بداية متعثرة لبرنامج تقييم المعلمين في مدارس نيويورك

الاستعانة بـ«مطوري المواهب» ووعود بتحسين المعايير

بداية متعثرة لبرنامج تقييم المعلمين في مدارس نيويورك
TT

بداية متعثرة لبرنامج تقييم المعلمين في مدارس نيويورك

بداية متعثرة لبرنامج تقييم المعلمين في مدارس نيويورك

شغلت «ليلي دين وو»، على مدى 24 عاما، منصب مديرة المدرسة الحكومية رقم 130 جنوب حي مانهاتن، في ولاية نيويورك الأميركية. وخلال تلك الأعوام الطويلة حدثت بعض التغييرات البسيطة في يومها التعليمي، الذي كان يشهد في الغالب المظاهر التالية: طلاب متململون من العملية التعليمية أو طلاب سيئو السلوك، ميزانيات، مشكلات المناهج الدراسية، بالإضافة إلى اجتماعات مع أولياء الأمور الذين لا يتحدث كثير منهم اللغة الإنجليزية.
أما العام الحالي، فتقضي «وو» ومساعد المدير كثيرا من الوقت في التنقل بين الفصول الدراسية، حاملين بأيديهما لوحات الملاحظات وأجهزة الـ«آي باد»، حيث جرى وضع اسميهما على قوائم التدقيق الخاصة بتقييم العملية التعليمية. وأثناء الرحلات المكوكية التي تقوم بها بين الفصول، تطرح «وو» الأسئلة المعتادة: هل يجري شرح الدرس بوضوح؟ هل تسير العملية التعليمية في الفصول الدراسية بشكل منتظم؟
وتبعا لبرنامج تقييم المعلمين، جرى إعلام جميع القائمين على المدارس أنهم سيقضون أكثر من أسبوعين، من أصل 40 أسبوعا مدة السنة الدراسية، في عمل تلك الزيارات المكوكية للفصول الدراسية. وتمتد الساعات التي يقضيها القائمون على المدارس في عقد اجتماعات مع المعلمين لمناقشة التجارب كافة التي تواجههم خلال اليوم الدراسي وإدخال الدرجات الخاصة بكل معلم في قاعدة بيانات المدرسة الخاصة بتقييم المعلمين، على مدار أكثر من شهر.
وتقول «وو»، 62 عاما، إنه «عند مرحلة ما في عملية التقييم، تبدو الملاحظات التي يبديها المعلمون مهمة، لكن تقديم المشورة لطفل متعثر في الدراسة أو عائلة تسعى لمساعدة أبنائها في تحصيل الدروس في المنزل على القدر نفسه من الأهمية».
وقد شكلت جميع الأعمال التي جرت إضافتها إلى مهام المعلمين نتيجة لعملية تقييم المعلمين الجديدة التي بدأ تطبيقها في مدينة نيويورك في خريف هذا العام. ويُعد تبني نظام تقييم المعلمين، أو أحد أشكاله، في معظم الولايات هو الإنجاز الرئيس لحركة إصلاح التعليم. ومن الناحية النظرية، جرى قبول هذا النظام على نطاق واسع على أساس أنه خطوة تأخرت كثيرا على طريق تقييم المعلمين.
ولا يتعلق الأمر بتقييم أداء المعلمين فقط، حيث يعمل هذا النظام أيضا على إعادة ترتيب الإيقاع اليومي والأسبوعي للتجربة المدرسية من خلال عدة طرق أساسية، منها أنه يجب أن يخضع الطلاب لمزيد من الاختبارات، التي تهدف إلى تقييم معلميهم، مما تسبب في رد فعل عنيف من قبل أولياء الأمور، كما أدى ذلك إلى تراجع المدارس عن إخضاع الطلاب لتلك الاختبارات، لا سيما في مراحل التعليم الأولى.
ويبعث المسؤولون عن التعليم في مدينة نيويورك بمجموعة من الأشخاص يُعرفون بـ«مطوري المواهب» إلى المدارس لمساعدة المديرين في إجراء عملية التقييم. كما يقوم المسؤولون بالبحث عن المال لاستئجار المشرفين المتقاعدين للنزول إلى المدارس التي تشهد نشاطا وعبء عمل مكثفين. وخلال الأسبوع الماضي، قال مسؤولو التعليم في مدينة نيويورك، في محاولة منهم لتخفيف أسباب قلق مديري المدارس، إنهم سيقومون بتحسين معايير التقييم حتى تصبح أكثر مرونة.
ويتزامن تطبيق معايير تقييم المعلمين تلك مع وضع معايير أكاديمية أكثر صرامة تعرف باسم «الأساس المشترك»، التي تتطلب تطبيق مناهج جديدة تماما في بعض الحالات.
في صباح أحد أيام الشهر الماضي في المدرسة الحكومية رقم 295 الكائنة في «بارك سلوب»، ببروكلين، كان هناك تسعة أشخاص كبار السن يمارسون مهام عملهم داخل أحد الفصول المدرسية للصف الأول الذي يضم 30 طالبا بالتعليم العام والخاص، حيث كان هؤلاء الأشخاص التسعة هم: المعلمة التي يجرى مراقبة وتقييم أدائها، بالإضافة إلى معلم ثان وثلاثة مساعدين مهنيين منوط بهم المهام المتعلقة بهذا الفصل المدرسي، وكذلك مديرة المدرسة ومساعد مديرة المدرسة ومطورة المواهب وأحد المسؤولين عن نظام المدرسة الذي يعمل استشاريا.
كانت نينا فيليبس، المعلمة التي تخضع للمراقبة والتقييم، تستخدم كتابا عن القلاع لكي توضح للطلاب كيفية إيجاد الدليل لاختبار معتقداتهم. فعلى سبيل المثال، جرى إثبات عدم صحة الفكرة الأصلية المترسخة لدى الطلاب بأن «كل شخص كان يمتلك قلعة منذ زمن طويل» لأن الكتاب أظهر أن القلاع كانت مملوكة بشكل رئيس للملوك والملكات والأسياد والسيدات الذين كانوا يعيشون فيها.
وبعد ذلك، ناقشت ليندا مازا، مديرة المدرسة، والمراقبون الآخرون، الأمور المتعلقة بهذه الزيارة لمدة ساعة واحدة، ومدحوا الأداء الجيد لفيليبس، لا سيما فيما يرتبط برصد سلوك الطلاب والاستجابة والتعقيب على ما يذكرونه والانتقال بشكل متواصل وسلس بين مناقشات الطلاب – وهو ما يُعرف بمنح الأدوار للطلاب للتحدث والمناقشة فيما بينهم من أجل تعزيز عملية الفهم والتعلم – وإلقاء المحاضرة.
بيد أن مارسيلا باروس، مطورة المواهب، أثارت سؤالا بشأن استخدام فيليبس أسئلة مغلقة (نعم أو لا) بدلا من استخدام الأسئلة المفتوحة بشكل أكثر، مثل: «هل يذكرنا هذا الأمر بأي شيء يجعلنا نعتقد بوجود أفكار مبتكرة يمكن إضافتها إلى قائمة الأفكار هذه؟».
وتقول باروس: «أعتقد أنني كنت أتساءل إذا ما كانت هناك طريقة لإشراك الطلاب بشكل أكبر في الأسئلة أم لا».
وفي حين أن عمدة مدينة نيويورك المنتخب بيل دي بلاسيو قد يكون قادرا على تغيير بعض العناصر في عملية التقييم، إلا أن كثيرا من تلك العناصر يعد مقدسا في قانون الولاية. ويصنف النظام الجديد المعملين على أن لهم تأثيرا وفعالية عالية أو أنهم فاعلين فقط أو متطورين أو غير فاعلين، وذلك اعتمادا على مزيج من الملاحظات والتقييم للفصل المدرسي ومدى تقدم مستوى الطلاب في الاختبارات على مستوى الولايات والاختبارات أو الإجراءات المطورة محليا. وفي حال تقييم المعلم على أنه غير فاعل لمدة عامين متتالين، فمن الممكن أن يكون معرضا للفصل من عمله.
ومن أجل إجراء عملية إبداء الملاحظات والتقييم، يمكن للمعلمين اختيار تقييمهم من خلال إلقاء ست محاضرات مدة كل واحدة منها 15 دقيقة، أو ثلاث زيارات مدة كل واحدة منها 15 دقيقة، ومحاضرة واحدة لنحو ساعة.
وبالنسبة لمديري المدارس مثل وو، يصل العدد الإجمالي لساعات إبداء الملاحظات والتقييم إلى ما يقرب من 90 ساعة بالنسبة لوو ومساعدتها المهنية. كما يجب على هؤلاء الأشخاص أيضا ملء المستندات وإدخال تقاريرهم في برنامج جديد على الكومبيوتر.
من جانبهم، وصف العديد من مديري المدارس البرنامج بأنه غير ملائم أكثر من كونه مفيدا. وأضاف المديرون أن البرنامج لا يشتمل على خاصية وظيفة التدقيق الإملائي وأحيانا يتوقف عن العمل، بما لا يمكنهم من حفظ ما أنجزوه قبل الخروج من البرنامج. وفي المقابل، قال المسؤولون بالتعليم إن هذه المشكلات كان يجري حلها.
ومثلما هي الحال في أغلبية المناطق، حلت أنظمة الملاحظات والتقييمات الجديدة محل نظام كان يتضمن وجود أدنى حد من الملاحظات، وهو الذي يتبعه القليل من المناطق، حيث لم تكن تحتسب درجات الاختبار مع تقييم المعملين على أن أداءهم مُرض أو غير مرض فقط.
اعترف المسؤولون عن التعليم بالمدينة بمدى صعوبة التحول لاتباع نظام جديد، ولكنهم قالوا إن لديهم الأمل في أن يجري إدراك وتفهم هذا النظام مع مرور الوقت.
وتقول ديفون بولجليا، المتحدثة باسم الإدارة التعليمية للمدينة، إن «هذا الإجراء ليس مثل الضغط على زر تشغيل، حيث إن المدارس كانت تتحدث طوال 80 عاما عن مسألة (النجاح/ الرسوب)، ويعد ذلك النظام أكثر تعقيدا ولن يكون الشخص بارعا فيه من الوهلة الأولى».
وعلى الرغم من ذلك، فإن النتائج المبكرة التي ظهرت في الولايات التي جرى فيها تطبيق أنظمة التقييم الجديدة منذ أكثر من عام، لم تكن مختلفة كثيرا عن النتائج السابقة، حيث حقق جميع المعلمين تقريبا أعلى الدرجات.
وقال المؤيدون لهذه الإصلاحات إن الهدف لم يكن مجرد تحسين الدرجات فقط، بل أيضا تحسين عملية التدريس من خلال منح التغذية الاسترجاعية الأكثر تفصيلا بصورة مستمرة.
بيد أن بعض المعلمين قالوا إن هذه العملية كانت أشبه بلعبة غوتشا «gotcha».
وفي السياق نفسه، تقول لورا برومبرغ، البالغة من العمر 36 عاما وهي معلمة برياض الأطفال في المدرسة الحكومية/ المتوسطة رقم 178 الكائنة في كوينز، إنه في صباح أحد الأيام خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حضر أربعة أشخاص كبار السن إلى فصلها المدرسي: وهم اثنان من مطوري المواهب ومدير المدرسة ومساعد مدير المدرسة. والتقط أحدهم بعض الصور الفوتوغرافية، فيما تحدث أحدهم مع الأطفال. وجلس شخص آخر منهم على مقعدها، حيث وصفت برومبرغ هذا الفعل الأخير بأنه يرمز للانتقاص من سلطتها داخل الفصل والتسبب في حدوث اضطراب داخل فصلها. وتقول المعلمة المخضرمة برومبرغ، التي تعمل في مجال التدريس منذ 14 عاما: «أدى ذلك الأمر إلى جلوسي على الأرضية، ومن المؤكد أن وجود هؤلاء الأشخاص تسبب في تغيير الديناميكية المتبعة داخل الفصل».
وقال مايكل مولغرو، رئيس نقابة المعلمين بالمدينة، إنه وجد خللا في هذا المنهج. وأردف قائلا: «وفقا لما هو واضح علانية، تبدو إجراءات التقييم هذه على أنها تبعث برسالة مفادها أنه من المفترض أن تهدف الملاحظات إلى مساعدة المعملين، بيد أن لغة التواصل الخاصة بهم وطريقتهم تجاه ذلك المنهج وجميع التعليمات الأخرى الصادرة للمدارس تشير إلى أن مضمون الرسالة هو أن تلك الطريقة لا تتعلق بالمساعدة في عملية تطوير المعلمين بل تتبع المعلمين الذين لا نرغب في وجودهم».
وقال بعض المعلمين الآخرين إنهم كانوا يخضعون بشكل جزئي لعملية وضع درجات لتقييمهم في مواد خارجة عن نطاق سيطرتهم.
من جانبه، قال جيوفري تولوتش، أحد المحاضرين في مجال الطهي بإحدى المدارس الثانوية في مانهاتن، إن نتائج اختبار «English Regents» تحتسب في سجل تقييمه.
وخلال الأسبوع الماضي، قال شايل بولاكو سورانسكي، الرئيس الأكاديمي للإدارة التعليمية بمدينة نيويورك، إنه بمرور الوقت سيقوم المسؤولون بالمدينة بتطوير عمليات التقييم للمواد مثل فنون الطبخ والموسيقى. وأضاف أيضا أن المسؤولين بالمدينة سيقدمون اقتراحا لمنح خيار للمعلمين مثل تولوتش لإدراج ملاحظات مدير المدرسة فيما يتعلق بعملية التدريس وعمل الطلاب ضمن المجموع الإجمالي للنسبة المئوية من التقييم.
وقال إنه يمكن منح المدارس خيار المضي قدما في تطوير الاختبارات الإضافية، مع إمكانية منح المديرين المرونة لإجراء زيارات أقل للمعلمين الذي يؤدون عملهم جيدا باستمرار لكي يمكن توجيه كثير من الاهتمام إلى المعلمين الذين يحتاجون إلى المساعدة. وستتطلب هذه التغييرات موافقة نقابة المعلمين والولاية.
وأشار بولاكو سورانسكي أيضا إنه ليست هناك عواقب سيئة لأي تقييم ضعيف من دون المصادقة على ذلك من قبل مدير المدرسة، مضيفا: «إذا كان القائمون على عملية التقييم يرون أن هناك معلما معينا بارع، فلن يكون لذلك الأمر أي تأثير بالنسبة لهذا المعلم».
وفي هذا الصدد، قالت دونا تايلور، مديرة إحدى المدارس في بروكلين، إنه على الرغم من وفرة الأشخاص «الأذكياء الذين لديهم نوايا طيبة» لمساعدة المعلمين ومديري المدارس لفهم النظام، «فإنه ما زال هناك كثير من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابة، مما يجعل عملية إطلاق البرنامج بمثابة بداية متعثرة للغاية».

* خدمة «نيويورك تايمز»



حينما تكون اللهجة معوقاً للنجاح... فالحل بدراسة النطق الصحيح

حينما تكون اللهجة معوقاً للنجاح... فالحل بدراسة النطق الصحيح
TT

حينما تكون اللهجة معوقاً للنجاح... فالحل بدراسة النطق الصحيح

حينما تكون اللهجة معوقاً للنجاح... فالحل بدراسة النطق الصحيح

اللهجات المختلفة تشير أحياناً إلى منشأ المتحدث بها، أو درجة تعليمه، أو وسطه الاجتماعي. وفي بعض الأحيان، تقف اللهجات عائقاً أمام التعلم والفهم، كما أنها في بعض الأحيان تقف عقبة أمام التقدم المهني ونظرة المجتمع للمتحدث. ولهذا يتطلع كثيرون إلى التخلص من لهجتهم، واستبدالها بلغة «راقية» أو محايدة تمنحهم فرصاً عملية للترقي، وتحول دون التفرقة ضدهم بناء على لهجة متوارثة لا ذنب لهم فيها.
هذه الفوارق بين اللهجات موجودة في كل اللغات، ومنها اللغة العربية التي يحاول فيها أهل القرى اكتساب لهجات أهل المدن، ويتحدث فيها المثقفون إعلامياً بلغة فصحى حديثة هي الآن اللغة السائدة في إعلام الدول العربية. ولكن من أجل معالجة وسائل التعامل مع اللهجات واللكنات، سوف يكون القياس على اللغة الإنجليزية التي تعد الآن اللغة العالمية في التعامل.
هناك بالطبع كثير من اللهجات الإنجليزية التي تستخدم في أميركا وبريطانيا وأستراليا ودول أخرى، ولكن معاناة البعض تأتي من اللهجات الفرعية داخل كل دولة على حدة. وفي بريطانيا، ينظر البعض إلى لهجة أهل شرق لندن، التي تسمى «كوكني»، على أنها لهجة شعبية يستخدمها غير المتعلمين، وتشير إلى طبقة عاملة فقيرة. وعلى النقيض، هناك لهجات راقية تستخدم فيها «لغة الملكة»، وتشير إلى الطبقات العليا الثرية، وهذه أيضاً لها سلبياتها في التعامل مع الجماهير، حيث ينظر إليها البعض على أنها لغة متعالية، ولا تعبر عن نبض الشارع. وفي كلا الحالتين، يلجأ أصحاب هذه اللهجات إلى معالجة الموقف عن طريق إعادة تعلم النطق الصحيح، وتخفيف حدة اللهجة الدارجة لديهم.
الأجانب أيضاً يعانون من اللكنة غير المحلية التي تعلموا بها اللغة الإنجليزية، ويمكن التعرف فوراً على اللكنات الهندية والأفريقية والعربية عند نطق اللغة الإنجليزية. ويحتاج الأجانب إلى جهد أكبر من أجل التخلص من اللكنة الأجنبية، والاقتراب أكثر من النطق المحايد للغة، كما يسمعونها من أهلها.
وفي كل هذه الحالات، يكون الحل هو اللجوء إلى المعاهد الخاصة أو خبراء اللغة لتلقي دروس خاصة في تحسين النطق، وهو أسلوب تعلم يطلق عليه (Elocution) «إلوكيوشن»، وله أستاذته المتخصصون. ويمكن تلقي الدروس في مجموعات ضمن دورات تستمر من يوم واحد في حصة تستمر عدة ساعات إلى دورات تجري على 3 أشهر على نحو أسبوعي. كما يوفر بعض الأساتذة دورات شخصية مفصلة وفق حاجات الطالب أو الطالبة، تعالج الجوانب التي يريد الطالب تحسينها.
ومن نماذج الأساتذة الخصوصيين ماثيو بيكوك، الذي يقوم بتدريب نحو 20 طالباً أسبوعياً في لندن على تحسين نطقهم، حيث يتعامل مع حالة طبيب في مستشفى لندني يعاني من لهجته الكوكني، ويريد التخلص منها حتى يكتسب مصداقية أكبر في عمله كطبيب. ويقول الطبيب إنه يكره الفرضيات حول لهجته من المرضى والمجتمع الذي يتعامل معه.
ويقول بيكوك إن الطلب على دروس تحسين اللهجات في ارتفاع دائم في السنوات الأخيرة. كما زاد الطلب على الدروس بنسبة الربع في بريطانيا بعد استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي في العام الماضي. وكان معظم الطلب من الأوروبيين المقيمين في بريطانيا الذين يريدون التخلص من لكنتهم الأوروبية حتى يمكنهم الاختلاط بسهولة في بريطانيا، وتجنب التفرقة ضدهم من الشعب البريطاني.
ويقدم أحد فروع الأكاديمية الملكية للفنون الدرامية في لندن دروساً شخصية في الإلقاء وتحسين اللهجة. ويقول كيفن تشابمان، مدير فرع الأعمال في الأكاديمية، إن الإقبال في العام الأخير على هذه الدروس زاد من 3 إلى 4 أضعاف. ويتلقى الطلبة دروساً فردية للتخلص من لهجات قروية، ولكن مع تقدم الدروس، يكتشف المدرس أن الطالب يحتاج أيضاً إلى معالجة أمور أخرى غير اللهجة، مثل الاضطراب والضغوط النفسية عند الحديث مع الإعلام وكيفية الإلقاء الصحيح.
وتجرى بعض هذه الدروس عن بعد، عن طريق برامج فيديو مثل «سكايب» يمكن للطالب أن يستمع إلى إلقائه عبر الفيديو من أجل تحسين لهجته. وترتبط دروس تحسين اللهجات في معظم الأحوال بتحسين أساليب التواصل والإلقاء عبر الوسائل الإلكترونية، وهي مقدرة يحتاجها أصحاب الأعمال في توصيل أفكارهم بوضوح وبساطة إلى زبائن الشركة والموردين الذين يتعاملون معهم، خصوصاً أن التعامل في عالم الأعمال الحديث يكون في مناخ دولي من جميع أنحاء العالم.
وبخلاف أصحاب الأعمال، يقبل على دروس تحسين اللهجة والحديث العام شرائح مجتمعية أخرى، مثل المدرسين والمحامين. وتقول فيليستي غودمان، مدربة الصوت التي تعمل في مدينة مانشستر، إنها فوجئت بأن بعض طلبتها اعترفوا بأنهم فشلوا في مقابلات عمل بسبب اللهجة، وهي تعتقد أن أصحاب الأعمال قد يقصدون القدرة اللغوية أو كيفية النطق، بدلاً من اللهجة، عند رفض المتقدمين لوظائف معينة.
ومن شركة متخصصة في تدريب الموظفين الذين يعملون في مجال السلع والخدمات الفاخرة، اسمها «لندن لكشري أكاديمي»، يقول مديرها العام بول راسيل، المتخصص في علم النفس، إن التفرقة ضد بعض اللهجات موجودة فعلاً. وهو يقوم بتدريب موظفي الشركات على التعامل بلهجات واضحة مع كبار الزبائن الأجانب. ويقول إن العامة تحكم على الأشخاص من لهجتهم رغماً عنهم، خصوصاً في بعض المجالات، حيث لا يمكن أن ينجح أي شخص بلهجة قوية في التواصل مع المجتمع المخملي في أي مكان.
ولمن يريد تحسين لهجته أو لغته بوجه عام، مع جوانب كيفية لفظ الكلمات والإلقاء العام، عليه بدورات تدريبية متخصصة، أو بدروس خصوصية من مدرب خاص. وتتراوح التكاليف بين 30 و40 جنيهاً إسترلينياً (40 و52 دولاراً) في الساعة الواحدة. ويحتاج الطالب في المتوسط إلى دورة من 10 دروس.
ولا يلجأ مدرسي النطق الصحيح للغات إلى الإعلان عن أنفسهم لأنهم يكتفون بمواقع على الإنترنت والسمعة بين طلبتهم من أجل الحصول على ما يكفيهم من دفعات الطلبة الجدد الراغبين في التعلم. ويقول روبن وودريدج، من مدرسة برمنغهام، إن تكاليف التعلم اللغوي الصحيح تعادل تكاليف تعلم الموسيقى، وهو يقوم بتعليم ما بين 40 و50 طالباً شهرياً.
ويضيف وودريدج أن سبب الإقبال على دروسه من رجال الأعمال والأكاديميين هو رغبتهم في تجنب الافتراضات المرتبطة بلهجتهم. فعلى رغم جهود التجانس والتعايش الاجتماعي، فإن التفرقة ضد اللهجات ما زالت منتشرة على نطاق واسع في مجتمع مثل المجتمع البريطاني.
وعلى الرغم من أن أكاديمية لندن للموسيقى والفنون الدرامية تقول في شروط اختباراتها إن اللهجات الإقليمية مقبولة، فإن وودريدج يؤكد أن معظم طلبة مدرسة برمنغهام للنطق الصحيح يأتون من مدارس خاصة، ولا يريد ذووهم أن تكون لهجة برمنغهام ذات تأثير سلبي على مستقبلهم.
ويقول أساتذة تعليم النطق اللغوي إن الفرد يحتاج إلى كثير من الشجاعة من أجل الاعتراف بأن لهجته تقف عقبة في سبيل نجاحه، ولذلك يلجأ إلى تغيير هذه اللهجة. ويشير بعض الأساتذة إلى حساسية التعامل مع مسألة اللهجات، والحاجة إلى الخبرة في التعامل مع كيفية تغييرها، ويعتقد أنه في بريطانيا، على الأقل، ما بقيت التفرقة ضد اللهجات، واستمر النظام الطبقي في البلاد، فإن الإقبال على خدمات تحسين اللهجات سوف يستمر في الزيادة لسنوات طويلة.
- كيف تتخلص من لكنتك الأجنبية في لندن؟
> هناك كثير من المعاهد والجامعات والكليات والمدارس الخاصة، بالإضافة إلى المعلمين الذين يمكن اللجوء إليهم في دورات تدريبية، في لندن لتحسين النطق باللغة الإنجليزية، أو التخلص من اللكنة الأجنبية. والنموذج التالي هو لمدرسة خاصة في لندن، اسمها «لندن سبيتش وركشوب»، تقدم دورات خاصة في تعليم النطق الصحيح، وتساعد الطلبة على التخلص من اللكنة الأجنبية في الحديث.
وتقول نشرة المدرسة إنه من المهم الشعور بالثقة عند الحديث، وإن الدورة التدريبية سوف تساهم في وضوح الكلمات، وتخفف من اللكنات، وتلغي الحديث المبهم. وترى المدرسة أن هناك كثيراً من العوامل، بالإضافة إلى اللهجة أو اللكنة الأجنبية، تمنع وضوح الحديث باللغة الإنجليزية، وهي تعالج كل الجوانب ولا تكتفي بجانب واحد.
وتقدم المدرسة فرصة الاستفادة من درس نموذجي واحد أولاً، قبل أن يلتزم الطالب بالدورة التدريبية التي تمتد إلى 10 حصص على 3 أشهر. كما يمكن للطالب اختيار حل وسط بدورة سريعة تمتد لـ5 حصص فقط. وتصل تكلفة الدورة المكونة من 10 حصص إلى 1295 جنيهاً (1685 دولاراً)، ويحصل الطالب بالإضافة إلى الحصص على دليل مكتوب في مائة صفحة للتدريب اللغوي، وخطة عمل مخصصة له، بالإضافة إلى واجبات دراسية أسبوعية. وللمدرسة فرعان في لندن: أحدهما في حي مايفير، والآخر في جي السيتي، شرق لندن بالقرب من بنك إنجلترا.