تحذيرات من عودة «النظام الأمني» بعد توقيف لبنانيين بسبب مواقفهم السياسية

«الاشتراكي» يرفض «الدولة البوليسية» و«التيار» ليس مع «الحرية المطلقة»

اعتصام للحزب الإشتراكي رفضاً لعودة النظام الأمني
اعتصام للحزب الإشتراكي رفضاً لعودة النظام الأمني
TT

تحذيرات من عودة «النظام الأمني» بعد توقيف لبنانيين بسبب مواقفهم السياسية

اعتصام للحزب الإشتراكي رفضاً لعودة النظام الأمني
اعتصام للحزب الإشتراكي رفضاً لعودة النظام الأمني

على وقع غضب الشارع المستمر، تعود قضية الحريات لتفرض نفسها في لبنان مع سلسلة توقيفات سجّلت في الفترة الأخيرة لعدد من الأشخاص بسبب انتقادات وجّهوها لمسؤولين كبار.
فقد سجّل الأسبوع الماضي توقيف رجل مسنّ يدعى داود مخيبر بعد مهاجمته رئيس الجمهورية ميشال عون و«العهد»، على خلفية رفضه كما أهالي منطقة المنصورية تمديد خطوط التوتّر العالي فوق منازلهم، وأمس أوقف رجل ستيني من الجنوب يدعى عدنان فرحات، يحمل الجنسية الأميركية، بعدما تم تناقل تسجيل صوتي له ينتقد فيه رئيس مجلس النواب نبيه بري، وبعد تعرّضه للضرب على يد شبان في منطقته، كما قالت عائلته. وأول من أمس، أوقف الناشط رشيد جنبلاط، لدى حضوره جلسة أمام القاضية غادة عون بدعوى سابقة أقامها ضده وزير الخارجية جبران باسيل بسبب نشره مواقف تنتقد باسيل وتهاجم «العهد».
وحذّر «الحزب التقدمي الاشتراكي» من إعادة بناء «النظام الأمني» والدولة البوليسية، وأكدت مؤسسة «مهارات» أن هذه القرارات «تخالف المبادئ العامة لحرية الرأي والتعبير»، وهو ما سبق أن أشارت إليه في تقريرها الأخير حول انتهاكات حرية الرأي والتعبير في لبنان بين مايو (أيار) 2018 وأبريل (نيسان) 2019 حيث سجّلت تراجعاً في حرية المواطنين والناشطين في التعبير عن آرائهم، ولا سيما عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي المقابل، يرى النائب في «التيار الوطني الحر» ماريو عون، أن الحرية لا يجب أن تكون مطلقة، ولا يمكن السكوت عن المسّ بكرامات الأشخاص والمسؤولين؛ حيث لا بد عندها من اللجوء إلى القضاء، مؤكداً «لسنا كما فرنسا حيث هناك وعي وإدراك لمعنى الحرية».
وأوضح المستشار القانوني لـ«مؤسسة مهارات» طوني مخايل لـ«الشرق الأوسط» أنه «عندما يكون الشخص في موقع المسؤولية، عليه أن يتقبل الانتقاد لممارساته وعمله في الشأن العام».
وأضاف: «المشكلة في لبنان أن المسؤولين يقاربون هذه الآراء من منطلق شخصي، مستندين إلى نصوص قانونية تعسّفية لا تنسجم مع الإعلان الدولي لحقوق الإنسان، ومبدأ حرية الرأي والتعبير».
لكن النائب عون يؤكد ضرورة وضع حدّ لهذه التجاوزات، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «نحن مع الحرية ونرفض المساس بها، لكن على ألا تكون مطلقة، وتقف عند حدود معينة، بحيث لا تصل إلى المسّ بكرامات الناس والتجنّي عليهم، وإذا وصلت إلى هذا الحد لا بد عندها من إعادة هذه الكرامة إلى أصحابها عبر القضاء».
وينطلق تحذير «الاشتراكي»، بحسب ما يقول مفوض الإعلام في الحزب «الإشتراكي» رامي الريس لـ«الشرق الأوسط»: «من الملاحقات التي تسجل في الفترة الأخيرة بدءاً من قصور العدل، أو في الصراع المريب بين الأمن والقضاء، وفق قواعد أبعد ما تكون عن الأصول القانونية، أو من خلال كم الأفواه واستدعاء الناشطين على وسائل التواصل، كلما عبّروا عن وجهة نظرهم، أو في استدعاء الأجهزة الأمنية إلى داخل الوزارات للتحقيق مع موظفين في سابقة خطيرة»، وذلك في إشارة إلى قيام جهاز أمن الدولة بالتحقيق مع موظفين ودبلوماسيين في وزارة الخارجية، على خلفية تسريب مراسلات لوسائل الإعلام.
وفيما يؤكد الريس رفض «الاشتراكي» الذي نظم وقفة احتجاجية أمس في وسط بيروت لكل هذه الأساليب والتمسك بحرية الرأي والتعبير التي تعتبر إحدى الميزات القليلة التي لا يزال يتميز بها لبنان، يوضح مخايل أن «كل التوقيفات تتم بناء على إشارة من القضاء الذي يفترض أن يكون الحامي الأساسي للحقوق والحريات، لكنه على العكس من ذلك يتصرف معظم القضاة كأنهم يحمون السياسيين والتركيبة الطائفية».



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.