برلماني إيراني رفيع يستبعد ضربة أميركية ضد بلاده

رئيس اللجنة الاستراتيجية للعلاقات الخارجية يطالب الأوروبيين بإنقاذ «الاتفاق النووي» من الموت

صورة نشرتها البحرية الأميركية لمجموعة إبراهام لينكولن عقب دخولها البحر الأحمر الخميس الماضي (أ.ب)
صورة نشرتها البحرية الأميركية لمجموعة إبراهام لينكولن عقب دخولها البحر الأحمر الخميس الماضي (أ.ب)
TT

برلماني إيراني رفيع يستبعد ضربة أميركية ضد بلاده

صورة نشرتها البحرية الأميركية لمجموعة إبراهام لينكولن عقب دخولها البحر الأحمر الخميس الماضي (أ.ب)
صورة نشرتها البحرية الأميركية لمجموعة إبراهام لينكولن عقب دخولها البحر الأحمر الخميس الماضي (أ.ب)

استبعد رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني حشمت الله فلاحت بيشه، أن تلجأ الولايات المتحدة إلى ضربة عسكرية ضد إيران، لافتاً إلى أن «الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتابع سياسة خفض التوتر ويريد الحيلولة دون تقدم الأدبيات العسكرية بين إيران وأميركا، لأنه في الأساس لا يتبع نهجاً عسكرياً لمواجهة إيران».
ونقلت وكالة «إيسنا» الحكومية عن فلاحت بيشه أمس، تصريحات تشرح نظرة الإيرانيين لسلوك ترمب منذ أن قررت الإدارة الأميركية تشديد العقوبات على إيران التي بدأت بتنصيف «الحرس الثوري» على قائمة الإرهاب قبل أن تمتد إلى تصفير النفط وإصدار قرارات تهدف إلى منع إيران من تخصيب اليورانيوم وإنتاج المياه الثقيلة.
وقال فلاحت بيشه تعليقاً على إعلان البيت الأبيض إرسال رقم هاتف ترمب إلى الرئاسة السويسرية: «الواقع أن الأميركيين استخدموا آخر أدوات العقوبات ضد إيران»، معتبراً التحرك العسكري الأميركي الأخير، محاولة تأتي في إطار «ضغوط سياسية» مارستها الإدارة الأميركية لإجبار إيران على المفاوضات.
لكن فلاحت بيشه أشار إلى قناعات إيرانية بعدم رغبة ترمب للنزاع بين الإيرانيين إلى «اتفاق بين ترمب ومستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون قبل إعلان إرسال إبراهام لينكونن إلى المنطقة».
وعن طبيعة الاتفاق بين ترمب وبولتون، قال إن «الرئيس الأميركي يريد خفض التوتر ومنع تشكل أدبيات عسكرية بين إيران والولايات المتحدة، لأنه أساساً ضد النهج العسكري لمواجهة إيران. نهج ترمب العقوبات وعمله اقتصادي وكان يعتقد أنه عبر ذلك يمكن إجبار إيران على المفاوضات».
ولم يوضح المسؤول الإيراني مصادر المعلومات التي بنى عليها تحليلاته. وقبل أسابيع وردت تصريحات مماثلة على لسان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف خلال جولته في نيويورك، حاول فيها الفصل بين توجه ترمب من إيران، ووزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون.
وأصر فلاحت بيشه على إبعاد التوجه الحالي عن سياسة ترمب، قائلاً إن «ترمب ليس لديه نهج عسكري حتى في التحديات الأصغر حجماً».
وتشير تصريحات المسؤولين الإيرانيين من هذا النوع إلى محاولات في طهران لفتح باب التفاوض مع الإدارة الأميركية رغم صعوبة المهمة التي تشعر بها حكومة روحاني، خصوصاً في ظل موقفها الضعيف في ملفات ترتبط مباشرة بـ«الحرس الثوري» مثل سياسة إيران الإقليمية وبرنامج تطوير الصواريخ الباليستية.
وتأتي التصريحات في حين لم يمضِ وقتاً على قرار إدارة ترمب بتصنيف الجهاز الأكثر نفوذاً في إيران على قائمة المجموعات الإرهابية.
ورفض فلاحت بيشه التحليلات التي تشير إلى تشابه حالة إيران وكوريا الشمالية، مستبعداً تكرار السيناريو الكوري الشمالي فيما يخص إيران. وقال في هذا الصدد إن «ظروف إيران تختلف عن كوريا الشمالية، ترمب يدرك أن لدى إيران أدوات مختلفة». وأضاف: «أميركا أعلنت مؤخراً أنها تريد التفاوض مع إيران لكي تمنعها من إنتاج أسلحة نووية ولا شأن لها بالقضايا الأخرى، هذا يعني أن ترمب يسعى وراء التغيير في الاتفاق النووي ويعرف كثيراً من أدوات قوة إيران». وتابع: «ترمب يعرف أنه لا يمكنه السيطرة علينا واحتواؤنا من أجل لهذا إيران وكوريا الشمالية مختلفة».
في الوقت ذاته، انتقد المسؤول الإيراني دور اللاعبين الإقليميين في التصعيد المتقابل بين إيران والولايات المتحدة.
وقال فلاحت بيشه تحديداً: «هناك من يتحدث في إيران عن المفاوضات أو من يتحدثون عن المواجهة، لكن نهج الجميع في إطار واحد، وهذا على خلاف الولايات المتحدة التي تعاني نوعاً ما من التوتر والخلافات». المسؤول الإيراني ذهب أبعد من ذلك وتوقع أن يصاب ترمب تجاه مستقبل جون بولتون بالشكوك نفسها التي يشعر بها إزاء وزير الخارجية الأسبق جون كيري، وقال: «ترمب قد يكون الشخص الذي يتسبب في هزيمة سياسات ترمب حول إيران».
في شأن متصل، دعا رئيس اللجنة الاستراتيجية للعلاقات الخارجية كمال خرازي في باريس إلى الإسراع في «تنفيذ تعهدات أوروبا في الاتفاق النووي».
وأفاد موقع التلفزيون الإيراني بأن خرازي الذي شغل منصب وزير خارجية إيران في زمن الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي أجرى مباحثات مع رئيس لجنة العلاقات الخارجية في المجلس الوطني الفرنسي ماریل دو سارنِز.
ونقل موقع مقرب من خرازي قوله إن مهلة 60 يوماً التي حددتها طهران «فرصة مناسبة» للأوروبيين للإسراع في الآلية المالية التي أطلقتها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، بهدف الالتفاف على العقوبات، وطالب بـ«تعويض التأخر السابق وإنقاذ الاتفاق من الموت».
إلى ذلك، حذر رئيس كتلة الشفافية في البرلمان الإيراني، محمود صادقي من توسع قضايا الفساد بين المسؤولين، في ظل سياسة الالتفاف التي تتبعها السلطات الإيرانية لمواجهة العقوبات الأميركية.
ونقل موقع البرلمان الإيراني «خانه ملت» عن النائب عن مدينة طهران محمود صادقي قوله إن «المحافظين يعتقدون ضرورة تخصيص مكافأة تقدر بين 20 و30 في المائة من أموال تحصل عليها إيران في عملية الالتفاف على العقوبات»، محذراً من تحول ذلك إلى «معيار».
وقال صادقي إن «بعض الأشخاص المحسوبين على طيف سياسي خاص يقولون يجب أن نخصص من 20 إلى 30 في المائة من أموال البلاد لمن يشاركون في الالتفاف على العقوبات». وأضاف: «إنهم في الواقع يقبلون بالفساد وعلى هذا الأساس يصبح الفساد في هذه القضية مقبولاً ويتحول إلى معيار». واتهم أصحاب هذه النزعة بأنهم «يعتقدون أنه لا يمكن إدارة البلد من دون فساد».



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.