إسرائيل تمنع الاعتكاف في الأقصى

السلطة ترفض الاعتداء على المصلين... وتحذر من خطط تهويدية في القدس

TT

إسرائيل تمنع الاعتكاف في الأقصى

طردت قوات الاحتلال الإسرائيلي بالقوة معتكفين داخل المسجد الأقصى بعد مواجهات محدودة اندلعت فجر أمس. واقتحمت الشرطة المسجد وطردت المعتكفين وأجبرت من بداخله على مغادرته، بعد مواجهات مع المصلين قبل أن تعود وتنسحب من المكان.
وقال مصلون إنهم اقتيدوا بالقوة إلى خارج المسجد، فيما أعلن مسؤولون فلسطينيون بأن العملية أدت إلى إصابة 12 مصلياً من كبار السن خلال عملية إخراج جنود الاحتلال لهم. وكان يوجد نحو 50 معتكفاً مع اقتحام الشرطة للمكان.
وروى شهود عيان أنه في أعقاب صلاة العشاء والتراويح في رحاب المسجد الأقصى، بقي بعض منهم لم يتجاوز 50 شخصاً، داخل المصليين، القبلي والمرواني. وجاء بعضهم من مناطق بعيدة مثل الجليل (فلسطينيو 1948) بعضهم يمضون شهر رمضان في الاعتكاف منذ سنين طويلة وجميعهم حصلوا على موافقة دار الأوقاف.
إلا أن السلطات الإسرائيلية رفضت السماح لهم بالبقاء، «ومن دون سابق إنذار اقتحمت قواتها الخاصة باحات الأقصى، مدججة بمختلف أصناف أسلحة القمع، وراحت تدفع المعتكفين بالقوة إلى البوابات». وكما توقع المعتكفون، أتاحت الشرطة الإسرائيلية اقتحام 38 مستوطناً باحات الأقصى، أمس، من جهة باب المغاربة بحراسة معززة ومشددة من عناصر الوحدات الخاصة.
وبحسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية، فقد هدّدت قوات الاحتلال المعتكفين بالاعتقال والإبعاد عن المسجد الأقصى في حال عدم الخروج الفوري منه. وجاء الهجوم الإسرائيلي على المعتكفين بعدما أدى آلاف المصلين صلاتي العشاء والتراويح في المسجد غداة وجود 200 ألف مصلٍ في صلاة الجمعة الأولى من شهر رمضان.
وأصدرت السلطات الإسرائيلية قراراً بمنع الاعتكاف في المسجد الأقصى إلا ليلة الجمعة وفي ليلة القدر، في خطوة أدت إلى إغضاب المسلمين الذي يتوقون إلى الاعتكاف في المسجد في ليالي رمضان. واضطرت دائرة الأوقاف الإسلامية لفتح مسجد المئذنة الحمراء القريب من المسجد الأقصى من أجل المعتكفين الذين طردتهم إسرائيل. والاعتكاف هو بقاء المصلين في وقت غير محدد من الليل من أجل الصلاة وتلاوة القرآن.
واتهم مسؤولون إسرائيل بتفريغ المسجد الأقصى من أجل تسهيل اقتحامات المستوطنين. واقتحم 38 مستوطناً المسجد، أمس، من جهة باب المغاربة بحراسة معززة ومشددة من عناصر الوحدات الخاصة بشرطة الاحتلال. وعادة ما يقتحم المستوطنون المسجد بشكل يومي منذ صباح الأحد وحتى الخميس، على فترتين؛ صباحية حتى قبل موعد صلاة الظهر، وبعد الصلاة بنحو ساعة ضمن فترات الزيارات للسياح.
وتخالف اقتحامات المستوطنين هذه اتفاقاً قائماً بين إسرائيل والمملكة الأردنية بصفتها راعية المقدسات الإسلامية في الأراضي المحتلة، وينص على تحديد عدد اليهود الذين ينوون زيارة المسجد الأقصى وامتناعهم عن القيام بأي صلوات أو طقوس دينية. ويعرف هذا الاتفاق بالوضع القائم منذ احتلت إسرائيل الشق الشرقي في مدينة القدس عام 1967.وتستمر الاقتحامات على رغم تحذير السلطة الفلسطينية والأردن من تدهور كبير في الأوضاع بسبب استفزاز المسلمين. وحذرت السلطة الفلسطينية مراراً من إشعال إسرائيل «حرباً دينية» بإصرارها على السماح للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى والمس به. وتقول السلطة إن إسرائيل تخطط لتقسيم المسجد زمانياً ومكانياً كما فعلت في المسجد الإبراهيمي في الخليل الذي قسمته إلى نصفين، من أجل صلاة اليهود داخله، وتمنع المسلمين في أيام محددة من الوصول إليه.
وحذر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، أمس، من خطط تهويد القدس. وقال إن «تحويل الأنظار تجاه قطاع غزة، من خلال الحروب والحصار الذي يقوم به الاحتلال، هو من أجل عدم جذب الانتباه لما يحدث من تهويد لمدينة القدس وطمس الهوية العربية الإسلامية المسيحية فيها، إضافة إلى مصادرة الأراضي في غور الأردن وتشريد المواطنين منه».
وأدانت وزارة الخارجية الفلسطينية إقدام قوات الاحتلال وشرطته على اقتحام باحات المسجد الأقصى وإجبار المصلين والمعتكفين على الخروج من المسجد بالقوة، ووصفت الأمر بأنه «انتهاك صارخ لحرمة شهر رمضان المبارك شهر العبادة ولحرمة المسجد الأقصى المبارك» منددة بـ«التحدي الاستفزازي لمشاعر المسلمين والاعتداء على الدين الإسلامي الحنيف».
وقالت الخارجية إن «الاعتداء على المصلين المعتكفين وإخلاءهم من المسجد يشكل انتهاكاً لحقوقهم في أداء واجباتهم الدينية، علما بأن المسجد الأقصى هو مقصد المسلمين للاعتكاف والصلاة في الشهر الفضيل، وهذا الاعتداء ليس الأول الذي يتعرض له المصلون منذ بداية شهر رمضان، إذ قامت شرطة الاحتلال قبل أيام بالاعتداء على المصلين أثناء خروجهم من صلاة التراويح. كما تتزامن هذه الاعتداءات مع دعوات تطلقها منظمات يهودية متطرفة لتنفيذ اقتحامات حاشدة للمسجد الأقصى المبارك بمناسبة ما يُسمى يوم القدس».
وشجعت السلطة الفلسطينيين على الاعتكاف في المسجد تحدياً لقرارات إسرائيل. وقالت الخارجية إن «مضاعفة الحضور والوجود في المسجد الأقصى والاعتكاف فيه يمثل التزاماً بالواجبات الدينية وتحدياً لقرارات الاحتلال، وحماية ودفاعاً عن المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين».
وشددت على أنها «تنسق مع الأشقاء في المملكة الأردنية الهاشمية لمواجهة هذه الخطوة التصعيدية التي قد تتكرر خلال شهر رمضان المبارك، وهو ما يستدعي منا التحرك الفوري على أكثر من صعيد لإثارة هذا الموضوع على المستويات الدولية ذات الاختصاص وفي مقدمتها منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية والمنظمات الدولية المختصة، وهذا تماماً ما تقوم به الوزارة عموماً وأمام هذا الاعتداء الأخير خصوصاً».
وطالبت الخارجية من دول العالم «إدانة فورية لهذا الانتهاك الخطير انسجاماً مع مواقفها التقليدية في إصدار بيانات إدانة لأي خطوة أحادية تنتهك الوضع القائم القانوني والتاريخي في المسجد الأقصى المبارك خصوصاً، والأماكن المقدسة عموماً».
ولم تعقب إسرائيل على الاتهامات الفلسطينية، لكنها تقول إنها لا تنوي المس بالوضع القائم في المسجد. وزعمت إسرائيل أنها أقدمت على منع الاعتكاف «خوفاً من الاحتكاك مع الزائرين اليهود».
إلى ذلك، بدأت قيادة المستوطنين في الضفة الغربية، أمس، حملة للضغط على الحكومة حتى تلغي قرارها في سنة 2005 بإخلاء أربع مستوطنات شمالي الضفة الغربية وطالبوا بإعادتهم إليها. واعترف أحد قادة الحملة بأنها موجهة ليس فقط لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بل أيضاً لقادة أحزاب اليمين المتحالفة مع نتنياهو. وقال: «ليس سراً أننا نريد حكومة يمين بقيادة نتنياهو. ولكن ما معنى حكومة اليمين من دون اتخاذ قرارات شجاعة لصالح اليمين؟».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.