيته معلقة على الجدار، وبورتريهاً تخطيطياً له وهو على فراش الموت، ونُسخاً من كتاباته ورواياته وكتباً كان يقرأها.
الطابق الثالث يتكوّن من غرفي نوم، واحدة لديكنز وزوجته، ولا يزال السّرير موجوداً بستائره، وعليه أنجبت كاثرين ابنتيهما، وأدوات ديكنز الخاصة بالحلاقة وقاروة عطره وخزانة ملابسه. وغرفة أخرى تخصّ أخت زوجته التي كانت تعيش معهما، وعلى هذا السّرير فارقت الحياة، وهي في السّابعة عشرة من العمر. وأثّر موتها في ديكنز وفي كتاباته، ولا يزال فستانها الأبيض يعلو الفراش.
والطابق الرابع فيه غرفة تحتوي على كل ماضي ديكنز الطّفولي، تخيّم عليها لمحة حزن كبيرة، تعبّر عن صعوبة الحياة التي صادفها مجبراً، بعد دخول والده السّجن.
ولد ديكنز في 7 فبراير (شباط) من عام 1812 في مدينة بورتسموث الساحلية بجنوب إنجلترا، والده كان كاتباً في البحرية، وله تمثال نصفي معروض، وفي الغرفة أيضاً قضبان حديدية انتزعت من السّجن، حيث أودع والده، بسبب تراكم الدّيون عليه وعدم قدرته على دفعها.
في عام 1923، صدر قرار بهدم منزل ديكنز، بيد أنّ «مؤسسة ديكنز» التي تأسست في عام 1902، اشترته وحوّلته إلى متحف جمعت فيه ما استطاعت جمعه من مقتنياته من حول العالم. وفي عام 1925 افتُتح المنزل بعد ضم المنزل رقم 49 إليه ليكون متحفاً خاصاً بكل ما يتعلّق بالرّوائي البريطاني العالمي.
وفي المتحف، مقهى وحديقة صغيران، ومتجر متواضع يبيع روايات ديكنز وتذكارات هي عبارة عن مجسّمات مقلّدة لما تجده من مقتنيات في المنزل.
جدير بالذكر أنّ حياة ديكنز مرحلة الطّفولة، ظهرت جليّة في كتاباته التي كانت تدعو باستمرار إلى ضرورة الإصلاح الاجتماعي وإلى تدعيم المؤسسات الخيرية والصّحية التي ترعى الفقراء من الناس، وحقوق الأطفال في عيش حياة كريمة في ظلّ عائلة قادرة على حمايتهم وتأمين مستلزماتهم. ولطالما كان إيمانه كبيراً بأنّ هذه الأحوال الاجتماعية والمادّية المزرية التي كانت تعاني منها بريطانيا والكثير من دول العالم، خصوصاً الأوروبية منها، قابلة للإصلاح مهما كان مدى تدهورها. فكتب ساخراً منتقداً وهاجياً بريشته وبكلماته مستخدماً أسلوباً مقنعاً ومبتكراً لشخصيات شكّلت رموزاً خاصة في رواياته، محاولة منه لتخليص المجتمع البشري من الشّر والفقر، والسّير به إلى آخر عادل ومنصف. ورواية «قصة مدينتين»، التي تدور أحداثها في لندن وباريس، أثناء الثورة الفرنسية، تصوّر محنة الطّبقة العاملة الفرنسية تحت القمع الوحشي للأرستقراطية خلال السنوات التي قادت لاندلاع الثورة، والوحشية التي مارسها الثوريون ضدّ الأرستقراطيين في السنوات الأولى منها. وهي الرّواية الأكثر تدريساً في المدارس الثانوية بالولايات المتحدة والكثير من دول العالم، وسيجد زائر المتحف نسخة منها باللغة العربية.
وفي 1865 تعرّض ديكنز لحادث قطار، وفي 9 يونيو (حزيران) 1870 أصيب بسكتة دماغية وتوفي عن عمر ناهز 58، في بلدة كينت. ليُدفن في ركن الشّعراء في ويستمينستر.



«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)
فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)
TT

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)
فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة»، حيث تصدر الفيلم شباك التذاكر بعد اليوم الثامن لعرضه في مصر، محققاً إيرادات تقارب الـ45 مليون جنيه (الدولار يساوي 50.78 جنيه مصري).

وينافس «الحريفة 2» على إيرادات شباك التذاكر بجانب 7 أفلام تعرض حالياً في السينمات، هي: «الهوى سلطان»، و«مين يصدق»، و«اللعب مع العيال»، و«وداعاً حمدي»، و«المخفي»، و«الفستان الأبيض»، و«ولاد رزق 3» والأخير تم طرحه قبل 6 أشهر.

وأزاح فيلم «الحريفة 2» الذي تقوم ببطولته مجموعة من الشباب، فيلم «الهوى سلطان»، الذي يعدّ أول بطولة مطلقة للفنانة المصرية منة شلبي في السينما، وكان يتصدر إيرادات شباك التذاكر منذ بداية عرضه مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

ويعد الجزء الثاني من الفيلم «الحريفة» هو التجربة الإخراجية الأولى للمونتير المصري كريم سعد، ومن تأليف إياد صالح، وبطولة نور النبوي، وأحمد بحر الشهير بـ«كزبرة»، ونور إيهاب، وأحمد غزي، وخالد الذهبي، كما يشهد الفيلم ظهور مشاهير عدة خلال الأحداث بشخصياتهم الحقيقية أو «ضيوف شرف» من بينهم آسر ياسين، وأحمد فهمي.

لقطة من فيلم «الحريفة 2» (الشركة المنتجة)

وتدور أحداث الفيلم في إطار كوميدي اجتماعي شبابي، حول المنافسة في مسابقات خاصة بكرة القدم، كما يسلط الضوء على العلاقات المتشابكة بين أبطال العمل من الشباب.

الناقدة الفنية المصرية مها متبولي ترجع سبب تصدر فيلم «الحريفة 2» لإيرادات شباك التذاكر إلى أن «أحداثه تدور في إطار كوميدي»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الشباب الذين يشكلون الفئة الكبرى من جمهور السينما في حاجة لهذه الجرعة المكثفة من الكوميديا».

كما أكدت متبولي أن «سر الإقبال على (الحريفة 2) يعود أيضاً لتقديمه حكاية من حكايات عالم كرة القدم المحبب لدى الكثيرين»، لافتة إلى أن «هذا العالم يمثل حالة خاصة ونجاحه مضمون، وتاريخ السينما يشهد على ذلك، حيث تم تقديم مثل هذه النوعية من قبل وحققت نجاحاً لافتاً في أفلام مثل (الحريف) و(رجل فقد عقله)، من بطولة عادل إمام، وكذلك فيلم (سيد العاطفي)، من بطولة تامر حسني وعبلة كامل».

ونوهت متبولي إلى أن الفنان أحمد بحر الشهير بـ«كزبرة» يعد من أهم عوامل نجاح الفيلم؛ نظراً لتمتعه بقبول جماهيري كبير، مشيرة إلى أن «السينما المصرية بشكل عام تشهد إقبالاً جماهيرياً واسعاً في الموسم الحالي، وأن هذه الحالة اللافتة لم نلمسها منذ فترة طويلة».

وتضيف: «رواج السينما وانتعاشها يتطلب دائماً المزيد من الوجوه الجديدة والشباب الذين يضفون عليها طابعاً مختلفاً عبر حكايات متنوعة، وهو ما تحقق في (الحريفة 2)».

الملصق الترويجي لفيلم «الحريفة 2» (الشركة المنتجة)

وأوضحت أن «الإيرادات اللافتة للفيلم شملت أيام الأسبوع كافة، ولم تقتصر على يوم الإجازة الأسبوعية فقط، وذلك يعد مؤشراً إيجابياً لانتعاش السينما المصرية».

وبجانب الأفلام المعروضة حالياً تشهد السينمات المصرية طرح عدد من الأفلام الجديدة قبيل نهاية العام الحالي 2024، واستقبال موسم «رأس السنة»، من بينها أفلام «الهنا اللي أنا فيه» بطولة كريم محمود عبد العزيز ودينا الشربيني، و«بضع ساعات في يوم ما» بطولة هشام ماجد وهنا الزاهد، و«البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» بطولة عصام عمر، و«المستريحة»، بطولة ليلى علوي وبيومي فؤاد.