بريطانيا تتحول مسرحاً للمواجهة الأميركية ـ الصينية حول «هواوي»

موقف حكومة ماي يهدد تحالفها الاستخباراتي مع واشنطن

مارّة يستخدمون هواتفهم الجوالة بالقرب من إعلان لـ«هواوي» في لندن (أ.ف.ب)
مارّة يستخدمون هواتفهم الجوالة بالقرب من إعلان لـ«هواوي» في لندن (أ.ف.ب)
TT

بريطانيا تتحول مسرحاً للمواجهة الأميركية ـ الصينية حول «هواوي»

مارّة يستخدمون هواتفهم الجوالة بالقرب من إعلان لـ«هواوي» في لندن (أ.ف.ب)
مارّة يستخدمون هواتفهم الجوالة بالقرب من إعلان لـ«هواوي» في لندن (أ.ف.ب)

لم تتوقّع بريطانيا أن تصبح مسرحاً للتوتر التجاري الأميركي - الصيني، الذي تجاوز الرسوم الجمركية إلى «حالة طوارئ أميركية»، وأن يُهدّد انفتاح أسواقها على عملاق اتصالات صيني علاقاتها الاستخباراتية مع أقرب حلفائها.
في قلب هذا التوتر، شركة «هواوي» للاتصالات، التي أسسها جندي سابق في الجيش الصيني في أواخر الثمانينات، لتصبح اليوم بين 3 أكبر شركات اتصالات في العالم. أبهرت هذه الشركة العالم بسرعة صعودها، ومواكبتها الإبداعات التكنولوجية، بل تجاوزها بشبكة الجيل الخامس «5G» التي يُتوقّع أن تحدث ثورة في حقل الاتصالات. وتمتلك «هواوي» اليوم القدرات الأكثر تطوراً والأقل كلفة لبناء شبكة الجيل الخامس في العالم.
وفيما تتسابق شركات الاتصالات عبر العالم لاجتذاب خدمات «هواوي»، وتتنافس المؤتمرات الدولية على استقطاب مسؤوليها، اعتمدت واشنطن موقفاً مغايراً، واتهمت الشركة الصينية بتهديد أمنها القومي وأمن حلفائها. وتنظر إدارة الرئيس دونالد ترمب إلى شركة «هواوي»، التي تجاوزت «أبل» الأميركية من حيث المبيعات في الربع الأول من العام الحالي، لتصبح الثانية عالمياً بعد «سامسونغ» الكورية، على أنها أداة تابعة للدولة الصينية.
ومنذ أواخر العام الماضي، حضّت إدارة الرئيس دونالد ترمب حلفاء أميركا، وخاصة منهم المنتمين إلى التحالف الاستخباراتي، المعروف بـ«الأعين الخمس»، الذي يضم بريطانيا والولايات المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا وكندا، على حظر خدمات «هواوي» المرتبطة بالجيل الخامس، وإلغاء دورها في البنى التحتية للاتصالات.
وتستند واشنطن في مخاوفها على قانون أقرّته الصين في عام 2017، يجبر الشركات الصينية على مساعدة الحكومة في قضايا الأمن القومي. وفيما امتثلت كل من أستراليا ونيوزيلندا للطلب الأميركي، وصنّفت كانبيرا «هواوي» «بائعاً (لخدمات الاتصالات) عالي المخاطر»، لم تعلن لندن بعد عن موقفها من السماح للشركة الصينية بالمشاركة في تأسيس شبكة الجيل الخامس.
ولم يتردد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في إثارة هذه القضية بشكل علني خلال زيارته الأخيرة إلى لندن. ورغم تأكيده على «العلاقة الخاصة» التي تجمع البلدين، في اقتباس لعبارة شهرها ونستون تشرشل عام 1946، لم يستطع بومبيو إخفاء استيائه من «التردد» البريطاني حول دور «هواوي».
وكانت لهجة الدبلوماسي الأميركي حادة الأربعاء الماضي، إذ حذّر من تقويض التحالف الاستخباراتي الوثيق بين البلدين، في حال لم تغيّر بريطانيا موقفها من «هواوي»، وقال إن الولايات المتحدة «ملزمة بضمان أمن الأماكن التي سنعمل فيها. الأماكن التي توجد فيها استخبارات أميركية، والأماكن التي أمننا القومي فيها مُعرّض للخطر تعمل ضمن شبكات موثوق بها، وهذا ما سنفعله».
وتابع أمام نواب بريطانيين أن «عدم توافر الأمان الكافي سيعيق قدرة الولايات المتحدة على مشاركة بعض المعلومات عبر شبكات موثوق بها. هذا بالضبط ما تريده الصين، أن تقسم التحالفات الغربية من خلال شبكات الاتصالات، وليس من خلال الرصاص والقنابل»، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وحثّ بومبيو بريطانيا على أن تكون «متيقظة وصريحة ضدّ مجموعة من الأنشطة الصينية»، مضيفاً أن حكومة الصين «يمكنها طلب الاطلاع على البيانات المتدفقة، عبر أنظمة (هواوي) بموجب القانون الصيني».
وجاء الموقف الأميركي الحاد عقب تسريب من اجتماع لمجلس الأمن القومي البريطاني الشهر الماضي، أفاد أن حكومة لندن تخطط لاستعانة «محدودة» بـ«هواوي» في بناء شبكتها للجيش الخامس «5G». وأطاح الجدل حول هذا التسريب بوزير الدفاع السابق غافين ويليامسون الذي اتُّهم، رغم نفيه المتكرر، بالوقوف وراء هذا التسريب.
إلا أن وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت سارع بالتأكيد لضيفه الأميركي أن الحكومة البريطانية لم تتخذ بعد قراراً بشأن دور «هواوي» في شبكات الجيل الخامس البريطانية، مضيفاً أن بلاده «لن تتخذ أبداً قراراً يضرّ بقدرتنا على تبادل المعلومات الاستخباراتية» مع حلفائها المقربين.
بهذا الصدد، أكد متحدث باسم الحكومة البريطانية لـ«الشرق الأوسط» أن بلاده تولي «أهمية فائقة لأمن شبكات الاتصالات، ولدينا ضوابط صارمة حول كيفية نشر معدّات (هواوي) في المملكة المتحدة». وتابع في تصريح عبر رسالة إلكترونية أنه «سيتم الإعلان عن المراجعة المتعلّقة بموردي الاتصالات في الوقت المناسب، وسيتعيّن على جميع مشغلي الشبكات الامتثال لقرار الحكومة».
وفيما تواصل حكومة تيريزا ماي تقييمها لمخاطر السماح للمجموعة الصينية بالمشاركة في بناء شبكة الجيل الخامس، أعلنت شركة «فودافون» هذا الأسبوع استعدادها لطرح خدمات الجيل الخامس «5G» في بريطانيا، انطلاقاً من 3 يوليو (تموز) المقبل. وذكرت أنها ستعتمد في إطلاق هذه الخدمات على معدات «هواوي»، إلا أن دور الشركة الصينية سيقتصر على الأجزاء غير الأساسية من البنية التحتية لشبكة الجيل الخامس مثل «هوائيات الراديو».
وتقول جويس حكمة، الباحثة في قسم «الأمن الدولي» بالمعهد الملكي للشؤون الدولية «تشتهام هاوس»، إن التسريب من اجتماع لمجلس الأمن القومي البريطاني أشار إلى أن حكومة ماي تعد للسماح لـ«هواوي» بالمشاركة في البنية التحتية غير الأساسية. وأوضحت حكمة في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن البنية التحتية المرتبطة بشبكات الجيل الخامس تنقسم إلى «أساسية» و«غير أساسية». وهناك جدل واسع حول ما إذا كان السماح لـ«هواوي» بلعب دور في الجزء غير الأساسي يحمل مخاطر على الأمن القومي.
وتابعت أنه في حال قررت بريطانيا حظر «هواوي» من المشاركة في الجزء غير الأساسي، فإن ذلك لن يطرح إشكالية لشركات مثل «فودافون»، أما إذا قررت حظرها بشكل تام، فإن شركات الاتصالات ستتكبد خسائر مالية طائلة.
ورأت حكمة أن الموقف الأميركي من «هواوي» يرجع لعاملين. الأول يتعلق بالتهديد الأمني، إذ تنظر واشنطن إلى «هواوي» على أنها وكيل للحكومة الصينية، وأن السماح لها بدخول البنية التحتية يعرض الدول إلى خطر التجسس. أما الثاني فمرتبط بالمصالح الاقتصادية الأميركية، كون «هواوي» منافساً استراتيجياً.
من جهته، حذّر رئيس جهاز الاستخبارات البريطاني (إم أي 6) بين 1999 و2004، من السماح لـ«هواوي» بلعب أي دور في بنية الاتصالات التحتية في بريطانيا. وقال ريتشارد ديرلوف، في مقدمة تقرير نشرته منظمة «هانري جاكسون» أمس، إنه «لا يوجد أي كيان صيني قادر على العمل بعيداً عن سيطرة قادة الحزب الشيوعي. وبالتالي، علينا أن نستنتج أن مشاركة (هواوي) تطرح مخاطر أمنية محتملة في المملكة المتحدة».
في المقابل، ترفض «هواوي» جميع مزاعم عملها لصالح الدولة الصينية، أو طرحها تهديداً أمنياً على الدول التي تنشط فيها. وبهدف طمأنة القيادات السياسية، وخاصة منها حلفاء واشنطن، أبدت استعدادها الثلاثاء الماضي توقيع اتفاق «عدم تجسس» مع دول، بينها بريطانيا. وقال رئيسها ليانغ هوا: «نحن مستعدّون لتوقيع اتفاقات (عدم تجسس) مع حكومات، ولا سيما حكومة المملكة المتحدة، نؤكد فيها التزامنا، ونضمن التزام معدّاتنا بمعايير عدم التجسس وعدم الاختراق».



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.