الأزهر: «القاعدة» و«داعش» أخطر مراحل العنف في أفريقيا

أكد في دراسة أن الإرهاب بالقارة لا يزال يُشكل صعوبة

TT

الأزهر: «القاعدة» و«داعش» أخطر مراحل العنف في أفريقيا

قال الأزهر إن «أخطر مراحل العنف التي شهدتها القارة الأفريقية وأكثرها دموية، هي هيمنة تنظيمي (القاعدة) و(داعش) على سير عمليات العنف والإرهاب في أفريقيا». وأكد الأزهر في دراسة له، أن «مفهوم الإرهاب في أفريقيا لا يزال يشكل صعوبة في أنشطة الجماعات الإرهابية». وبدا لافتاً حرص أبو بكر البغدادي، زعيم «داعش» في الفيديو الذي بثه نهاية أبريل (نيسان) الماضي عبر مؤسسة «الفرقان»، التأكيد على التمدد في مناطق جديدة بالقارة الأفريقية، من خلال إعلانه عن جماعة جديدة تدعى «ولاية وسط أفريقيا». وقال مصدر في مرصد الأزهر لـ«الشرق الأوسط»، إن «(داعش) يسعى للتمدد في أفريقيا عبر مجموعات جديدة، في ظل حالة التراجع الشديد الذي عاني منه خلال الفترة الماضية في العراق وسوريا»، مضيفاً أن «تزايد المجموعات الموالية لـ(داعش) يمثل آلية مهمة للتنظيم الإرهابي، يحاول استخدامها لانتزاع صدارة التنظيمات الإرهابية في القارة، بعيداً عن غريمه المعتاد تنظيم (القاعدة)».
وأكدت الدراسة التي أعدتها وحدة اللغات الأفريقية بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، أمس، أن «الباحث عن مفهوم الإرهاب في أفريقيا يجد صعوبة في تحديده بشكل قطعي؛ والسبب في ذلك ليس غموض المصطلح ذاته، وليس قصور المعاجم اللغوية عن تعريفه، وإنما يرجع السبب إلى تعدد وتنوع صور الإرهاب في القارة السمراء، وتنوع الأبعاد الداخلة في تشكيل العمل الإرهابي، بالإضافة إلى تداخل مفهوم الإرهاب مع مفاهيم أخرى كالجريمة المنظمة، والعنصرية، والعنف السياسي، والصراعات القبلية، وغيرها؛ الأمر الذي حدا بكل دولة أو إدارة سياسية أفريقية إلى أن تضع مفهوماً للإرهاب يتفق مع مصلحتها وآيديولوجيتها، وما تريد الوصول إليه من هذا المفهوم»، مضيفة أن غايات وأهداف «جيش الرب» في أوغندا، تختلف عن أهداف وغايات جماعات «الأورومو» في إثيوبيا، وكذلك تختلف غايات وأهداف جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا، عن غايات وأهداف جماعة «أنتي بالاكا» في أفريقيا الوسطى.
وفندت الدراسة المراحل التي مر بها الإرهاب في أفريقيا؛ فالأولى اختلطت فيها الأعمال الإرهابية بقضايا التحرر الوطني والقضاء على المستعمر؛ فقد كانت تستغل الجماعات المتطرفة فترة الاستعمار للقيام بأعمالها الإجرامية التي ارتبطت بالحروب الأهلية، وحركات التمرد؛ لكن أعمال ومساعي تلك الجماعات والحركات المتمردة لم تحظَ في مجملها بالاعتراف الخارجي، ولذا اقتصرت شرعيتها على الجماعة الإثنية أو الإقليمية القائمة بهذا التمرد، كما حدث في السودان، وفي بيافرا بنيجيريا في الستينيات، وكانت العوامل المحركة للعنف في تلك المرحلة هي استمرارية مشكلة الحدود، وفشل النظم السياسية في تحقيق وعودها بالتنمية والاستقرار بعد الاستقلال، بالإضافة إلى الاختلافات الآيديولوجية بين النظم والجماعات.
أما المرحلة الثانية بحسب الدراسة، وتمثلت في السبعينات، فارتبطت فيها الأعمال الإرهابية بقضايا غير أفريقية، كقضية الصراع العربي مع إسرائيل. أما المرحلة الثالثة فهي صراع «داعش» و«القاعدة»، حيث ارتبطت الجماعة الإسلامية المسلحة بتنظيم «القاعدة» في الجزائر عام 1992. وأعلنت الحرب على النظام والمجتمع الأفريقي، وكذلك ارتبطت حركة «الشباب» في الصومال، و«جماعة أنصار الدين» في مالي بتنظيم «القاعدة».
وعن سمات الإرهاب في أفريقيا، قال الأزهر، إن «الإرهاب يتميز بأفعال معينة توصف بأنها رعب وعنف، وإن الإرهاب يكون وراءه قصد معين يختلف اتساعاً وضيقاً حسب درجة العنف الذي تتعرض له الدولة وطبيعته، كما أن الإرهاب يكون وراءه تنظيم وتخطيط، وأن طبيعة عناصر الإرهاب وخططه وأهدافه التي تجرمها التشريعات الأفريقية تتباين تبعاً لاختلاف المرحلة التاريخية والأشكال التي اتخذها الإرهاب على الساحة الأفريقية».


مقالات ذات صلة

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

المشرق العربي وزير الدفاع التركي يشار غولر متحدثاً خلال لقاء مع ممثلي وسائل الإعلام التركية الأحد (وزارة الدفاع التركية)

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك وشددت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية جانب من الدمار الذي خلفه الهجوم المزدوج في ريحانلي عام 2013 (أرشيفية)

تركيا: القبض على مطلوب متورط في هجوم إرهابي وقع عام 2013

أُلقي القبض على أحد المسؤولين عن التفجير الإرهابي المزدوج، بسيارتين ملغومتين، الذي وقع في بلدة ريحانلي (الريحانية)، التابعة لولاية هطاي جنوب تركيا، عام 2013

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش».

الشيخ محمد (نواكشوط)
آسيا الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

عزام أحمد (إسلام آباد - كابل)
أوروبا استنفار أمني ألماني في برلين (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: دراسة تكشف استمرار ارتباط كراهية اليهود باليمين المتطرف بشكل وثيق

انتهت نتائج دراسة في ألمانيا إلى أن كراهية اليهود لا تزال مرتبطة بشكل وثيق باليمين المتطرف.

«الشرق الأوسط» (بوتسدام )

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)
أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)
TT

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)
أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش»؛ خصوصاً في بوركينا فاسو؛ حيث قُتل أكثر من 100 إرهابي، وفي النيجر التي قُتل فيها 39 مدنياً.

وبينما كان جيش بوركينا فاسو يشن عملية عسكرية معقدة شمال غربي البلاد، لمطاردة مقاتلي «القاعدة»، شن مسلحون يعتقد أنهم من تنظيم «داعش» هجوماً دامياً ضد قرى في النيجر، غير بعيد من الحدود مع بوركينا فاسو.

أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بؤرة «داعش»

وقالت وزارة الدفاع في النيجر، السبت، إن الهجوم استمر ليومين، واستهدف عدة قرى في محافظة تيلابيري، الواقعة جنوب غربي البلاد، على الحدود مع بوركينا فاسو، وتوصف منذ عدة سنوات بأنها بؤرة يتمركز فيها تنظيم «الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى» الموالي لتنظيم «داعش».

وأضافت الوزارة أن «مأساتين فظيعتين وقعتا في منطقتي ليبيري وكوكورو»؛ لافتة إلى أن «مجرمين حُوصِروا بسبب العمليات المتواصلة لقوات الدفاع والأمن، هاجموا -بجُبن- مدنيين عُزلًا».

وتحدَّث الجيش عن «حصيلة بشرية مرتفعة»؛ مشيراً إلى «مقتل 39 شخصاً: 18 في كوكورو، و21 في ليبيري»، مبدياً أسفه؛ لأن هناك «الكثير من النساء والأطفال» بين ضحايا «هذه الأعمال الهمجية».

في غضون ذلك، تعهَّد جيش النيجر بتعقب منفِّذي الهجومين، واتخاذ تدابير إضافية لتعزيز الأمن في المنطقة المحاذية لبوركينا فاسو؛ حيث وقعت سلسلة هجمات دامية خلال الأيام الأخيرة، آخرها هجوم استهدف قافلة مدنية في منطقة تيلابيري، قُتل فيه 21 مدنياً الأسبوع الماضي، وبعد ذلك بيومين قُتل 10 جنود في هجوم إرهابي.

أحد القتلى ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

مطاردة الإرهاب

على الجانب الآخر، أعلن جيش بوركينا فاسو أنه نجح الأسبوع الماضي في القضاء على أكثر من 100 إرهابي، خلال عمليات عسكرية متفرقة في مناطق مختلفة من محافظة موهون التي تقع شمال غربي البلاد، غير بعيد من حدود دولة مالي.

وتُعد هذه المحافظة داخل دائرة نفوذ تنظيم «القاعدة»، وخصوصاً «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» التي توسعت فيها خلال السنوات الأخيرة، قادمة من الحدود مع مالي، وتنطلق منها لشن هجمات في عمق بوركينا فاسو.

وقال جيش بوركينا فاسو في بيان صحافي نشرته وكالة الأنباء البوركينية (رسمية)، إن «القوات المسلحة لبوركينا فاسو تمكَّنت من تصفية 102 إرهابي في هذه العمليات التي نُفِّذت على مدار يومي 10 و11 من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي».

وأوضح الجيش أن عملياته العسكرية مستمرة في منطقة بومبوروكوي التابعة لدائرة موهون، بينما كان رئيس المجلس العسكري الحاكم في بوركينا فاسو الكابتن إبراهيم تراوري، قد وجَّه القوات المسلحة لبلاده باستئناف عمليات مكافحة الإرهاب بطريقة فعَّالة، في كلمة بثها التلفزيون الوطني.

جاء ذلك بعد إقالة الحكومة، وتشكيل حكومة جديدة الأسبوع الماضي، ورفعت هذه الحكومة شعار الحرب على الإرهاب، بينما قال وزير الدفاع الجديد -وهو القائد السابق للجيش- إن الانتصار على الإرهاب أصبح «قريباً».

أسلحة كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

عودة المدارس

ورغم تصاعد المواجهات بين الجيش والجماعات المسلحة، أعلنت السلطات في بوركينا فاسو إعادة فتح أكثر من 2500 مدرسة كانت مغلقة منذ سنوات بسبب الإرهاب.

وقالت وزارة التعليم إنه «على مدى عامين، سمحت العمليات الأمنية التي نفذتها قوات الدفاع والأمن، إلى جانب تضحيات العاملين في قطاع التعليم، بإعادة فتح أكثر من 2500 مدرسة، وتسجيل أو إعادة تسجيل ما يقارب نصف مليون تلميذ».

وأضافت الوزارة أن «عدد المؤسسات التعليمية المغلقة بسبب انعدام الأمن يتناقص يوماً بعد يوم، وذلك بفضل استعادة السيطرة على المناطق من طرف الجيش وقوات الأمن».

وتوقعت وزارة التعليم أن «تساعد العمليات الأمنية المستمرة، في إعادة توطين القرى في الأسابيع المقبلة، وبالتالي فتح مزيد من المدارس، مما يمنح الأطفال الصغار فرصة الوصول إلى التعليم»، وفق تعبير الوزارة.

إرهاب متصاعد

رغم كل النجاحات التي تتحدث عنها جيوش دول الساحل، فإن مؤشر الإرهاب العالمي صنَّف منطقة الساحل واحدةً من أكثر مناطق العالم تضرراً من الهجمات الإرهابية خلال عام 2023.

وجاء في المؤشر العالمي لعام 2024، أن منطقة الساحل شهدت وحدها نسبة 48 في المائة من إجمالي قتلى الإرهاب على مستوى العالم، خلال عام 2023، مقارنة بـ42 في المائة عام 2022، و1 في المائة فقط خلال 2007.

وبيَّن المؤشر أن بوركينا فاسو والنيجر ونيجيريا والكاميرون، شهدت زيادة في عدد قتلى العمليات الإرهابية بنسبة 33 في المائة على الأقل خلال العام الماضي، ما يجعل منطقة الساحل وغرب أفريقيا مركزاً للإرهاب العالمي.