آثار الشرق الأوسط المنهوبة للبيع على «فيسبوك»

رصد ما لا يقل عن 90 مجموعة ذات صلة مباشرة بالتجارة غير المشروعة للآثار في المنطقة

من آثار مدينة نمرود بالعراق التي دمرها داعش (غيتي)
من آثار مدينة نمرود بالعراق التي دمرها داعش (غيتي)
TT

آثار الشرق الأوسط المنهوبة للبيع على «فيسبوك»

من آثار مدينة نمرود بالعراق التي دمرها داعش (غيتي)
من آثار مدينة نمرود بالعراق التي دمرها داعش (غيتي)

تعرض مجموعات على «فيسبوك» قطعا أثرية هربت من الشرق الأوسط أثناء اضطرابات الربيع العربي وما تلاها من حرب عمت بعض أجزاء المنطقة، الأمر الذي أوجد فرصا غير مسبوقة للمهتمين بتجارة وتهريب الآثار، كما يقول عمرو العظم، أستاذ تاريخ وأنثروبولوجيا الشرق الأوسط لدى جامعة شاوني في ولاية أوهايو الأميركية والمسؤول في هيئة الآثار السورية سابقا. وكان الدكتور عمرو رفقة زملائه محاولين رصد تلك التجارة ضمن «مشروع آثار» الذي يشرفون عليه.
وفي الأثناء ذاتها، قال الدكتور عمرو العظم «نجحت وسائل التواصل الاجتماعية في تقليل الحواجز حيال دخول هذا النوع من الأسواق. وهناك في الوقت الحالي ما لا يقل عن 90 مجموعة من مجموعات «فيسبوك» ذات صلة مباشرة بالتجارة غير المشروعة للآثار في منطقة الشرق الأوسط، وتضم تلك المجموعات عشرات الآلاف من الأعضاء».
وفي غالب الأمر، تقوم تلك المجموعات بنشر القطع أو الاستفسارات بشأنها في المجموعة، ثم ينتقل الحديث إلى المناقشات والدردشة أو رسائل الواتسآب النصية، مما يجعل من الصعب تعقبها. وبعض المستخدمين ينشرون طلبات الحصول على أنواع معينة من القطع، مما يوفر حافزا للتجار من أجل عرضها للبيع، وهو الأسلوب الذي وصفه الدكتور عمرو العظم بقوله «السرقة بالطلب».
وهناك آخرون ينشرون تعليمات مفصلة للصوص الطامحين حول كيفية العثور على المواقع الأثرية والحفر من أجل استخراج الكنوز.
وتشمل القطع المعروضة للبيع تمثالا جذعيا أغلب الظن أنه مسروق من مدينة تدمر الأثرية السورية القديمة، والتي خضعت لاحتلال تنظيم داعش الإرهابي لفترة من الزمن شهدت خلالها عمليات سرقة أثرية هائلة فضلا عن تدمير الآثار التاريخية هناك.
أما القطع الأثرية الأخرى المعروضة للبيع على تلك المجموعات فتأتي في أغلب الأحيان من العراق، واليمن، ومصر، وتونس، وليبيا. وأغلب القطع لا تأتي من المتاحف أو المجموعات الأثرية الخاصة، حيث يجري فهرسة وإدراج القطع الأثرية ضمن كتالوجات لضمان المحافظة عليها.
وقال الدكتور عمرو العظم: «لقد تم نهب القطع الأثرية من الأرض مباشرة. ولم يرها أحد من قبل. والدليل الوحيد الذي نملكه على وجودها يكون عندما ينشر أحدهم صورة القطعة على الإنترنت».
وكتب الدكتور العظم رفقة الدكتورة كاتي بول، وهما مديرا «مشروع آثار» الثقافي، في مجلة (وورلد بوليتيكس ريفيو) العام الماضي أن طلبات (السرقة بالأمر) أظهرت أن تجار ومهربي الآثار كانوا يستهدفون سرقة المواد مع الحد الأعلى من مستويات الدقة المطلوبة – وهي الممارسة التي يجعلها موقع «فيسبوك» من أسهل ما يكون.
وبعد نشر هيئة الإذاعة البريطانية لمقال حول أعمال الدكتور العظم وزملائه الأسبوع الماضي، قالت شركة «فيسبوك» بأنها قامت بإغلاق 49 مجموعة من المجموعات ذات الصلة بتجارة وتهريب الآثار.
وأفاد الدكتور العظم أن هناك 90 مجموعة، بما في ذلك العديد من المجموعات الكبيرة، المعنية بهذه التجارة غير المشروعة لا تزال قائمة. ولكن الأهم من ذلك، كما قال، أنه لا ينبغي على «فيسبوك» مجرد إلغاء أو إغلاق تلك المجموعات فحسب، والتي تشكل في الوقت الحاضر دليلا حاسما بالنسبة إلى جهات إنفاذ القانون وخبراء الآثار والتراث.
وفي بيان صادر الثلاثاء الماضي، قالت شركة «فيسبوك» بأنها «تواصل الاستعانة بالناس والتكنولوجيا في استبعاد مثل هذه الأنشطة خارج نطاق «فيسبوك»، وتشجع الشركة الآخرين على إبلاغها بشأن أي شيء يشتبهون فيه أو يسبب انتهاكا مباشرا لمعايير المجموعات الخاصة بالشركة حتى يتسنى سرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة حيالها».
وقالت الناطقة باسم الشركة بأن فريق إنفاذ سياسات الشركة يضم 30 ألفا من الأعضاء، وأنهم استحدثوا أدوات جديدة لاكتشاف وإزالة المحتويات التي تشكل انتهاكا للقوانين أو السياسات باستخدام تقنيات الذكاء الصناعي، والتعلم الآلي، والرؤية الحاسوبية.
ويعد الاتجار في الآثار من التجارات غير المشروعة في معظم أنحاء منطقة الشرق الأوسط، كما أن التعامل في الآثار المسروقة من الأنشطة غير القانونية بموجب أحكام القانون الدولي. ولكن قد يكون من الصعب ملاحقة أو محاكمة مرتكبي مثل هذه الجرائم.
وقالت ليلى أميندولي، المحامية في نيويورك والمختصة في قضايا الفنون والتراث الثقافي، بأن تحديد مصادر القطع الأثرية المنهوبة قد يكون من المساعي الشاقة المجهدة، ويقيم عقبة كبيرة أمام المحامين والأكاديميين على حد سواء.
وقال الدكتور العظم بأن فريقه البحثي أشار إلى أن مجموعات «فيسبوك» تديرها شبكة دولية من المتاجرين في الآثار الذين يبحثون عن المشترين في كل مكان بما في ذلك الغرب. ويجري استكمال صفقات البيع في أغلب الأحيان بصفة شخصية وبأموال نقدية في البلدان القريبة، رغم الجهود المبذولة في تركيا وغيرها من البلدان لمكافحة تهريب الآثار عبر الحدود.
وانتقد العظم شركة «فيسبوك» لعدم الإصغاء لتحذيرات مبيعات القطع الأثرية المسروقة عبر مجموعات الشركة في وقت مبكر من عام 2014. عندما كان وقتها يمكن العمل على إلغاء أو إغلاق هذه المجموعات وإجبارها على التوقف، أو على الأقل الحد من نموها وانتشارها.
ومع توسع رقعة تنظيم داعش الإرهابي فيما سبق، تمكنت عناصر التنظيم، باستخدام المعدات الثقيلة، من نهب وتدمير المواقع الأثرية القديمة التي لم تكن جرت فيها حفريات من قبل اندلاع الحرب الأهلية السورية. وسمح التنظيم للسكان المحليين وغيرهم من اللصوص بالسرقة من المواقع الأثرية القديمة، وفرض عليهم ضريبة بـ20 في المائة على أرباح تلك السرقات.
وسارع بعض السكان المحليين وخبراء التراث الثقافي إلى توثيق وحفظ الآثار القديمة، بما في ذلك الجهود الرامية إلى الحماية المادية للآثار، وإنشاء نماذج ثلاثية الأبعاد وخرائط لحفظ المواقع الأثرية. وبرغم تلك الجهود الكبيرة، كانت السرقات والخسائر كارثية.
وتظهر صور الأقمار الصناعية كيف أن المواقع الأثرية التي لا تقدر بثمن، مثل موقع مدينة (ماري ودورا أوربوس) في شرق سوريا، قد انتشرت فيها حفائر لصوص الآثار. وفي متحف الموصل في العراق، صور المسلحون أنفسهم وهم يمسكون بالمطارق الثقيلة ويحطمون ما اعتبروه وثنيا من آثار الحضارات السابقة، وكانت تلك الأعمال مصممة لخدمة جهود الدعاية لدى التنظيم الإرهابي.
كما استفادت فصائل وجماعات وأشخاص من النهب في المواقع الأثرية. وفي واقع الأمر، كانت السوق مشبعة للغاية لدرجة انخفاض الأسعار بصورة كبيرة خلال فترة طويلة من عام 2016. كما قال العظم.
وفي نفس الوقت تقريبا، انتشر عناصر تنظيم داعش الإرهابي متفرقين إثر الهزائم الإقليمية المنكرة التي لحقت بالتنظيم، ونقلوا خبراتهم الجديدة في نهب الآثار إلى بلادهم، بما في ذلك مصر، وتونس، وليبيا، وإلى أجزاء أخرى من سوريا مثل محافظة إدلب. يقول العظم: «إنها مسألة عرض وطلب تجارية بحتة. وأي طلب جديد فيها يمنح اللصوص حافزا جديدا، وربما يسفر عن تمويل بعض الجماعات الإرهابية عبر هذه العمليات».
وبدلا من مجرد حذف الصفحات أو إغلاق المجموعات، كما يقول الدكتور السوري، ينبغي على شركة «فيسبوك» استحداث استراتيجية أكثر شمولا لوقف مبيعات القطع الأثرية المسروقة مع السماح للمحققين وجهات إنفاذ القانون الاحتفاظ بالصور والسجلات المحملة على صفحات تلك المجموعات. والصورة المنشورة على عجل، بعد كل شيء، ربما تكون الدليل الوحيد الموجود والمتاح لدى جهات إنفاذ القانون على سرقة القطعة الأثرية أو علماء الآثار والتراث. وقال الدكتور عمرو العظم أخيرا: «مجرد حذف الصفحة من على «فيسبوك» يؤدي إلى تدمير مجموعة هائلة من الأدلة التي تكون ضرورية في تحديد وتعقب واسترداد الكنوز المنهوبة خلال السنوات القادمة».

- خدمة نيويورك تايمز



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».