أصدرت محكمة في قضاء الحمدانية بمحافظة نينوى العراقية، أمس، حكماً يبرئ ساحة الناشطة المدنية سرور الحسيني، الشهيرة بـ«منتشلة الجثث»، وقضت ببطلان الدعوى القضائية التي رفعها ضدها محافظ نينوى المقال نوفل العاكوب بذريعة أنها لم تحصل على الموافقات الأصولية للمباشرة في عملية رفع الجثث المتفسخة في الجانب الأيمن من مدينة الموصل.
وتعود قصة الناشطة (24 عاماً)، وهي ممرضة تعمل بمستشفى البتول في الجانب الأيمن من الموصل، إلى منتصف عام 2018. حين قررت رفقة عدد من الشباب المتطوعين رفع جثث القتلى التي خلفتها المعارك ضد تنظيم «داعش»، الذي احتل المدينة نحو 3 سنوات قبل أن تتمكن القوات الحكومية من القضاء عليه وطرده من المدينة في يوليو (تموز) 2017.
وعن تجربتها في عملية انتشال جثث القتلى والدعوى القضائية التي رفعها ضد المحافظ السابق، تقول الناشطة لـ«الشرق الأوسط»: «شكلنا بعد تحرير الموصل فريقاً تطوعياً لتدريب الناس على الإسعافات الأولية التي كانوا بحاجة ماسة إليها، ثم ذهبنا إلى المنطقة القديمة المدمرة في الجانب الأيمن للوقوف على الأوضاع هناك، فهالنا ما رأينا من جثث مرمية بين الأنقاض».
وتضيف: «بعدها قررنا العمل على رفعها، لأنها قد تؤدي إلى كارثة حقيقية وأمراض خطيرة في فصل الصيف، فذهبنا إلى الجهات المعنية لرفع الجثث وهي الدفاع المدني والطب العدلي وبلدية الموصل، فوافقت البلدية التي تعمل في هذا المجال ورحبت بفكرة انضمامنا إليهم بسبب النقص في الموظفين العاملين فيها بهذا المجال، ثم بدأنا بستة متطوعين ووصل العدد بعد ذلك إلى ثلاثين».
وترجّح سرور الحسيني أن «الجثث التي قاموا برفعها تقارب الألف جثة وهي مجهولة الهوية وأغلبها ربما لعناصر (داعش)، كما ترجح وجود جثث أخرى حتى هذه الساعة».
وعن التقنيات والآليات التي كانوا يستعملونها في رفع الجثث المتفسخة تقول: «لم نكن نملك سوى الأكياس التي تضع فيها الجثث، ثم تقوم بنقلها إلى سيارات البلدية التي تقوم بدورها بدفنها في المقابر، وفي بعض الحالات صادفتنا جثث ملغمة بطريقة بدائية تمكننا من معالجتها ورفعها».
وتستغرب الناشطة من سلوك محافظ نينوى معها، وتقول إنه «بدلاً من أن يرحب بجهودنا كشباب سعينا للمساهمة في إعانة السلطات ومساعدتها في تحسين أوضاع المدينة، قام برفع قضية ضدنا». وتضيف: «بدأت القصة حين جمعتني معه (المحافظ) مقابلة للتلفزيون الألماني للحديث عن موضوع رفع الجثث، فأنكر المحافظ عملنا رغم كل الصور والفيديوهات والتوثيق لعملنا وعلم السلطات وموافقتها».
ويبدو أن الحديث التلفزيوني، والكلام لسرور الحسيني، أحرج المحافظ وأظهر أنه لا يعلم بما يجري في مدينته، كذلك فضح تقصيره حيال موضوع الجثث المتفسخة وخطرها على حياة الناس، فاتهمنا بالعمل دون موافقات أصولية. وتتابع: «في نهاية عام 2018 استدعيت من قبل مركز الرشيدية في أيسر الموصل بسبب الدعوى التي أقامها المحافظ ضدي، ثم أجّلت المحاكمة ونقلت إلى محكمة الجنح في قضاء الحمدانية التي برأت ساحتي بعد تقديمي للأدلة التي تثبت أن عملي تطوعي وحاصل على الموافقات الأصولية من السلطات».
بدوره، اعتبر عضو مفوضية حقوق الإنسان المستقلة علي البياتي أن «صدور الحكم لصالح سرور الحسيني خبر مفرح جداً»، وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «ما قامت به الناشطة يندرج ضمن شعورها بضرورة لملمة جراح مدينتها، وقد حصلت فعلاً على الموافقات الرسمية الضرورية لذلك، لم تفعل شيئاً خاطئاً وأرادت تقديم العون للسلطات ولأهالي مدينتها لتجاوز محنة الحرب ضد التنظيم الإرهابي (داعش)».
ويرى البياتي أن «المشكلة في طبيعة تعامل السياسي ومن هم على رأس السلطة وأصحاب القرار مع النشطاء المدنين، لأنهم لا يدركون أهمية المجتمع في الظروف العصيبة ومواجهة الأزمات».
إلى ذلك، هنأ عضو مجلس النواب، محمد الكربولي، أمس، الناشطة سرور الحسيني بعد صدور قرار الحكم لصالحها. وقال الكربولي في تغريدة على «تويتر»: «مبروك، المحكمة تبرئ سرور الناشطة الموصلية التي أخذت على عاتقها انتشال عشرات الجثث مع فريقها».
قضاء نينوى يبرئ ساحة «منتشلة الجثث»
رد دعوى المحافظ السابق ضد الناشطة المدنية
قضاء نينوى يبرئ ساحة «منتشلة الجثث»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة