الواقع الافتراضي.. خطوة هوليوود التالية

نظم مطورة تسهل على المشاهدين التفاعل مع الأحداث السينمائية

الواقع الافتراضي.. خطوة هوليوود التالية
TT

الواقع الافتراضي.. خطوة هوليوود التالية

الواقع الافتراضي.. خطوة هوليوود التالية

الواقع الافتراضي قد يصبح الخطوة التالية الكبيرة في هوليوود ليحل تقنيات التصوير بالأبعاد الثلاثة، و«آيماكس»، وجميع التقنيات الأخرى التي تقوم استوديوهات هوليوود باحتضانها لإنتاج تجارب غامرة لعشاق السينما، إذ عن طريق وضع أداة تركب على الرأس، يمكن افتراضيا التفاعل مع المشاهد والشخصيات داخل الفيلم. طبعا هذا ما يزال في طور التكهنات، لكن التقارير الأخيرة أشارت إلى أن «فيسبوك» شرعت تلاحق استوديوهات هوليوود ومخرجيها، طالبة منهم إنتاج ما يسمى «أوكيلس إكسبيرينسيس» خصيصا لنظام الواقع الافتراضي «أوكيلس ريفت» Oculus Rift.

* أفلام بالواقع الافتراضي

* وثمة إشارات إلى أن مخرجي هوليوود قد يتقبلون الفكرة، فخلال احتفالات «كوميك - كون» خلال الصيف الحالي في مدينة سان دييغو الأميركية، كانت هنالك حملات ترويج لبرنامج «الانجراف مع ريفت» لثلاثة مشاريع مختلفة، هي «إكس - مين»، و«باسفيك رم: جيغر بايلوت»، و«سليبي هالو» التي تمكن الهواة من الانغمار داخل «أوكيلس ريفت»، والمرور بتجربة الاندراج في الواقع الافتراضي.
ويمكن، على سبيل المثال، التظاهر بأنك طيار لواحد من روبوتات «جيغر» العملاقة البالغ ارتفاعها 250 قدما في «باسفيك رم: جيغر بايلوت»، بينما تشارك في تجربة قتالية لم يحلم بها سوى «غويلريمو ديل تورو». أو يمكن اختبار الانغمار داخل مشهد من «هيدليس هورسمان» (الفارس الذي لا رأس له)، أو حتى في شخصية «إشابود كراين» من «سليبي هولو». وإذا كنت من هواة «إكس - مين» يمكنك المرور بتجربة ثلاث دقائق من محاضرة بالواقع الافتراضي يلقيها البروفسور «إكس» و«ميستيك».
وجميع هذه التجارب تشير إلى الأمور غير العادية فعلا التي ينطوي عليها مستقبل الواقع الافتراضي بالنسبة إلى صانعي الأفلام في هوليوود، عندما يصبح الهواة جزءا من تجربة تلاوة الرواية، عندما تتحول أفعال العالم الواقعي إلى أفعال في الواقع الافتراضي. فإذا كانت تقنية الأفلام بالأبعاد الثلاثة مصممة لجعل التجربة كبيرة وغنية وأكثر واقعية، فإن الواقع الافتراضي سيكون التجربة المنطقية التالية، إذ سيجري التفاعل مع الشخصيات وتغيير مسار الأحداث، فضلا عن الشعور بإحساس جسدي يسجله الدماغ على أنه واقع حقيقي.
لكن ما يزال الواقع الافتراضي غير جاهز لتنفيذه بعد في هوليوود، والحديث الدائر حاليا هو في تطوير قصص قصيرة ترافق الأفلام القصصية الطويلة، ومن ثم إنتاج أنواع أخرى من محتويات التسلية القصيرة مخصصة لـ«أوكيلس ريفت». ويمكن التفكير بهذه الخطوات الأولى على أنها نوع من الاستراتيجية التسويقية لبيع المزيد من تذاكر الأفلام، أو كمكافأة إضافية على شاكلة أقراص «دي في دي» استهلاكية.

* نموذج جديد

* لكن من السهل منذ الآن معرفة وجهة «أوكيلس ريفت» النهائية، فالواقع الافتراضي من شأنه تغيير تجربة محبي السينما كلية. والنموذج الحالي يفترض الحاجة إلى صالة لمشاهدة الأفلام التي لا تتوفر إلا في أوقات معينة من النهار، بينما نموذج الواقع الافتراضي يفترض أن يكون رأسك هو الصالة، والتجربة متاحة حسب الطلب؛ إذ يمكن نظريا استقبال بث فيلم سينمائي على جهاز «أوكيلس ريفت» في أي وقت، والحصول مباشرة على التجربة المطلوبة من الاستوديو، من دون الحاجة إلى مغادرة الأريكة. وبدلا من حشد 100 شخص داخل صالة معتمة كل ثلاث ساعات، أربع مرات في اليوم، سيكون النموذج العملي الجديد متوفرا عند الطلب من قبل الآلاف كل ساعة على مدار اليوم والأسبوع. ولنقم فقط بعملية حساب لنرى لماذا يلاحق «فيسبوك» هذه الفكرة، مع إقناع الناس بشراء جهاز «أوكيلس ريفت»، وإتباع ذلك بعروض من البث الفيديوي الثابت، وهكذا سيتحول جهاز «لايفت» من جهاز للألعاب فقط إلى جهاز للتسلية الفيديوية.
وهذا الأمر يبدو رائعا بيد أن المشكلة الوحيدة هي أن صناعة الأفلام قد دخلت هذه اللعبة سابقا، أولا مع «دولبي» و«آيماكس»، وبعد ذلك مع الأبعاد الثلاثة؛ فالتقنيات شرعت تغير تجربة الصالات لتصبح وسيلة تسويق ليس إلا، بهدف قيام استوديوهات هوليوود برفع أسعار التذاكر وزيادة المؤثرات الخاصة، والأفلام الثلاثية الأبعاد ما تزال مسلية، لكن الوهج القديم لمشاهدتها قد تبدد. ثم في نهاية اليوم، هل نرغب أن يكون الجهاز اللوحي مليئا بأفلام «إكس - مين» و«باسفيك رم»، على حساب الأفلام الجيدة والوثائقية التي لا تعرض الكثير من مميزات هوليوود وتأثيراتها الخاصة؟
لكن لننظر من الزاوية التقنية العريضة، فقد قامت هوليوود سلفا بتغيير سلوكنا مقنعة إيانا بتسديد ثمن تذكرة غالية لفيلم ثلاثي الأبعاد، وبالتالي قضاء الجزء الأفضل من ساعتين مرتدين نظارات بلاستيكية رخيصة لهذا الغرض، فصناعة التقنيات الاستهلاكية قامت مقدما بتكييفنا لشراء أجهزة ألعاب لغرض التسلية في المنزل. كما قامت كل من «نيتفليكس» و«آي تيونس» بتكييفنا لشراء الأفلام عند الطلب. ومن هذا المنظور، فإن تجربة «أوكيلس ريفت» تناسب جدا روح العصر الحالية على صعيد التقنيات، وقريبا فإن الصالة المتعددة، وليس فقط تلك النظارات البلاستيكية الرخيصة للأبعاد الثلاثة، ستصبح شيئا من ماضي هوليوود السينمائي القديم.

* خدمة «واشنطن بوست»



هل أصبحنا على أعتاب مرحلة تباطؤ الذكاء الاصطناعي؟

هل أصبحنا على أعتاب مرحلة تباطؤ الذكاء الاصطناعي؟
TT

هل أصبحنا على أعتاب مرحلة تباطؤ الذكاء الاصطناعي؟

هل أصبحنا على أعتاب مرحلة تباطؤ الذكاء الاصطناعي؟

يوجه ديميس هاسابيس، أحد أكثر خبراء الذكاء الاصطناعي نفوذاً في العالم، تحذيراً لبقية صناعة التكنولوجيا: لا تتوقعوا أن تستمر برامج المحادثة الآلية في التحسن بنفس السرعة التي كانت عليها خلال السنوات القليلة الماضية، كما كتب كاد ميتز وتريب ميكل (*).

التهام بيانات الإنترنت

لقد اعتمد باحثو الذكاء الاصطناعي لبعض الوقت على مفهوم بسيط إلى حد ما لتحسين أنظمتهم: فكلما زادت البيانات التي جمعوها من الإنترنت، والتي ضخُّوها في نماذج لغوية كبيرة (التكنولوجيا التي تقف وراء برامج المحادثة الآلية) كان أداء هذه الأنظمة أفضل.

ولكن هاسابيس، الذي يشرف على «غوغل ديب مايند»، مختبر الذكاء الاصطناعي الرئيسي للشركة، يقول الآن إن هذه الطريقة بدأت تفقد زخمها ببساطة، لأن البيانات نفدت من أيدي شركات التكنولوجيا.

وقال هاسابيس، هذا الشهر، في مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وهو يستعد لقبول «جائزة نوبل» عن عمله في مجال الذكاء الاصطناعي: «يشهد الجميع في الصناعة عائدات متناقصة».

استنفاد النصوص الرقمية المتاحة

هاسابيس ليس الخبير الوحيد في مجال الذكاء الاصطناعي الذي يحذر من تباطؤ؛ إذ أظهرت المقابلات التي أُجريت مع 20 من المديرين التنفيذيين والباحثين اعتقاداً واسع النطاق بأن صناعة التكنولوجيا تواجه مشكلة كان يعتقد كثيرون أنها لا يمكن تصورها قبل بضع سنوات فقط؛ فقد استنفدت معظم النصوص الرقمية المتاحة على الإنترنت.

استثمارات رغم المخاوف

بدأت هذه المشكلة في الظهور، حتى مع استمرار ضخ مليارات الدولارات في تطوير الذكاء الاصطناعي. في الأسبوع الماضي، قالت شركة «داتابريكس (Databricks)»، وهي شركة بيانات الذكاء الاصطناعي، إنها تقترب من 10 مليارات دولار في التمويل، وهي أكبر جولة تمويل خاصة على الإطلاق لشركة ناشئة. وتشير أكبر الشركات في مجال التكنولوجيا إلى أنها لا تخطط لإبطاء إنفاقها على مراكز البيانات العملاقة التي تدير أنظمة الذكاء الاصطناعي.

لا يشعر الجميع في عالم الذكاء الاصطناعي بالقلق. يقول البعض، بمن في ذلك سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، إن التقدم سيستمر بنفس الوتيرة، وإن كان مع بعض التغييرات في التقنيات القديمة. كما أن داريو أمودي، الرئيس التنفيذي لشركة الذكاء الاصطناعي الناشئة، «أنثروبيك»، وجينسن هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة «نيفيديا»، متفائلان أيضاً.

قوانين التوسع... هل تتوقف؟

تعود جذور المناقشة إلى عام 2020، عندما نشر جاريد كابلان، وهو فيزيائي نظري في جامعة جونز هوبكنز، ورقة بحثية تُظهِر أن نماذج اللغة الكبيرة أصبحت أكثر قوة وواقعية بشكل مطرد مع تحليل المزيد من البيانات.

أطلق الباحثون على نتائج كابلان «قوانين التوسع (Scaling Laws)»... فكما يتعلم الطلاب المزيد من خلال قراءة المزيد من الكتب، تحسنت أنظمة الذكاء الاصطناعي مع تناولها كميات كبيرة بشكل متزايد من النصوص الرقمية التي تم جمعها من الإنترنت، بما في ذلك المقالات الإخبارية وسجلات الدردشة وبرامج الكومبيوتر.

ونظراً لقوة هذه الظاهرة، سارعت شركات، مثل «OpenAI (أوبن إيه آي)» و«غوغل» و«ميتا» إلى الحصول على أكبر قدر ممكن من بيانات الإنترنت، وتجاهلت السياسات المؤسسية وحتى مناقشة ما إذا كان ينبغي لها التحايل على القانون، وفقاً لفحص أجرته صحيفة «نيويورك تايمز»، هذا العام.

كان هذا هو المعادل الحديث لـ«قانون مور»، وهو المبدأ الذي كثيراً ما يُستشهد به، والذي صاغه في ستينات القرن العشرين المؤسس المشارك لشركة «إنتل غوردون مور»؛ فقد أظهر مور أن عدد الترانزستورات على شريحة السيليكون يتضاعف كل عامين، أو نحو ذلك، ما يزيد بشكل مطرد من قوة أجهزة الكومبيوتر في العالم. وقد صمد «قانون مور» لمدة 40 عاماً. ولكن في النهاية، بدأ يتباطأ.

المشكلة هي أنه لا قوانين القياس ولا «قانون مور» هي قوانين الطبيعة الثابتة. إنها ببساطة ملاحظات ذكية. صمد أحدها لعقود من الزمن. وقد يكون للقوانين الأخرى عمر افتراضي أقصر بكثير؛ إذ لا تستطيع «غوغل» و«أنثروبيك» إلقاء المزيد من النصوص على أنظمة الذكاء الاصطناعي الخاصة بهما، لأنه لم يتبقَّ سوى القليل من النصوص لإلقائها.

«لقد كانت هناك عائدات غير عادية على مدى السنوات الثلاث أو الأربع الماضية، مع بدء تطبيق قوانين التوسع»، كما قال هاسابيس. «لكننا لم نعد نحصل على نفس التقدم».

آلة تضاهي قوة العقل البشري

وقال هاسابيس إن التقنيات الحالية ستستمر في تحسين الذكاء الاصطناعي في بعض النواحي. لكنه قال إنه يعتقد أن هناك حاجة إلى أفكار جديدة تماماً للوصول إلى الهدف الذي تسعى إليه «غوغل» والعديد من الشركات الأخرى: آلة يمكنها أن تضاهي قوة الدماغ البشري.

أما إيليا سوتسكيفر، الذي كان له دور فعال في دفع الصناعة إلى التفكير الكبير، كباحث في كل من «غوغل» و«أوبن أيه آي»، قبل مغادرته إياها، لإنشاء شركة ناشئة جديدة، الربيع الماضي، طرح النقطة ذاتها خلال خطاب ألقاه هذا الشهر. قال: «لقد حققنا ذروة البيانات، ولن يكون هناك المزيد. علينا التعامل مع البيانات التي لدينا. لا يوجد سوى شبكة إنترنت واحدة».

بيانات مركبة اصطناعياً

يستكشف هاسابيس وآخرون نهجاً مختلفاً. إنهم يطورون طرقاً لنماذج اللغة الكبيرة للتعلُّم من تجربتهم وأخطائهم الخاصة. من خلال العمل على حل مشاكل رياضية مختلفة، على سبيل المثال، يمكن لنماذج اللغة أن تتعلم أي الطرق تؤدي إلى الإجابة الصحيحة، وأيها لا. في الأساس، تتدرب النماذج على البيانات التي تولِّدها بنفسها. يطلق الباحثون على هذا «البيانات الاصطناعية».

أصدرت «اوبن أيه آي» مؤخراً نظاماً جديداً يسمى «OpenAI o1» تم بناؤه بهذه الطريقة. لكن الطريقة تعمل فقط في مجالات مثل الرياضيات وبرمجة الحوسبة؛ حيث يوجد تمييز واضح بين الصواب والخطأ.

تباطؤ محتمل

على صعيد آخر، وخلال مكالمة مع المحللين، الشهر الماضي، سُئل هوانغ عن كيفية مساعدة شركته «نيفيديا» للعملاء في التغلب على تباطؤ محتمل، وما قد تكون العواقب على أعمالها. قال إن الأدلة أظهرت أنه لا يزال يتم تحقيق مكاسب، لكن الشركات كانت تختبر أيضاً عمليات وتقنيات جديدة على شرائح الذكاء الاصطناعي. وأضاف: «نتيجة لذلك، فإن الطلب على بنيتنا التحتية كبير حقاً». وعلى الرغم من ثقته في آفاق «نيفيديا»، فإن بعض أكبر عملاء الشركة يعترفون بأنهم يجب أن يستعدوا لاحتمال عدم تقدم الذكاء الاصطناعي بالسرعة المتوقَّعة.

وعن التباطؤ المحتمل قالت راشيل بيترسون، نائبة رئيس مراكز البيانات في شركة «ميتا»: «إنه سؤال رائع نظراً لكل الأموال التي يتم إنفاقها على هذا المشروع على نطاق واسع».

* خدمة «نيويورك تايمز»