إسرائيل تسمح مجدداً بالصيد في بحر غزة

منظمو «مسيرات العودة» يشددون على «سلميتها وطابعها الشعبي»

زوارق للصيادين الفلسطينيين في بحر غزة أمس بعد سماح إسرائيل بعودة الصيد  أمام سواحل القطاع حتى مسافة 12 ميلاً بحرياً (أ.ف.ب)
زوارق للصيادين الفلسطينيين في بحر غزة أمس بعد سماح إسرائيل بعودة الصيد أمام سواحل القطاع حتى مسافة 12 ميلاً بحرياً (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تسمح مجدداً بالصيد في بحر غزة

زوارق للصيادين الفلسطينيين في بحر غزة أمس بعد سماح إسرائيل بعودة الصيد  أمام سواحل القطاع حتى مسافة 12 ميلاً بحرياً (أ.ف.ب)
زوارق للصيادين الفلسطينيين في بحر غزة أمس بعد سماح إسرائيل بعودة الصيد أمام سواحل القطاع حتى مسافة 12 ميلاً بحرياً (أ.ف.ب)

أعادت إسرائيل السماح للصيادين بالصيد في بحر غزة صباح أمس الجمعة، وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر فلسطينية وإسرائيلية، وذلك بعد أسبوع على منع الفلسطينيين من الصيد، رداً على تجدد المواجهات على حدود القطاع مع إسرائيل.
وقال نزار عياش نقيب الصيادين الفلسطينيين إن «الاحتلال أبلغنا عبر الشؤون المدنية بإعادة فتح البحر أمام الصيادين حتى مسافة 12 ميلاً، انطلاقاً من ميناء غزة وحتى رفح جنوباً، وبعمق 6 أميال من مدينة غزة حتى بيت لاهيا شمالاً ابتداءً من العاشرة صباح الجمعة»، بحسب ما أوردت الوكالة الفرنسية.
ويعد هذا القرار أول خطوة في تفاهمات التهدئة في قطاع غزة الذي تحاصره إسرائيل منذ أكثر من عشر سنوات.
وقالت «هيئة تنسيق النشاطات الحكومية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية» (كوغات) إن منطقة الصيد البحري في قطاع غزة ستفتح اعتباراً من أمس الجمعة «بعمق 12 ميلاً بحرياً». لكنها أضافت أن «تطبيق القرار مشروط باحترام صيادي قطاع غزة الاتفاقات».
ولفتت وكالة الصحافة الفرنسية إلى أن البحرية الإسرائيلية كثيراً ما تطلق النار على مراكب الصيد التي تعتبر إسرائيل أنها تتخطى المنطقة المحددة لها. وقال مصدر مطلع قريب من حركة «حماس» إن إعادة فتح البحر للصيد تعد «خطوة أولى يتوجب على الاحتلال تنفيذها كجزء من تطبيق التفاهمات وهناك إجراءات أخرى يتوجب تنفيذها». وتابع: «نحن نراقب ونتابع مدى التزام الاحتلال»، مبينا أن وفداً أمنياً مصرياً برئاسة اللواء أحمد عبد الخالق رئيس ملف فلسطين في المخابرات المصرية، إلى جانب وفد من مكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة، «سيراقبان التطبيق على الأرض».
وأشارت الوكالة الفرنسية إلى أن الوفد المصري وصل، مساء الخميس، إلى غزة، ونقلت عن مصادر فلسطينية أنه سيراقب مسيرات العودة من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، قرب السياج الحدودي، بعد ظهر الجمعة.
وأغلقت السلطات الإسرائيلية الأسبوع الماضي البحر أمام الصيادين الفلسطينيين، وكذلك كل المعابر مع قطاع غزة رداً على إطلاق صواريخ من القطاع المحاصر.
وبوساطة مصر، توصل الفلسطينيون والإسرائيليون إلى وقف لإطلاق النار فجر الاثنين بعد يومين من مواجهة عسكرية هي الأعنف منذ حرب 2014. وقتل 25 فلسطينيا، بينهم 9 مقاتلين على الأقل، وأربعة إسرائيليين، خلال يومين من التصعيد.
وقال مسؤولون فلسطينيون إن إسرائيل وافقت على تخفيف الحصار الخانق على القطاع ضمن تفاهمات التهدئة.
في غضون ذلك، نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن حركة «حماس» قولها أول من أمس إن وفداً من قيادتها أنهى زيارة لمصر حيث أكد على ضرورة تنفيذ إسرائيل تفاهمات التهدئة في غزة «دون تلكؤ». وقالت «حماس»، في بيان، إن وفدها برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة يحيى السنوار أجرى في القاهرة العديد من اللقاءات مع وزير المخابرات المصرية اللواء عباس كامل، وقيادة جهاز المخابرات العامة. وأوضحت الحركة أن المباحثات «ركزت على وقف العدوان الإسرائيلي الغاشم الأخير على شعبنا، والتي عبر فيها وفد الحركة عن تمسك المقاومة بالدفاع عن شعبنا وردع العدوان وتطبيق تفاهمات كسر الحصار دون تلكؤ». وأضافت: «كما تناولت اللقاءات سبل كسر الحصار نهائياً بما يضمن رفع المعاناة والظلم عن شعبنا البطل». كما أكد الوفد «حرص الحركة وتمسكها الثابت والأكيد باستعادة الوحدة ورص الصفوف لمواجهة التحديات والأخطار المحدقة بالقضية ومشاريع التصفية وعلى رأسها صفقة القرن الأميركية»، بحسب ما نقلت الوكالة الألمانية عن بيان الحركة.
في هذه الأثناء، أكدت «الهيئة العليا لمسيرات العودة» في قطاع غزة استمرار مسيرات العودة وكسر الحصار «بطابعها السلمي والشعبي وأنها غير قابلة للمساومة».
وقالت الهيئة، في بيان: «نؤكد على سلمية المسيرات وطابعها الشعبي، ونحذر العدو (إسرائيل) من ارتكاب أي حماقات بحق المتظاهرين السلميين». وأضافت: «ندعو جماهير شعبنا للمشاركة الواسعة الجمعة في جمعة (موحدون في مواجهة الصفقة) والتي نؤكد فيها على رفضنا لكل المشاريع التصفوية وفي مقدمتها صفقة القرن» الأميركية.
وقتل أكثر من 270 فلسطينياً برصاص الجيش الإسرائيلي خلال مظاهرات أسبوعية ضمن مسيرات العودة المستمرة منذ 30 مارس (آذار) 2018 للمطالبة برفع الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ 12 عاماً.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.