انقطاع الكهرباء يعمّق جراح الليبيين في رمضان

دعوات لمجلس الأمن بحماية النازحين والهاربين من ويلات الحرب

TT

انقطاع الكهرباء يعمّق جراح الليبيين في رمضان

ألحقت المعارك العسكرية، الدائرة في الضواحي الجنوبية للعاصمة الليبية، أضراراً واسعة بالبنية التحتية لشبكات الكهرباء، وخطوط نقل التيار بين المدن والبلدات، مما زاد من معاناة المواطنين، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة في شهر رمضان الكريم.
وقالت الشركة العامة للكهرباء في بيان أمس إن أضراراً لحقت بمكونات الشبكة الكهربائية في منطقة السبيعة، بسبب المعارك الجارية في طرابلس، مشيرة إلى أن مهندسي الشركة يحاولون القيام بأعمال الصيانة سريعاً بقدر الإمكان.
وتعد خطوط التيار الكهربائي في طرابلس هدفاً للمتقاتلين، إذ سبق أن تعرضت لأضرار بالغة خلال العام الماضي بسبب اندلاع الاشتباكات المتكررة بين الميليشيات المسلحة، لكن هذه الأضرار تضاعفت بعد معركة طرابلس بين «الجيش الوطني» وقوات موالية لحكومة «الوفاق». ولذلك يشتكي غالبية سكان جنوب طرابلس من الانقطاعات المتكررة للكهرباء، وتأثيرات ذلك على حياتهم اليومية، خاصة في شهر رمضان.
يقول سليمان الورفي: «أصبح انقطاع التيار الكهربائي ظاهرة يومية نعاني منها بسبب اندلاع المعارك، وبعض الأطراف تتعمد إشعال النيران في محولات الكهرباء». موضحا أن بعض المناطق باتت تفتقد إلى الكهرباء والمياه بشكل دائم، مما يرغم المواطنين على النزوح من منازلهم، أو العيش في الظلام وجلب المياه من أماكن بعيدة، فضلاً عن معاناة المرضى في المستشفيات.
ووفق آخر الإحصاءات، فقد بلغ عدد النازحين 66 ألف مواطن من مناطق الاشتباكات في جنوب وجنوب غربي طرابلس ومحيط المدينة، جراء المواجهات المسلحة.
وفي هذا السياق قال أحمد عبد الحكيم حمزة، مقرر اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، أمس: «أصبح النازحون والمهاجرون يعيشون ظروفاً كارثية، وهو ما يضاعف الأزمة الإنسانية والمعيشية التي تمر بها مدينة طرابلس»، لافتاً إلى أن «تصاعد وتيرة المواجهات المسلحة وتوسع دائرتها جغرافياً، سيرفع أعداد النازحين والمهجرين، وسيظل المدنيون دائماً هم الضحايا الأبرز في كل أحداث العنف والحروب».
وللتخفيف من معاناة اللاجئين سلّم قسم الإغاثة، التابع لجمعية الهلال الأحمر الليبي (فرع طرابلس)، لجنة الأزمة في مدينة طرابلس الكبرى مواد غذائية وغير غذائية، قصد تسليمها للمواطنين النازحين، الذين تشرف على رعايتهم وتوفير احتياجاتهم. وقالت الجمعية إن فريق الإغاثة أجرى عملية توزيع للمواد الغذائية في نطاق بلدية جنزور، لتتم المساعدة الشاملة لكل الأسر التي تحتضنهم البلدية.
واستكمالاً للجهود الرامية لاحتواء النازحين، أعلنت عيادة الأسر النازحة في منطقة القربوللي تجهيز هيكلية عمل العيادة الخاصة بالعائلات النازحة خلال شهر رمضان، حسب التخصصات المتوافرة طوال الأسبوع، فضلاً عن استقبال مدارس مدينة سرت الساحلية عشرات الطلاب والطالبات، النازحين من ضواحي العاصمة.
في السياق ذاته، دعت مجموعة من وكالات الإغاثة في ليبيا، أمس، إلى قرار صادر عن الأمم المتحدة لدعم من تقطعت بهم السبل بسبب القتال حول طرابلس، حيث تشير المنظمة الدولية إلى أن أكثر من 60 ألف شخص أجبروا على ترك منازلهم، كما سقط 454 قتيلاً على الأقل منذ الرابع من أبريل (نيسان). فيما تقول الأمم المتحدة إن 65 مهاجراً غرقوا خلال الأسبوع المنصرم وأعيد 871 مهاجرا إلى مراكز احتجاز في ليبيا منذ بدء اشتباكات طرابلس ليعيشوا في ظل ظروف غير مقبولة في كثير من الأحيان.
وقال تشارلي ياكسلي، المتحدث باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في بيان أمس: «ينبغي عدم إعادة أحد إلى ليبيا، وإعادة الناس إلى ليبيا لا يمكن اعتبارها إنقاذا». كما جاء في تقرير عن وضع المهاجرين والمشردين، أصدرته مجموعة من وكالات الإغاثة، تعرف باسم «قطاع الحماية»، وتنسقها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن «ثلاثة آلاف مهاجر ما زالوا محاصرين في مراكز احتجاز قريبة من مناطق القتال في ليبيا، واستخدام الأسلحة المتوسطة والثقيلة في المناطق المأهولة مستمر دون هوادة».
في السياق ذاته، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» أنها قدمت مساعدات غذائية لقرابة 17 ألفا و460 طفلا في ليبيا. وقالت في تغريدة لها بموقع «تويتر» أمس: «بين يناير (كانون الثاني) ومارس 2019 تلقى ما يقرب من 17 ألفا و460 طفلًا، تتراوح أعمارهم بين 6 إلى 59 شهراً، خدمات التغذية في حالات الطوارئ، بما في ذلك الفحص والعلاج والمكملات الغذائية».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.