معارك كرّ وفرّ شمال حماة... و«براميل» على ريف إدلب

طائرات روسية وسورية تقصف منطقة «خفض التصعيد»

دخان يتصاعد من خان شيخون بعد القصف الروسي والسوري أمس (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من خان شيخون بعد القصف الروسي والسوري أمس (أ.ف.ب)
TT

معارك كرّ وفرّ شمال حماة... و«براميل» على ريف إدلب

دخان يتصاعد من خان شيخون بعد القصف الروسي والسوري أمس (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من خان شيخون بعد القصف الروسي والسوري أمس (أ.ف.ب)

ألقت مروحيات سورية «براميل متفجرة» على ريف إدلب في شمال غربي سوريا، في وقت شنت فصائل هجوماً على مناطق سيطرت عليها قوات النظام شمال حماة ما أدى إلى معارك كر وفر وسط سوريا. كما استمر القصف بـ«البراميل» والغارات على سهل الغاب في ريف حماة.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الجمعة أن الطيران المروحي السوري ألقى صباح أمس براميل متفجرة على بلدة الهبيط بريف إدلب الجنوبي شمالي سوريا، بالتزامن مع استهداف طائرات النظام الحربية بالرشاشات الثقيلة لأماكن في البلدة.
كما نفذت طائرات روسية حربية بعد منتصف ليل الخميس - الجمعة غارات عدة على أماكن في بلدتي الهبيط والقصابية بالقطاع الجنوبي من الريف الإدلبي. وتتعرض أماكن في البلدتين منذ ما بعد منتصف الليل وحتى اللحظة لقصف بري مكثف بعشرات القذائف الصاروخية والمدفعية.
وكان مجلس الأمن الدولي قد قرر عقد جلسة طارئة بشأن سوريا مع تنامي المخاوف الأربعاء، من تصاعد الضربات الجوية ضد المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، بناء على طلب ألمانيا والكويت وبلجيكا، التي تشترك في المسؤولية عن القضايا الإنسانية في الأجندة السورية بمجلس الأمن المؤلف من 15 عضوا. وقال متحدث باسم المجلس لوكالة الأنباء الألمانية، إن الجلسة كان مقررا أن تعقد أمس.
وتأتي هذه الخطوة في الوقت الذي تتقدم فيه قوات الحكومة السورية، مدعومة بضربات جوية مكثفة، في مناطق المعارضة في محافظة حماة بوسط سوريا، حسب ما أفاد نشطاء.
كانت الحكومة السورية وحليفتها روسيا بدأتا الأسبوع الماضي موجة هجمات على معقل المعارضة في محافظتي إدلب وحماة، حيث تعرضت المستشفيات والمراكز الصحية هناك للقصف.
يشار إلى أن المنطقة المحيطة بإدلب يعيش بها نحو ثلاثة ملايين لاجئ، نصفهم من النازحين داخليا.
وبحسب بيانات الأمم المتحدة، أدت الموجة الجديدة من العنف إلى نزوح أكثر من 150 ألف شخص، فيما قدر مكتب الصحة في إدلب عدد النازحين بـ300 ألف شخص.
وبدأت فصائل المعارضة السورية صباح أمس هجوماً واسعاً لاستعادة مدن وبلدات كانت القوات الحكومية السورية قد استولت عليها في ريف حماة شمالي خلال اليومين الماضيين.
وقال قائد عسكري في الجبهة الوطنية للتحرير المعارضة لوكالة الأنباء الألمانية: «دخلت فصائل المعارضة بلدة كفرنبودة صباح اليوم (أمس) بعد كسر خطوط دفاع القوات الحكومية وتجري الآن معارك في الأحياء الشمالية الشرقية».
وأكد القائد العسكري «سقوط قتلى وجرحى من عناصر القوات الحكومية بعد استهداف ثلاث سيارات بينها سيارة عسكرية كبيرة لهم ومواقعهم بصواريخ موجهة ما دفع عدد كبير منهم للهروب ومغادرة البلدة، وتدخل الطيران الروسي الذي قصف نقطة للقوات الحكومية».
يشار إلى أن الحكومة السورية وحليفتها روسيا بدأتا الأسبوع الماضي موجة هجمات على معقل المعارضة في محافظتي إدلب وحماة، حيث تعرضت المستشفيات والمراكز الصحية هناك للقصف.
وأفاد «المرصد» أنه وثق «مقتل مدني جراء قصف طائرات النظام الحربية على أماكن في مدينة خان شيخون بالقطاع الجنوبي من الريف الإدلبي»، في وقت «ارتفع إلى 42 عدد الغارات التي نفذتها طائرات النظام الحربية على مناطق في ريفي حماة وإدلب، وهي 11 على أطراف ومحيط كفرنبودة، و10 على الهبيط، و8 على القصابية، و7 على خان شيخون، وغارتان لكل من (ركايا سجنة ومعرة حرمة وكفرسجنة)، كما ارتفع إلى 10 عدد البراميل المتفجرة التي ألقاها الطيران المروحي منذ الصباح على بلدة الهبيط جنوب إدلب، بالإضافة لـ8 براميل متفجرة استهدفت أطراف ومحيط كفرنبودة بريف حماة الشمالي، أيضاً ألقى الطيران المروحي برميلين متفجرين على كفرعين وبرميلين متفجرين على تل عاس».
كذلك ارتفع إلى 18 عدد الغارات التي نفذتها الطائرات الروسية، بحسب «المرصد»، وهي 6 غارات على الهبيط، و6 على القصابية، وغارتان لكل من (الشيخ مصطفى وكبانة ومحيط صهيان)، بالإضافة لاستمرار القصف البري من قبل قوات النظام بالقذائف الصاروخية والمدفعية مستهدفة الهبيط والقصابية وخان شيخون وأماكن أخرى جنوب إدلب وبسهل الغاب وجبل شحشبو، وسط استهداف الفصائل بالصواريخ لمناطق تسيطر عليها قوات النظام في سهل الغاب بريف حماة الشمالي الغربي.
وقال «المرصد» بأن «الاشتباكات استمرت بوتيرة عنيفة على محاور عدة في ريفي حماة الشمالي والشمالي الغربي، بين قوات النظام مدعومة بالمسلحين الموالين لها من طرف، وهيئة تحرير الشام والفصائل من طرف آخر، على محور كفرنبودة في هجوم من قبل تحرير الشام لاستعادة السيطرة على البلدة».
وعاودت الفصائل السيطرة على قرية باب طاقة بعد عملية تبادل للسيطرة بينها وبين قوات النظام عدة مرات خلال الساعات الفائتة، فيما وثق «المرصد» السوري خسائر بشرية على خلفية استمرار المعارك المصحوبة بقصف واستهدافات جوية وبرية، حيث قتل ما لا يقل عن 11 من قوات النظام و6 من الفصائل والمجموعات.
وقال بأنه بذلك «يرتفع إلى 255 شخصا ممن قتلوا منذ بدء التصعيد الأعنف على الإطلاق ضمن منطقة «خفض التصعيد» في الـ30 من الشهر الماضي، وهم (97) مدنيا بينهم 13 طفلا و26 مواطنة ممن قتلتهم طائرات النظام و«الضامن» الروسي بالإضافة للقصف والاستهدافات البرية، وهم 29 بينهم 5 أطفال إناث و8 مواطنات ومواطنة أُخرى واثنان من أطفالها في القصف الجوي الروسي على ريفي إدلب وحماة، و21 بينهم 7 مواطنات وطفلة قتلوا في البراميل المتفجرة من قبل الطائرات المروحية، و30 بينهم 6 مواطنات و5 أطفال وعنصر من فرق الإنقاذ قتلوا في استهداف طائرات النظام الحربية، كما قتل 16 شخصاً بينهم 4 مواطنات في قصف بري نفذته قوات النظام، ومدني في قصف الفصائل على السقيلبية، كما قتل في الفترة ذاتها (86) على الأقل من المجموعات والفصائل الأُخرى في الضربات الجوية الروسية وقصف قوات النظام واشتباكات معها، بالإضافة لمقتل (72) عناصر من قوات النظام في استهدافات وقصف من قبل المجموعات الجهادية والفصائل».
وبعد مرور عشرين يوما على التصعيد، ارتفع إلى «407 أشخاص ممن قتلوا وهم 146 مدنياً بينهم 26 طفلا و35 مواطنة في القصف الجوي الروسي والسوري، وقصف قوات النظام على مناطق في حلب وحماة واللاذقية وإدلب، ومن ضمنهم 5 مدنيين قتلوا بسقوط قذائف أطلقتها الفصائل على مدينة حلب وبلدة الحاضر جنوب حلب وقرية الخندق وبلدة السقيلبية بريف حماة، و19 شخصاً قتلوا في انفجار شاحنة محملة بمواد شديدة الانفجار تعود ملكيتها للمجموعات وذلك في مدينة جسر الشغور غرب إدلب، و104 من المجموعات والفصائل قضوا خلال قصف جوي وبري وهجمات واشتباكات مع قوات النظام والمسلحين الموالين لها، و138 من قوات النظام والمسلحين الموالين لها قتلوا في هجمات للمجموعات الجهادية على مناطق متفرقة من المنطقة منزوعة السلاح».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.