بوابة الدرعية «العوجا» تفتح سيرة الإباء وتاريخ التأسيس

ارتبط اسم الدرعية بالدولة السعودية الأولى كعاصمة لها ومن أهم آثارها قصر سلوى وسور الطريف وهو سور كبير عليه عدد من الأبراج الضخمة للمراقبة
ارتبط اسم الدرعية بالدولة السعودية الأولى كعاصمة لها ومن أهم آثارها قصر سلوى وسور الطريف وهو سور كبير عليه عدد من الأبراج الضخمة للمراقبة
TT

بوابة الدرعية «العوجا» تفتح سيرة الإباء وتاريخ التأسيس

ارتبط اسم الدرعية بالدولة السعودية الأولى كعاصمة لها ومن أهم آثارها قصر سلوى وسور الطريف وهو سور كبير عليه عدد من الأبراج الضخمة للمراقبة
ارتبط اسم الدرعية بالدولة السعودية الأولى كعاصمة لها ومن أهم آثارها قصر سلوى وسور الطريف وهو سور كبير عليه عدد من الأبراج الضخمة للمراقبة

لا تزال صورة تدمير الدرعية (1818) القاعدة الأولى لحكم آل سعود في نجد، وقصة تهجير سكان المدينة المنورة (1916 - 1918) عالقتين بألم في النفوس إلى حال التاريخ، شاهدتين على قسوة حكم العثمانيين للحجاز وغزوهم نجداً في زمنيهما، وقد دونت المراجع تدمير الدرعية في كتب عدة، أما قصة تهجير سكان المدينة المنورة فوثقه عديدون من أدباء المدينة المنورة كعزيز ضياء وعبد الحق نقشبندي وعثمان حافظ، وتحدث عنه محمد حسين زيدان في كتابه «ذكريات العهود الثلاثة 2011» وأصدر عنه سعيد وليد طولة كتاباً توثيقياً (2016) بعنوان «سفر برلك وجلاء أهل المدينة المنورة إبان الحرب العالمية الأولى 1334 - 1337هـ في 288 صفحة»، وسفر برلك هو الاسم التركي المتعارف عليه للنفير العام، وتخص عملية التهجير القسري تلك، كما صدر عنها هذا العام كتاب مماثل لمحمد الساعد لم أطلع عليه بعد.
بقيت الدرعية منذ تدميرها قبل مائتي عام بأيدي قوات إبراهيم باشا المصرية منفذة للأوامر التركية، أطلالاً شاخصة تحكي قصة المقاومة، وعزيمة الإصرار على إقامة مشروع الكيان السعودي في مراحل ثلاث متتالية، حتى إذا ما حلت الألفية الثالثة ولما يرتوِ الأهل من رواية قصصها، قررت الحكومة قلب صفحة التاريخ بإعادة ترميم بعضها وإبقاء البعض المدمر معالم شاهدة على تلك المرحلة المؤلمة من التاريخ، مع تسجيلها على قائمة التراث العالمي لدى اليونيسكو.
اليوم ومنذ عقدين، تشهد الدرعية حركة دؤوبة، لتنفيذ مشروع ثقافي وسياحي ضخم للتراث العمراني على ضفتي وادي حنيفة المتعرج الذي تقع عليه أطلال الدرعية، لجعلها مزاراً للأجيال ومتنزهاً لسكان العاصمة الرياض التي تبعد عشرة أميال عنها، واتخذ منها الملك سلمان المغرم بقراءة التاريخ مقراً تراثياً من البيئة المحلية، لسكن خاص سماه «قصر العوجا».
كانت إمارة الدرعية تتشكل من عنقود من القرى والتلال، شهدت في مجموعها بدايات الدولة السعودية في دورتها الأولى على يد منشئها محمد بن سعود منتصف القرن الثامن عشر، وأصدرت عنها دار جداول هذا العام كتاباً جامعاً بعنوان «الدرعية؛ بين باب سمحان وباب سلمان» في مائة وخمسين صفحة من تأليف أحد أبناء الدرعية عبد الحكيم عبد الرحمن العواد.
وكان أهل الرياض والمنطقة المحيطة بها (المسماة جغرافياً «العارض» لاعتراض سلسلتها الجبلية) يفاخرون في المناسبات الحماسية بالقول «حنّا هل العوجا» ولم يكن أكثر الناس يعرف مغزاها، ويتداولون احتمالات عدة بمعانيها لبعضها علاقة بتعرج الوادي، إلى أن حققت دارة الملك عبد العزيز هذا المصطلح وأعادته إلى المكان وهو الدرعية (في كتاب صدر عام 2010 في 95 صفحة) مستشهدة بعشرات القصائد العامية والأهازيج الشعبية (العرضات الحماسية) التي تغنت بها، ومن بينها ما يعود تاريخه إلى مائتي عام، لكن أشهرها قول شاعر نجد الشهير محمد العوني (ت 1924) يقول فيها عام 1904:
مني عليكم ياهل العوجا سلام
واختص أبو تركي عمى عين الحريب
و«بو تركي» لقب الملك المؤسس عبد العزيز بأكبر أبنائه.
وكان مصطلح «العوجا» ورد في الشعر الفصيح أيضاً، ومنه قصائد للشاعر حسين بن علي النفيسة (ت 1949) يقول في إحداها:
تألّق في العوجا الهدى ثم انورا
ونادى منادي العدل والجور أدبرا
وبعد؛ إن من يزور الرياض أو يسكنها، ولا يقوم بجولة في وسط المدينة (الديرة وقصر المصمك) والمتحف التاريخي وما حوله من قصور المربع، ويتجول في الدرعية التاريخية (حي البجيري وحي الطريف ووادي حنيفة) فإن معرفته بالمدينة مثلومة.
-باحث وإعلامي سعودي



رحلة في عالم تمكين الذات

رحلة في عالم تمكين الذات
TT

رحلة في عالم تمكين الذات

رحلة في عالم تمكين الذات

أصدرت «منشورات رامينا» في لندن كتاب «أنا أوّلاً... أنا الآن: استراتيجيات لتمكين الذات وبناء مستقبل مشرق»، للمؤلف والمدرب في التنمية الذاتية بهجت بيجاكجي، الذي يقدم فيه دليلاً شاملاً لتحقيق التوازن الشخصي والنمو الذاتي. ترجِم الكتاب إلى العربية عبد الله ميزر، وجاء ليكون «مرجعاً عملياً وعلمياً للراغبين في تحسين حياتهم وتطوير قدراتهم الذاتية بطرق تتماشى مع الحياة المعاصرة وتحدياتها».

يقع الكتاب في 11 فصلاً، يتناول كل منها جانباً من جوانب التمكين الشخصي. تبدأ الفصول بتوضيح أهمية التفكير الإيجابي، ثم تنتقل إلى مواضيع أكثر عمقاً مثل التسويف والمماطلة، وضبط النفس، والانضباط الشخصي، والتحدي الذي يُبرز كيفية التحكم في الرغبات والاندفاع. كما يؤكّد أهمية استثمار الوقت وتطوير العلاقات الاجتماعية الإيجابية التي تُثري تجارب الحياة.

يقدم الكتاب أدوات واستراتيجيات يعتقد المؤلف أنها فعالة لمواجهة التحديات اليومية، سواء كانت مهنية أو عاطفية، ويتحدث عن أهمية التخلي عن الأفكار السلبية وتطوير عقلية إيجابية تساعد على تحقيق الأهداف. بالإضافة إلى ذلك، يعرض خطوات عملية لتحسين مهارات التواصل وبناء علاقات ناجحة، سواء في بيئة العمل أو في الحياة الشخصية.

يبدأ الكتاب بطرح فكرة التفكير الإيجابي أساساً لتحسين جودة الحياة، حيث يقدم بيجاكجي في الفصول الأولى أساليب مدروسة لتغيير الأنماط السلبية والتفكير بتفاؤل، مشيراً إلى أن هذا النوع من التفكير يمكن أن يكون دافعاً رئيسياً للنجاح. ويسهب المؤلف في تقديم تقنيات الوضوح العقلي التي تساعد القارئ على فهم ذاته وتحديد أولوياته بشكل أوضح.

في فصل «الدافع»، يتناول بيجاكجي مسألة إيجاد الدافع الداخلي للتغيير، وكيف أن تحفيز الذات يشكل جزءاً أساسياً من الرحلة نحو تحقيق الأهداف. يقدم الكتاب استراتيجيات عملية تساعد القارئ على اكتشاف دوافعه الحقيقية، وتعزيز ثقته بنفسه ليصبح قادراً على تحقيق التحولات التي يرغب فيها.

أما في الفصل الرابع، الذي يحمل عنوان «سرّ السعادة بسيط»، فيستعرض المؤلف مفهوم السعادة من منظور شخصي ونفسي، معتبراً أن السعادة لا تأتي من الخارج، بل هي نتاج سلسلة من القرارات التي يتخذها الشخص يومياً. يعتمد بيجاكجي في هذا الفصل على مجموعة من الأمثلة والمواقف التي توضح كيف يمكن للتغيرات البسيطة في السلوك والتفكير أن تخلق تحولاً كبيراً في حياة الفرد.

يخصص الكتاب فصلاً للحديث عن العلاجات المجتمعية، مؤكداً دور العلاقات الإنسانية في دعم الأفراد. ويوضح بيجاكجي أن التفاعل مع المجتمع والأصدقاء يمكن أن يكون مصدر قوة للشخص، وأن التشارك في التجارب يساعد على تعزيز المرونة النفسية، وتخطي التحديات بسهولة أكبر. ويشدد على أهمية الدعم الاجتماعي ووجود دوائر آمنة للمناقشة والتواصل، حيث يعزز ذلك من فرص الاستقرار النفسي ويعطي حياة الإنسان معنى أعمق.

في الفصل السادس، يسلط بيجاكجي الضوء على ظاهرة التسويف والمماطلة، مشيراً إلى الأسباب النفسية وراء هذه العادة، وآثارها السلبية على النجاح الشخصي والمهني. يتناول هذا الفصل بعضاً من الأساليب الفعّالة التي تساعد القارئ على التغلب على المماطلة، مثل تقنية تقسيم المهام ووضع جداول زمنية واضحة. يعرض المؤلف أمثلة واقعية ونصائح تطبيقية، بما فيها تحديات صغيرة تساعد على كسر حلقة التسويف تدريجياً وتدفع الشخص نحو الإنجاز الفعلي.

ينتهي الكتاب بفصل عن أهمية الوقت المخصص للذات، حيث يرى بيجاكجي أن قضاء الوقت في التفكير والتأمل هو جزء أساسي من بناء شخصية متوازنة. يشير المؤلف إلى أن تخصيص وقت للذات يساعد على تحقيق السلام الداخلي، ويمكن من خلاله بناء الثقة بالنفس وتعزيز الرضا الشخصي. ويؤكد أن هذا الوقت يعد محطة للعودة إلى الذات وتحديد الاتجاهات المستقبلية بشكل أفضل.

ويقول الناشر إن هذا الكتاب يعد خطوة عملية لأولئك الساعين نحو تحسين ذواتهم والتعامل مع الحياة بمزيد من الإيجابية والتوازن، ومرجعاً للراغبين في تحقيق إنجازات شخصية ومهنية، مقدّماً أدوات فعّالة يمكن تطبيقها في الحياة اليومية.

والمؤلف بهجت بيجاكجي بريطاني - تركي، وهو كاتب ومدرب في مجال التطوير الذاتي. بدأ حياته المهنية في مجال القانون في تركيا ولندن، حيث عمل محامياً ومستشار أعمال لفترة طويلة. وقد ساعدته هذه التجربة على فهم التحديات النفسية والاجتماعية التي يواجهها الأفراد، مما قاده إلى تطوير اهتمامه في مجال التنمية الذاتية.

في عام 2018، قرر بيجاكجي تحويل مساره بالكامل نحو التدريب على النمو الشخصي وتمكين الذات، حيث أسس موقعاً إلكترونياً يعرض من خلاله محتوى تثقيفياً متنوعاً يشمل مدونات ومقالات تحفيزية، بالإضافة إلى بودكاست يُلقي من خلاله الضوء على أفكار ملهمة حول تحسين جودة الحياة وتحقيق الأهداف. يجمع بيجاكجي في كتاباته وأعماله بين مبادئ التحفيز النفسي وتقنيات عملية يمكن تطبيقها في الحياة اليومية.

يؤكد بيجاكجي أهمية إدراك الإنسان قيمته الذاتية وقدراته الكامنة، ويحرص على تشجيع القراء على تبني فكر إيجابي يعزز من تقديرهم لذواتهم وقدراتهم. كما يقدم بيجاكجي تدريبات حول إدارة المشاعر، وتنمية الوعي الذاتي، واستخدام الاستراتيجيات التحفيزية لمواجهة تحديات الحياة بنجاح.

أما عبد الله ميزر، فهو مترجم وكاتب سوريّ مقيم في الإمارات العربية المتّحدة. له كثير من الترجمات في الفنون والثقافة والسينما والسياسة بين اللغتين العربية والإنجليزية.