البرلمان العراقي يعتزم تشكيل لجنة لمكافحة الفساد

TT

البرلمان العراقي يعتزم تشكيل لجنة لمكافحة الفساد

في حين تؤكد مصادر البرلمان العراقي عزمه على تشكيل لجنة خاصة لمكافحة الفساد الذي تعاني منه البلاد منذ سنوات، يقود زعيم التيار الصدر مقتدى الصدر والشخصيات المقربة منه، حملة شرسة لـ«تطهير» تياره من الفاسدين وإحالة ملفاتهم إلى محاكم الدولة المختصة.
وتشير مصادر البرلمان إلى أن اللجنة الجديدة ستتكون من «جميع اللجان المنضوية في البرلمان لتكون مساندة لعمل القضاء ومجلس الوزراء للقضاء على آفة الفساد الخطيرة».
ويبدو أن السلطة التشريعية تريد أن تسير على خطى السلطة التنفيذية ممثلة برئاسة الوزراء التي أسست «المجلس الأعلى لمكافحة الفساد» نهاية السنة الماضية.
وقال عضو لجنة النزاهة النيابية حسن شاكر الكعبي في تصريحات لجريدة «الصباح» شبه الرسمية أمس: إن «مجلس النواب يعتزم تشكيل لجنة خاصة من اللجان الموجودة فيه لمكافحة الفساد من خلال متابعته والإشراف على القرارات التنفيذية التي ستصدر بعد ذلك، وأن هذه اللجنة تختلف عما هو موجود في لجنة النزاهة»، معتبراً أن «العلاج الناجع للقضاء على هذه الآفة التي فتكت بالمجتمع والأموال؛ هو تشخيصه وإيجاد قوانين أكثر فاعلية من الموجودة حالياً، والأساليب المتبعة بمجاملة بعض الشخصيات المتهمة بالفساد وتغريمها جزءاً مما سرقته وغلق الملف بشكل نهائي وفسح المجال له للخروج إلى بلدان أخرى لتلافي الملاحقة القانونية». وأشار إلى أن المجلس الأعلى لمكافحة الفساد الذي أسسه مجلس الوزراء «لم يقدم حتى الآن أي مشروع لمكافحة الفساد».
وتقول لجنة النزاهة النيابية إنها بصدد النظر في تعديل قوانين هيئة النزاهة والكسب المشروع واسترداد أموال العراق، ووضع التشريعات اللازمة التي من شأنها محاربة آفة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة.
بدوره، أقر عضو لجنة النزاهة الآخر خالد الجشعمي بحاجة البلاد الماسة إلى التعامل بحزم مع ملف الفساد، لكنه نفى علمه بتشكيل لجنة نيابية خاصة لمكافحة الفساد. وقال الجشعمي في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لا أستطيع أن أنفي أو أوكد تشكيل هكذا نوع من اللجان، ربما بقية الزملاء لديهم تفاصيل أكثر مع أن مهمة لجنة النزاهة البرلمانية قريبة من عمل اللجنة الجديدة المفترضة». وكشف الجشعمي عن أن لجنة النزاهة النيابية «لم يصلها حتى الآن شيء من المجلس الأعلى لمكافحة الفساد بشأن إجراءاتهم العملية للحد من الفساد، رغم تقديم اللجنة لمقترحات ورؤية لرئيس الوزراء وللسلطة القضائية في إمكانية معالجة هذه الآفة ومحاسبة الفاسدين».
وفي جانب آخر يتعلق بملف مكافحة الفساد، شكل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لجنة خاصة مؤلفة من ثلاثة أعضاء، ضمنهم محافظ بغداد السابق علي التميمي، وكلفها «جمع معلومات شاملة وكاملة عن كل من يعمل بمشاريع تجارية حكومية حلالاً كانت أم حراماً، مشروعة كانت أم ممنوعة، ممن هم ينتمون إلى التيار الصدري حالياً أو كانوا ينتمون إليه من دون استدعائهم». وطالب الصدر في بيان أصدره أمس، اللجنة الثلاثية المشكلة بـ«تقسيم الملفات إلى أقسام عدة، وأن يعلنوا عن جميع الأسماء والتمييز بين العمل الصحيح والباطل». وذكر أن «كل من يرفض التعاون مع هذه اللجنة أو تثبت إدانته فسيحال ملفه إلى محاكم الدولة المختصة».
واستثنى الصدر من إجراءات اللجنة كل من «يكتب كتاباً يبين فيه استقالته، وأن كل ما عمل به من أعمال تجارية ومالية وغيرها لم يكن بغطاء إداري من التيار ولا بأمر مني على الإطلاق».
وخاطب الصدر أتباعه ممن تحوم حولهم شبهات الفساد قائلاً: «إما أن تختاروا أموالكم فأنتم مطرودون، وإما أن تختاروننا آل الصدر فأهلاً بكم وسهلاً، ولا فرق في ذلك بين من عمل في السياسة أو الجهاد أو غيرها من الأمور».
وسبق أن قام مقتدى الصدر بإجراءات مماثلة مع شخصيات بارزة في تياره، ومنهم نائب رئيس الوزراء السابق بهاء الأعرجي، تحوم حولهم شبهات فساد، حيث استدعاهم إلى مقره بمنطقة الحنانة في النجف وطالب الجهات الشعبية والحكومية التي لديها خصومات مالية معهم بتقديم الأدلة على ذلك. ونجح بالفعل في إعادة بعض الأموال والممتلكات التي استولى عليها عناصر محسوبة على تياره وأعادها إلى المواطنين.
وأظهرت التعليقات التي كتبها أنصار التيار الصدري عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة حالة الغضب الشديد التي سيطرت على اتباع الصدر بعد تهديد الأخير بعدم رؤيتهم في حال لم يتم القضاء على الفساد بين صفوف تياره أو الذي يستغلون اسمه وعائلته للإثراء على حساب المواطنين والمال العام.
وكان صالح محمد العراقي، أحد أبرز المقربين من الصدر وغالباً ما يقوم بنشر آخر بياناته وتغريدات عبر «تويتر»، قال في إحدى منشوراته أمس: «النصف من شعبان، إما أن يودعنا أو نودع الفاسدين ونودعهم في سلة المهملات». ونقل العراقي عن الصدر قوله: «إذا لم يطهر التيار، فلن تروني مجدداً، فلست أقدر على حمل ذنوبهم أمام والدي، بل أمام الله».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.