البرلمان اللبناني ينهي الربع الأول من ولايته {بنتائج مخيّبة}

نواب يحملون الحكومة ووزراءها مسؤولية «عرقلة» 50 قانوناً

TT

البرلمان اللبناني ينهي الربع الأول من ولايته {بنتائج مخيّبة}

يطوي البرلمان اللبناني السنة الأولى من ولايته، من دون أن يحقق الإنجازات المطلوبة على صعيد التشريعات والعمل الرقابي ومحاسبة الحكومة على أدائها. وهو ما لا يتوافق مع التطلعات الإيجابية مع انتخاب مجلس نيابي مطعّم بدم جديد، مع مجيء أكثر من 70 نائباً وصلوا للمرة الأولى إلى الندوة البرلمانية غالبيتهم من الشباب.
يعترف نواب الأمة بالتقصير الحاصل، الذي جاء دون مستوى الآمال المعقودة، مع انتهاء الربع الأول من ولاية المجلس النيابي. لكنّ هذا التقصير له ما يبرره وفق تعبير عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب ياسين جابر، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «لبنان أضاع فرصة ثمينة من خلال تأخير تشكيل الحكومة لأكثر من تسعة أشهر، وهو ما أفرغ المجلس النيابي من إمكانية الإنتاجية». ورأى جابر أنه «بعد ولادة الحكومة وتشكيل اللجان النيابية، بدأ المجلس النيابي مواكبة المرحلة»، لافتاً إلى أن «الحضور الأهم للمجلس يتمثّل باستعادة سلطاته التشريعية وسلطة الرقابة والمحاسبة للحكومة».
وبموازاة الإخفاق في إنتاجية المجلس، ثمة مسؤولية تترتّب على الحكومة، وهي تتصل بالتأخير في تنفيذ القوانين الصادرة عن البرلمان في السنوات الأخيرة. ولقد اتهم النائب جابر بعض الوزراء بعرقلة تنفيذ القوانين، إذ قال: «هناك 52 قانوناً أقرّها المجلس النيابي، أبرزها ما يتعلق بالإصلاح الهيكلي لإدارات الدولة، مثل قوانين تنظيم قطاعات الكهرباء والاتصالات والطيران المدني وتعيين الهيئات الناظمة لها، وقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص وقانون حقّ الوصول للمعلومات». واعتبر أن «عرقلة هذه القوانين يخالف مصلحة البلد والاتفاقيات الدولية». كما أعلن أن «رئيس مجلس النواب نبيه برّي شكّل أخيراً لجنة نيابية مهمتها متابعة تنفيذ القوانين».
هذا، وتكاد القوانين التي أقرّها البرلمان الجديد في عامه الأول لا تذكر، سواء لجهة كميتها أو نوعيتها، وهذا ما يعترف به أعضاء المجلس. فلقد أشار النائب جابر - وهو وزير سابق - إلى أن البرلمان «أقرّ في السنة الأولى من ولايته عدداً من القوانين، لكنها ليست مفصلية بالتشريع». ولفت إلى أن «بعضها يتعلّق بالانتظام المالي وآلية الإنفاق، لكن الرهان على إقرار حزمة من القوانين المهمة في المرحلة المقبلة، منها قانون الموازنة واستعادة الدور الرقابي الفاعل، والمحاسبة على التوظيف الذي حصل خلافاً للقانون».
وللعلم، شهد لبنان انتخابات برلمانية في السادس من مايو (أيار) 2018 بعد التمديد للمجلس النيابي مرتين متتاليتين، ولولاية كاملة (أربع سنوات)، وجرت الانتخابات للمرة الأولى وفق القانون النسبي، والذي أوصل أكثرية نيابية لـ«حزب الله» وحلفائه ما مكّن الحزب من ترجمة هذا الانتصار في الحكومة، حيث نال مع حلفائه على الأغلبية في السلطة التنفيذية.
من جهة أخرى، أشار الخبير القانوني والدستوري المحامي سعيد مالك، إلى أن إنجازات المجلس كانت متواضعة جداً وأقلّ بكثير من المتوقع. وأوضح مالك لـ«الشرق الأوسط»، أن «اللبنانيين كانوا ينتظرون إطلاق ورشة تشريعية، خصوصا أن البلد يمرّ بمرحلة استثنائية، إلا أن أداء المجلس لم يؤت ثماره المطلوبة، ويفترض أن تكون إنتاجيته أفضل، وأن يقرّ القوانين التي تواكب مؤتمر (سيدر)... إن ما تمّ إقراره لا يعدّ في خانة الإنجازات، لأن المجلس لم يقم بمهامه كما يجب في السنة الأولى من عهده». وأمل المحامي مالك في أن «تكون السنوات الثلاث المقبلة أفضل من السنة التي مضت»، مبدياً استغرابه لهذا التباطؤ «بعد انتخابات ضخّت دماً جديداً في شرايين السلطة التشريعية، عبر وصول ما بين 70 و80 نائباً جديداً، وهذا الدم الجديد كفيل بخلق دينامية يفترض أن تؤدي إلى النتيجة المطلوبة، لكن للأسف هناك خيبة أمل لدى اللبنانيين».
وكما أن المجلس النيابي يتحمّل مسؤولية الإخفاق، ثمة مسؤولية مترتبة على عاتق الحكومة، وفق تعبير مالك، الذي اعتبر أن «السلطة التنفيذية عليها واجب مواكبة البرلمان في إرسال مشاريع القوانين، وهي مسؤولة أيضاً عن جانب مهم في تراجع إنتاجية المجلس النيابي». وأضاف: «طموحات اللبنانيين أكبر مما تحقق، لأن الظروف الاستثنائية تستوجب جهوداً استثنائية، والمطلوب أن يبقى البرلمان في دورة مفتوحة للتعويض عن التقصير الحاصل».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.