الحكومة المصرية لوضع ضوابط لـ«هجرة آمنة»

TT

الحكومة المصرية لوضع ضوابط لـ«هجرة آمنة»

تسعى الحكومة المصرية إلى تنظيم «هجرة آمنة» للخارج والاستفادة من عوائدها، عبر جمع ورصد كل البيانات والمعلومات المتعلقة بهجرة المصريين، ووضع ضوابط لها، بما يضمن استفادة الدولة. وفي هذا السياق، عقدت «لجنة شؤون الهجرة» اجتماعها الأول من أمس، برئاسة نبيلة مكرم وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، وبحضور ممثلي عدد من الوزارات والهيئات الأمنية.
وتستهدف اللجنة، التي تضم وزارات الهجرة، والخارجية والاستثمار والقوى العاملة والتربية والتعليم والتعليم الفني، والتعليم العالي، وقطاع الأمن الوطني بوزارة الداخلية، وهيئة الرقابة الإدارية، وهيئة الأمن القومي، والأمانة العامة لمجلس الوزراء، دراسة ومراجعة كافة الأمور المتعلقة بمجال الهجرة.
وقالت وزيرة الهجرة إن تشكيل اللجنة «يعكس مدى اهتمام القيادة السياسية بهذا الملف بالغ الأهمية، وما يلعبه من دور محوري... باعتبار أن مصر واحدة من أهم الدول المصدرة للهجرة بشتى أشكالها... ولذا وجب تضافر الجهود من أجل الاستفادة منها بالشكل المرجو». واستعرضت دور اللجنة والقائم بذاته على تضافر كافة الجهود الحكومية، ممثلة في الجهات المعنية بملف الهجرة، لجمع ورصد كل البيانات والمعلومات المتعلقة بهجرة المصريين للخارج، بالشكل الذي يضمن خلق مزيد من الاستفادة في تعامل الدولة المصرية مع هذا الملف. كما أشارت وزيرة الهجرة إلى رؤية الوزارة في هذا المشروع، والتي تتضمن جمع كل الاتفاقيات والمنح الخاصة بالهجرة والعمالة، التي وقعتها مصر خلال السنوات الماضية للاطلاع عليها، وتحليلها قصد الوقوف على مدى تفعيل هذه الاتفاقيات، بالإضافة إلى الاطلاع على الاتفاقيات الجاري الإعداد لها، ودراسة ومراقبة سوق العمالة الخارجية، مع التركيز على السوق الأوروبية والروسية، وإيلاء اهتمام كبير بسوق العمل الأفريقية، من خلال وضع آلية تنسيق مستدامة مع البعثات الدبلوماسية، ومكاتب التمثيل العمالي والمنظمات الدولية، بهدف معرفة احتياجات هذه الأسواق المختلفة ومتطلباتها من التخصصات، قصد استهداف هذه الأسواق بشكل مباشر، وذلك من خلال عمالة مصرية مدربة على أعلى مستوى، تستطيع سد فراغات احتياج هذه الأسواق.
وأكدت الوزيرة أن اللجنة ستعمل على وضع تصور كامل لطبيعة تدريب العمالة المصرية في شكلها الحالي، والخروج بتوصيات مبنية على دراسات دقيقة لاحتياجات أسواق العمالة المستهدفة، والتي سيتم من خلالها توجيه جهود تدريب العمالة المصرية لمكانها الصحيح.
وشددت السفيرة نبيلة مكرم خلال حديثها على ضرورة تضافر الجهود الحكومية كافة في هذا المشروع المهم، لما سيخلقه من دراية واسعة بمجال الهجرة بكافة أشكاله، وسيساعد في اتخاذ توجهات صحيحة مبنية على واقع ملموس نحو هجرة آمنة ومقننة للمصريين بالخارج، وتتيح للدولة المصرية مزيداً من التعاون مع الدول الصديقة في هذا المجال الحيوي.
في السياق ذاته، أطلقت اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر بمصر، أول حملة وطنية متكاملة للتوعية بمخاطر جريمة الاتجار بالبشر، تحت شعار «معا ضد الاتجار بالبشر»، بهدف توعية المواطنين عامة والبسطاء والأميين خاصة في المدن والقرى والنجوع بهذه الجريمة، والتعريف بها وبأشكالها وصور الاستغلال، التي يمكن أن يتعرض لها المواطنون داخل البلاد وخارجها.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.