لقاءان بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية فشلا في تسوية تحويل الأموال

TT

لقاءان بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية فشلا في تسوية تحويل الأموال

أكدت مصادر في تل أبيب ورام الله، أمس الأربعاء، أن وزير المالية الإسرائيلي، موشيه كاحلون، ووزير الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية، حسين الشيخ، اجتمعا مرتين في الشهر الماضي في مدينة القدس في سبيل البحث عن تسوية لمشكلة حسم أموال الضرائب. ولكنهما لم يتوصلا إلى أي تفاهمات، حيث إن إسرائيل ما زالت تتمسك بموقفها برفض تحويل رواتب للأسرى الفلسطينيين وأسر الشهداء، كما أن الفلسطينيين يرفضون تسلم أي مبلغ إذا لم تتراجع إسرائيل عن قرارها.
وقد جرى اللقاءان بسرية، بسبب معرفة كل طرف أن هناك قوى سياسية وشعبية كثيرة من الطرفين ترفض قبول مثل هذه اللقاءات. ففي إسرائيل يطالب اليمين المتطرف بترك السلطة تنهار وفي المناطق الفلسطينية يطالبون السلطة بقطع أي اتصال مع إسرائيل. لكن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية كانت حذرت من أن امتناع السلطة الفلسطينية عن تلقي بقية الأموال يهدد بأزمة مالية خطيرة قد تؤدي إلى انهيارها. وأوصى قادة هذه الأجهزة بأن تعيد إسرائيل هذه الأموال بل إن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، جادي آيزنكوت، توجه إلى البيت الأبيض طالبا أن تتراجع إدارة الرئيس دونالد ترمب عن قرارها بحجب المساعدات عن السلطة الفلسطينية.
وحاول كاحلون وحسين الشيخ البحث عن تسوية ترضي الطرفين. لكن الوزير الإسرائيلي لم يأت باقتراح جديد حول الموضوع وعاد لتكرار التذمر من تحويل الرواتب باعتبارها «تشجيعا على الإرهاب»، ورد الطرف الفلسطيني بأن السلطة لن تقبل التراجع عن دعم الأسرى وعائلات الشهداء. ولن توافق على أي حسم إسرائيلي من هذه الأموال: «فهذه الأموال لنا وأنتم تجبونها مقابل عمولة».
وقال الشيخ في تغريدة على حساب «تويتر»، أمس الأربعاء، إنه لم يتم التوصل إلى تسوية في هذه القضية. وأضاف أن السلطة الفلسطينية ترفض أن تستلم الأموال منقوصة.
يذكر أن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر قرر قبل عدة أشهر حسم قيمة الرواتب التي تدفعها السلطة الفلسطينية للأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية وعائلات الشهداء الفلسطينيين، وتبلغ 41 مليون شيكل (الدولار يساوي 3.55 شيكل) من مجموع 660 مليون شيكل، بدعوى أن هذا يعتبر «تمويلا للإرهابين وعائلاتهم وتشجيعا للإرهاب ضد إسرائيل». فقررت القيادة الفلسطينية رداً على ذلك رفض تلقي أي أموال منقوصة. وصرح الرئيس الفلسطيني محمود عباس عدة مرات بأنه «لو لم يبق سوى شيكل في خزينتنا فسندفعه لأبنائنا الأسرى وعائلات شهدائنا الأبرار».
وتشكل هذه الأموال الدخل الأكبر للسلطة، ما سبب لها أزمة مالية كبيرة. وتدفع السلطة منذ شهور نصف راتب لموظفيها ضمن موازنة طوارئ وضعتها الحكومة حتى شهر يوليو (تموز).
وينتظر الفلسطينيون تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة في إسرائيل على أمل أنها ستنهي هذه الأمر مع مزيد من الضغوط الدولية. ويفترض أن يشكل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حكومته الجديدة خلال أسبوعين.
وكانت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية حذرت من تضرر التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية، خلال الأشهر الثلاثة القادمة، إذا استمرت الأزمة المالية لدى السلطة.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.