لافروف وبومبيو اتفقا على «إعادة تشغيل» قنوات الحوار

تحدثا عن «حوار صريح ومفيد» وناقشا عقد قمة روسية ـ أميركية

بومبيو لدى وصوله إلى سوتشي أمس (رويترز)
بومبيو لدى وصوله إلى سوتشي أمس (رويترز)
TT

لافروف وبومبيو اتفقا على «إعادة تشغيل» قنوات الحوار

بومبيو لدى وصوله إلى سوتشي أمس (رويترز)
بومبيو لدى وصوله إلى سوتشي أمس (رويترز)

فتحت جولة المحادثات الشاملة التي عقدها وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف مع نظيره الأميركي مايك بومبيو، أمس، في منتجع سوتشي الروسي على البحر الأسود، فرصة مهمة لإعادة استئناف الحوار بين البلدين بعد فترة انقطاع طويلة.
وأعرب الوزيران عن ارتياح لنتائج النقاشات، برغم إقرارهما بعدم إحراز تقدّم في اتجاه تقريب وجهات النظر حول الملفات الخلافية. وشكّل الاتفاق على إعادة تشغيل قنوات الاتصال المقطوعة واحدة من أبرز نتائج اللقاء، في حين أعرب الطرفان عن رغبة في مواصلة النقاشات والتحضير لقمة روسية - أميركية، من دون الإعلان عن موعد تقريبي لها. وعقب مؤتمر صحافي مشترك، انتقل الوزيران للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي أكّد استعداد روسيا لاستعادة علاقات كاملة مع واشنطن.
وأعلن لافروف في مؤتمر صحافي مشترك أعقب المحادثات التي استمرت نحو 4 ساعات، أن «التوتر بين روسيا والولايات المتحدة يؤثر بشكل سلبي على الوضع في العالم، وهذا الأمر يجب إصلاحه». وقال إنه بحث مع نظيره الأميركي العلاقات الثنائية، والوضع في سوريا وفنزويلا والاتفاق النووي الإيراني، وطيفاً واسعاً من الملفات العالقة الأخرى. وأوضح أن المباحثات تركزت على «القضايا الثنائية، وتبادلنا الآراء حيال القضايا الدولية والإقليمية، وقبل كل شيء الوضع في فنزويلا وشبه الجزيرة الكورية وسوريا، وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل عام، وفي أوكرانيا وأفغانستان، والوضع حول خطة العمل الشاملة لتسوية البرنامج النووي الإيراني».
وزاد أن «لدينا الكثير من الاختلافات، لكن الحقيقة أننا نتحدث عن هذه الموضوعات، وسنستمر في مناقشة الوضع، ما يعطينا أملاً في إمكانية التوصل إلى بعض الاتفاقات، بدعم من روسيا والولايات المتحدة». كما أشار إلى أن الحديث تطرق إلى إمكانية عقد قمة روسية - أميركية جديدة.
وشدد الوزير الروسي على موقف بلاده حيال عدد من الملفات الدولية، وقال إن «روسيا تؤيد أن يحدد شعب فنزويلا مستقبله من دون تدخل خارجي، وفي هذا الصدد، من المهم أن تبدأ جميع القوى السياسية الوطنية المسؤولة في هذا البلد إجراء حوار فيما بينها».
كما أشار إلى الاهتمام الخاص «بقضايا الاستقرار الاستراتيجي. وبحثنا الوضع حول معاهدة الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى. وتحدثنا عن آفاق معاهدة الأسلحة الهجومية الاستراتيجية التي تنتهي مدتها في فبراير (شباط) 2021. ونحن مهتمون باستئناف حوار ملموس ومهني بشأن جميع جوانب مراقبة الأسلحة».
وأعرب لافروف عن قناعة بأن روسيا والولايات المتحدة تواجهان مشكلات كثيرة تتطلب تدابير عاجلة وحلولاً طويلة الأمد، من بينها قضايا الأمن الاستراتيجي وتسوية الأزمات. وأكّد في هذا الصدد أن الجانبين اتفقا على «أهمية إعادة إقامة القنوات للتواصل»، وأوضح إلى أنه «تم تجميد تلك القنوات في السنوات الأخيرة، بسبب الاتهامات غير المبررة الموجهة إلينا بأننا نحاول التأثير على نتائج الانتخابات الأميركية، وبوجود نوع من التآمر بيننا وبين مسؤولين رفيعين في الإدارة الأميركية الحالية»، معرباً عن أمله بأن «يسمح نشر تقرير المدعي روبرت مولر بـ(تهدئة الأمور) في الولايات المتحدة، وإحراز تقدم في إقامة تعامل بناء، وحوار احترافي». وأعلن لافروف أن الجانب الروسي قدّم إلى الوفد المرافق لوزير الخارجية الأميركي مذكرة تتضمن حقائق حول تدخل واشنطن في شؤون روسيا.
وكشف المسؤول الروسي الرفيع أيضاً أنه قدّم لبومبيو نسخة من مقال نشر في إحدى الصحف الأميركية عام 1987، فيه إشارة إلى أن «الاتحاد السوفياتي سيحاول التأثير على انتخابات الرئيس الأميركي» المقررة في العام التالي. وأشار لافروف إلى أنه «ورد في هذا المقال لأول مرة الحديث عن طموحات رجل الأعمال، دونالد ترمب، للوصول إلى منصب الرئاسة في الولايات المتحدة».
وأقرّ بأنه لدى كلا الجانبين روسيا والولايات المتحدة «تراكم لكثير من الشكوك والتوتر، ولكن موسكو لا تستفيد من ذلك، ولا واشنطن، بل على العكس من ذلك، نرى عناداً متبادلاً يزيد من المخاطر الأمنية على الجانبين، ويسبب أيضاً قلقاً للمجتمع الدولي بأسره».
من جانبه، أكد بومبيو أن الرئيس الأميركي «ملتزم بتحسين العلاقات مع روسيا». وقال إنه جاء إلى روسيا، «لأن الرئيس ترمب متمسك بتحسين العلاقات، وهذا التحسين يشكل ضرورة تصبّ في مصلحة العالم أجمع».
برغم ذلك، وجّه بومبيو إشارات مهمة إلى موسكو بضرورة إجراء مراجعة لسياساتها، وقال إنه «يأمل ألا تتكرر مسألة التدخل في الانتخابات الأميركية». وقال إنه أجرى حواراً صريحاً مع لافروف، حول ملفات خلافية، بينها الوضع في فنزويلا، و«نأمل ألا تدعم موسكو مادورو الذي يتوجب عليه التنحي». كما أشار إلى أن الطرفين بحثا موضوع معاهدة تقليص الأسلحة النووية المتوسطة والقصيرة ومعاهدة «ستارت 3»، من دون أن يوضح ما إذا كانت المحادثات أسفرت عن تقدم محدد في هذا المجال. لكنه أشار إلى أنه «على روسيا والولايات المتحدة بناء أرضية مشتركة في قضايا مراقبة التسلح وعدم انتشار السلاح النووي وتسوية الصراعات الإقليمية».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».