موسكو «تغازل» مجلس أوروبا قبل اجتماع حاسم في هلسنكي

TT

موسكو «تغازل» مجلس أوروبا قبل اجتماع حاسم في هلسنكي

امتدحت روسيا، أمس، بقوة، مجلس أوروبا، في إشارة إلى تغيّر في موقفها يُنبّئ برغبتها بالبقاء في هذه الهيئة، التي تتيح الوصول إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، المهددة بالاستبعاد منها. وكانت الأزمة الأوكرانية تسببت في أزمة عميقة بين مجلس أوروبا وروسيا.
وبعد أن كانت روسيا على وشك مغادرة المنظمة، بدا هذا السيناريو بعيداً مع تصريحات تصالحية من هذا الطرف وذاك سبقت الاجتماع السنوي للجنة وزراء مجلس أوروبا الذي يُعقد على يومين في هلسنكي، الأمر الذي أثار غضب سلطات كييف التي تهدّد بدورها بمغادرة المنظمة، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية».
وهذا الاجتماع الذي يشارك فيه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف سيكون له «دور حاسم في مستقبل مجلس أوروبا»، بحسب بيان للخارجية الروسية جاء مختلفاً عن بيانات التأنيب في السنوات الأخيرة.
وأكد البيان أن «روسيا مهتمة بالحفاظ على مجلس أوروبا وتعزيزه، باعتباره إحدى المنظمات الدولية الأكثر احتراماً في القارة الأوروبية».
ومنذ ضمّ القرم إلى روسيا، حرمت الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا البرلمانيين الروس من حقوقهم، خصوصاً حق التصويت. والنتيجة أن أكثر من نصف قضاة المحكمة الأوروبية ومفوض حقوق الإنسان في مجلس أوروبا تم انتخابهم من دون روسيا.
ورداً على ذلك، علّقت روسيا في 2017 مساهمتها التي تبلغ قيمتها 33 مليون يورو في المجلس (7 في المائة من ميزانيته)، ما أغرق المنظمة في أزمة اقتصادية. ويرفض النواب الروس حضور جلسات الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا.
وبحسب قواعد عمل المجلس، فإن عدم دفع دولة عضو مساهمتها ينذر بطردها من الهيئة في غضون عامين، أي في يونيو (حزيران) 2019، بالنسبة لروسيا. وإذا لم يتغير شيء، فإن روسيا لن تشارك أيضاً، في يونيو، في انتخاب الأمين العام الجديد للمنظمة، وهو احتمال يمكن أن يعني، بحسب روسيا، مغادرة مجلس أوروبا. غير أن فرضية مغادرة روسيا المجلس تراجعت في الأيام الأخيرة.
وفي الجانب الروسي، قال لافروف، أول من أمس (الأربعاء)، إن مسألة دفع المساهمة الروسية لن تكون مطروحة في جدول أعمال هلسنكي. لكنه لمح إلى أنه تجري دراسة نص بهذا الخصوص، دون تقديم مزيد من التفاصيل.
أما من جانب فرنسا، التي ستتولى الجمعة الرئاسة الدورية للمجلس لستة أشهر، فقد اعتبر الرئيس إيمانويل ماكرون، الأسبوع الماضي، أن مجلس أوروبا «بحاجة إلى روسيا، مثلما روسيا بحاجة لمجلس أوروبا». وأضاف محذّراً أن ذلك «يفترض احترام حقوق الدولة العضو، لكن أيضاً يتعين على روسيا أن تفي بالتزاماتها تجاه المؤسسة».
وعبرت سلطات كييف عن غضبها من احتمال أن يؤدي اجتماع هلسنكي إلى نشر نص يسهل إعادة إدخال النواب الروس. وقال فولوديمير أرييف، رئيس الوفد الأوكراني في الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، إنه إذا حصل ذلك فإن أوكرانيا مستعدة «لاتخاذ إجراءات مهمة»، و«إعادة النظر» في انخراطها بالجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا. واتهم باريس وبرلين بدعم موسكو على حساب كييف وجورجيا ودول البلطيق.
وألغى وزير خارجية أوكرانيا بافلو كليمكين قدومه لهلسنكي، وأوفد مساعده بدلاً منه. والمغادرة كانت ستكون لها انعكاسات ملموسة جداً بالنسبة لروسيا. وهي عضو في مجلس أوروبا منذ 1996، وأهم مصدر للقضايا، خصوصاً لناشطين ومعارضين، أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
وأكدت الخارجية الروسية في بيانها أن مشاركة روسيا في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، الذراع القضائية لمجلس أوروبا، أسهم «بشكل كبير» في تحسين النظام القضائي والسجني في روسيا، وكذلك في المجال الرياضي.
وتم إنشاء مجلس أوروبا في 1949 في ستراسبورغ، وهو مكون من 47 دولة عضواً. ومنذ تأسيس المجلس، لم تغادره سوى دولة واحدة هي اليونان في 1969 أثناء فترة حكم الكولونيلات، وعادت إليه في 1974.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.