لهذا نحبها

لا أعتقد أن أفضل كاتب سيناريو في العالم، قادر على أن يكتب نصاً فيه من الإثارة والدراما والتشويق وحبس الأنفاس، كما يحدث في عالم كرة القدم التي تخرج مبارياتها عن كل النصوص المعروفة، لتعطينا إثارة لا متناهية، ومتعة تتجاوز حتى أفلام هوليوود.
من كان يصدق أن فريقاً مثل برشلونة يفوز بالثلاثة، ويحتاج للخسارة بهدفين في معقل ليفربول ليتأهل للنهائي، وإن خسر بالثلاثة فسيلعب وقتاً إضافياً، ولكنه خسر بالأربعة رغم غياب النجم العربي المصري محمد صلاح. وللأمانة فإن أفضل مدربي العالم حذروا برشلونة من الأجواء في ملعب «الأنفيلد»، ولكن هذا كله كان يمكن أن يذهب سدى، لو سجل ميسي ورفاقه هدفاً واحداً، ولكنهم لم يسجلوا، وسط فرحة تصل حد الشماتة من مشجعي ريال مدريد، الذين خرجوا قبلهم، وكانوا يتمنون عدم تأهلهم حتى يكونوا في الهم سواء، وهذه أيضاً ميزة أخرى من مميزات أجواء كرة القدم.
ما فعله ليفربول دعا السياسيين في بلاده إلى استخدام (الريمونتادا التاريخية الثانية بعد ريمونتادا الميلان) وتوظيفها في جدالهم حول «البريكست»، بين رئيس حزب العمال جيريمي كوربين ورئيسة الوزراء وزعيمة حزب المحافظين تيريزا ماي، التي كسبت النقاش. فهو قد قال لها: «في ظل الأداء المبهر لليفربول في دوري أبطال أوروبا، فأنا أنصح رئيسة الوزراء بأن تأخذ دروساً أو نصائح من المدرب الألماني يورغن كلوب حول أدائها في أوروبا»، فردت عليه بذكاء وقالت: «عندما ننظر إلى فوز ليفربول على برشلونة، وعندما كان الجميع يعتقدون أن كل شيء انتهى، وأن المعارضة الأوروبية قد هزمتك، وأن الوقت قد حان للاعتراف بالهزيمة، فإن الدرس كان: أن كل شيء ممكن لو توحدنا معاً».
هذا التوظيف يعطينا مدى أهمية الرياضة وشعبيتها، ويعطينا دروساً في الحياة، أولها أن لا مستحيل فيها، وهو ما حدث في الليلة التالية، حين قلب توتنهام الطاولة على من هزمه في لندن بهدف، وعلى من كان الأفضل في البطولة منذ بدايتها، وأقصد أياكس الهولندي، وأخرجه بعدما هزمه خارج الديار، وبهدف في الدقيقة 95.
كل ما حدث في نصف نهائي أوروبا دروس في الحياة، وليس في كرة القدم، وأولها أن نؤمن بحظوظنا وبأنفسنا، وآخرها ألا نغلق الأبواب أمام الفرح، وألا نكون سلبيين بعد الهزيمة؛ بل تواقين للوقوف من جديد، فالسقوط مجرد حادثة، والبقاء في القاع قرار واختيار.