الحكومة الإسرائيلية تطلب من المحكمة تأجيل هدم الخان الأحمر

وسط انتقادات لنتنياهو من حلفائه اليمينيين

TT

الحكومة الإسرائيلية تطلب من المحكمة تأجيل هدم الخان الأحمر

تقدمت الحكومة الإسرائيلية بطلب إلى المحكمة العليا، بأن توافق على تأجيل إخلاء قرية الخان الأحمر الفلسطينية وهدم بيوتها، إلى موعد آخر بعد تشكيل الحكومة الجديدة.
وقالت النيابة العامة باسم الحكومة، إن إخلاء القرية عملية معقدة تحتاج إلى جهود سياسية وأمنية مركبة، ولذلك فإنها تريد تنفيذها فقط عندما تكون هناك حكومة مستقرة.
وكان موضوع هذه القرية قد طرح على المحكمة منذ عام 2009، وخلال عشر سنوات تقدمت جمعيات الاستيطان الاستعمارية بست دعاوى تطالب فيها بإجلاء أهلها وهدم بيوتها، حتى توضع تحت يد المستوطنين، ويتم توسيع مستعمرة معاليه أدوميم على حسابها. وقد استغلوا عدم وجود أوراق ثبوتية منظمة لهذه الأرض، مثلما هو حال غالبية الأراضي الفلسطينية في المناطق المحتلة. وأصدرت المحكمة قراراً نهائياً بهدم القرية وتشريد سكانها، بحلول شهر يونيو (حزيران) 2018؛ لكن الحكومة لم تتمكن من تنفيذ الهدم إثر اعتصام مئات الفلسطينيين فيها. ثم تأجل الإخلاء مرة أخرى إلى سبتمبر (أيلول)، ثم إلى أجل غير مسمى.
وعشية الانتخابات هوجم رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في اجتماعات أحزاب اليمين، بسبب امتناعه عن الهدم، فوعد بأن ينفذ الأمر فوراً بعد الانتخابات التي جرت قبل شهر؛ لكن نتنياهو فاجأ حلفاءه، أمس الجمعة، إذ تقدمت النيابة باسمه إلى المحكمة تطلب تأجيل الهدم والتشريد. وقد رد رئيس حركة «رجبيم» التهويدية، ياخين زاكين، على هذه الخطوة بالقول إن نتنياهو يسقط مرة أخرى في امتحان الأمانة والإخلاص. وأضاف: «إن الخان الأحمر تشكل رمزاً، ليس فقط للسيطرة غير القانونية للفلسطينيين على أراضي الدولة؛ بل هي رمز أيضاً لخطط السلطة الفلسطينية لسحب الأرض من تحت أقدام اليهود. وعليه فإن من واجب الحكومة الإسرائيلية أن تتصدى لهذه المحاولة، وتقطع دابر هذا المخطط»، بحسب ما قال.
يذكر أن الخان الأحمر هي قرية بدوية فلسطينية تضم 190 مواطناً في بادية القدس الشرقية. وهم ينحدرون من صحراء النقب، وسكنوا بادية القدس في عام 1953، إثر تهجيرهم القسري من قبل السلطات الإسرائيلية. يعتمدون في معيشتهم على تربية المواشي (الأغنام)، التي كانوا يملكون منها نحو 1600 رأس ماعز، ونحو 60 ناقة في سبعينات القرن الماضي، إلا أنّهم لا يملكون اليوم سوى 240 رأس ماعز؛ وذلك بسبب النّقص في المراعي وملاحقات سلطات الاحتلال، وحرمانهم من مصادر المياه في وادي القلط القريب من التجمع. وتحاول السلطات الإسرائيلية إجلاءهم ضمن مشروع تضعه للتخلص من 46 مجمعاً بدوياً منتشرة في منطقة شرقي القدس المحتلة، والتي يعيش فيها أكثر من 3 آلاف فلسطيني مهددة مساكنهم جميعاً بالهدم أيضاً، في سبيل تنفيذ مخططات تهويد واستيطان.
ويقول رئيس لجنة الدفاع عنهم، عبد جهالين: «سكان هذه التجمعات ينظرون من حولهم ويرون المستوطنات اليهودية كيف تتطور وتتقدم، وتنار بالكهرباء، وتشق لها الشوارع، وتقام مشروعات المياه والحدائق، ويتساءلون: أليس هذا هو الأبرتهايد (الفصل العنصري) بعينه؟».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».