كيف يمكن لنادي كرة قدم أن يؤثر على مدينة بأكملها؟

هبوط سندرلاند تسبب في أزمة اقتصادية بالبلدة وإحجام السكان عن الإنفاق بسبب «أحزانهم الكروية»

اقتراب سندرلاند من الترقي خفف من أزمة أصحاب المحلات الذين يعانون من قلة الإنفاق
اقتراب سندرلاند من الترقي خفف من أزمة أصحاب المحلات الذين يعانون من قلة الإنفاق
TT

كيف يمكن لنادي كرة قدم أن يؤثر على مدينة بأكملها؟

اقتراب سندرلاند من الترقي خفف من أزمة أصحاب المحلات الذين يعانون من قلة الإنفاق
اقتراب سندرلاند من الترقي خفف من أزمة أصحاب المحلات الذين يعانون من قلة الإنفاق

عندما يواجه سندرلاند نادي بورتسموث في الملحق المؤهل لدوري الدرجة الأولى، اليوم، فإن تشجيع نادي سندرلاند لن يقتصر على عشاق كرة القدم فقط، لكنه يمتد إلى أصحاب المحلات والمشروعات التجارية في المدينة، حيث يقول أندي برادلي، مدير متجر «بريدجس» في قلب مدينة سندرلاند: «عندما تكون الروح المعنوية مرتفعة، ينفق الناس أكثر، والعكس صحيح. وعندما يؤدي الفريق بشكل جيد، ينفق الآباء أموالهم على شراء هدايا لأطفالهم».
وبالتالي، فإن نجاح نادٍ لكرة القدم يمكن أن يكون له تأثير على اقتصاد مدينة بأكملها، والدليل على ذلك أنه عندما فاز ليستر سيتي بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز عام 2016، زاد الاستحواذ على المشروعات الاقتصادية في مدينة ليستر، حيث أشارت مجموعة «إي واي» المهتمة بالشؤون المالية إلى أن حصول ليستر سيتي على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز قد أسهم بمبلغ 140 مليون جنيه إسترليني بشكل مباشر في الاقتصاد المحلي.
وقد يكون للهبوط تأثير معاكس تماماً؛ فبعد عشر سنوات من البقاء في الدوري الإنجليزي الممتاز، فإن هبوط سندرلاند مرتين متتاليتين في عامي 2017 و2018، الذي تمت الإشارة إليه في الفيلم الوثائقي «حتى أموت» الذي أذيع على شبكة «نتفليكس»، كان بمثابة ضربة قوية للكبرياء الرياضية، بل بمثابة صدمة للمدينة بأكملها. وكان برادلي من بين أولئك الذين شعروا بهذا الألم، حيث يقول: «كرة القدم لدينا تهبط بنسبة أربعة في المائة عاماً بعد عام». ويضيف: «بدون أدنى شك، كان لهبوط سندرلاند تأثير علينا. إن انخفاض أعداد الجمهور من نحو 40 ألف متفرج أو أكثر يعني انخفاض أعداد المشجعين الذين يدفعون الأموال مقابل ترك سياراتهم في الأماكن التي نخصصها للسيارات، وشراء الوقود واستخدام باقي البنى التحتية في المدينة. ومن المؤكد أن هبوط الفريق يؤثر على الروح المعنوية للناس».
ومع ذلك، فإن المشكلات التي يعاني منها الفريق لا تؤثر على الجميع بشكل متساوٍ، فعلى سبيل المثال استفاد فندق «هيلتون غاردن إن»، الذي يقع في حرم ملعب نادي سندرلاند، من إقامة فرق الدوريات الأدنى في الفندق. وعلى العكس من ذلك، تعاني الشركات الصغيرة في المدينة من حقيقة أن جمهور أندية الدوري الإنجليزي الممتاز يكون أكثر رغبةً في السفر من نظيره في الفرق التي تلعب في دوريات أدنى من الدوري الإنجليزي الممتاز، وبالتالي يقلّ الطلب على التعامل مع هذه الشركات.
وفي الوقت نفسه، فإن النجاح النسبي الذي حققه سندرلاند في دوري الدرجة الأولى قد خفف نسبياً من التأثير السلبي على محلات إنتاج الوجبات السريعة وشركات سيارات الأجرة والحانات. يقول مالك إحدى الحانات: «نظراً لأن سندرلاند يفوز بمزيد من المباريات، فإن الجمهور يشعر بالسعادة، وعندما يشعر بالسعادة فإنه ينفق أموالاً أكثر».
وعلى بُعد مسافة قصيرة بالسيارة، يقع متنزه التصنيع المتقدم الدولي في مكان مقابل لمصنع «نيسان» للسيارات، ومن المقرر أن يتم ضخ 400 مليون جنيه إسترليني لعمل استثمارات في القطاع الخاص تسهم في توفير سبعة آلاف فرصة عمل. ومع ذلك، يحذر بول سويني، مدير السياسات والبحوث في «مركز دراسات المدن»، من التناقضات الاقتصادية، قائلاً: «سندرلاند في موقف غريب، فعلى الرغم من أن معدل التوظيف أعلى مما كان عليه في أواخر السبعينات من القرن الماضي، فإن المشكلة تكمن في أن كثيراً من هذه الوظائف منخفضة الأجر. وبالتالي، يكمن التحدي في خلق فرص عمل تتطلب مهارات أكبر وبأجور أعلى، ومواصلة تجديد مركز المدينة الذي لا يزال غير جذاب بالشكل الذي نريده».
وسوف يشجع سويني سندرلاند في ملحق التصفيات المؤهلة لدوري الدرجة الأولى، لكنه لا يعتقد أن اقتصاد المنطقة ككل يتوقف على مصير نادي كرة القدم. ويقول: «يتمتع سندرلاند بقيمة تجارية ضخمة ويعني الكثير للكثير من الناس، وهذه العلامة التجارية الكبيرة تجعل الناس يفترضون أن تأثيرها على الاقتصاد المحلي سيكون أكبر بكثير من تأثيرها الفعلي».
وعلى الرغم من انخفاض عدد الجمهور في «ملعب الضوء» الذي يحتضن مباريات الفريق ويتسع لـ49 ألف متفرج، عن الأعداد التي كان عليها عندما كان الفريق يلعب في الدوري الإنجليزي الممتاز، فقد بلغ متوسط الحضور الجماهيري هذا الموسم 32 ألف متفرج، وهو أعلى من متوسط الحضور الجماهيري لكثير من الأندية المشاركة في الدوري الإنجليزي الممتاز. ويعتقد سويني أن بعض الأموال التي يتم توفيرها من انخفاض الإقبال الجماهيري تنفق في أماكن أخرى من المدينة، قائلاً: «إذا لم يذهب الناس إلى المباراة، فإنهم قد يأكلون بالخارج بدلاً من ذلك. وعلى الرغم من أن إنفاق الجمهور في يوم المباراة يُعد أمراً حيوياً بالنسبة لبعض الشركات والحانات في كل مكان، فإنه يلعب دوراً صغيراً إلى حد ما في الاقتصاد المحلي الإجمالي».
ويضيف: «تساهم الفنادق والمطاعم والحانات بنسبة 13 في المائة في اقتصاد سندرلاند كل عام. ومن المحتمل أن يشكل الإنفاق المرتبط بيوم المباراة - الذي يحدث في نحو 23 يوماً في السنة - جزءاً صغيراً من هذه النسبة. إنه ناد عريق ومعروف بالخارج، لكن دوره الاقتصادي صغير نسبياً».
ويقول مارك غريغوري، كبير الاقتصاديين في شركة «إي يو» بالمملكة المتحدة: «تتأثر بعض الشركات المحلية مباشرة في أعقاب هبوط الفريق لدوري في الدرجة الأدنى، لكن التأثير غير المباشر لتخفيض الإنفاق غالباً ما يتم الشعور به على نطاق أوسع بمرور الوقت». ويضيف: «عادة ما تخسر المدن بسبب نقل المباريات عبر شاشات التلفزيون للدول الخارجية، حيث تُبث مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز في جميع أنحاء العالم، وهو ما يكون له تأثير، حتى وإن كان طفيفاً، على الشركات المحلية، خصوصاً تلك التي تعمل على المستوى الدولي. كما شهدت بعض المدن انخفاض اهتمام الطلاب بالدراسة بها نتيجة لذلك».
لكن جامعة سندرلاند مزدهرة، ويعتقد لورانس بيلامي، عميد كلية الأعمال والقانون والسياحة بالجامعة، إن هناك مبالغة في تأثير هبوط الفريق على المدينة. وأضاف: «أهمية كرة القدم بالنسبة لاقتصاد هذه المدينة تقل كثيراً عن أهمية التصنيع المتقدم». وقد استفادت منطقة ويرسايد من بيع نادي سندرلاند في الصيف الماضي، حيث أعاد ستيوارت دونالد، المالك الجديد، توطيد العلاقات بين النادي والجمهور في المدينة، التي كانت غير جيدة في بعض الأحيان خلال فترة سلفه الملياردير الأميركي، إليس شورت. وساعد دونالد في إنشاء نادٍ للتواصل مع الشركات المحلية، مما سهل، من بين أمور أخرى، الاستثمار المجتمعي من خلال مؤسسة «فونديشن أوف لايت» الخيرية لكرة القدم.
وتقول ناتاشا ماكدونو، رئيسة لجنة سندرلاند في الغرفة التجارية بشمال شرقي إنجلترا، ومالكة شركة للتسويق: «يصاحب هبوط الفريق مستوى جديد من مشاركة الشركات المحلية مع النادي». وعملت ماكدونو في السابق في لوس أنجليس ولندن، لكنها تقول إنها «لم تنظر إلى الوراء أبداً» منذ الانتقال إلى ويرسايد. وخلال الشهر المقبل، ستقيم حفلاً غنائياً لفريق «سبايس غيرلز» على «ملعب الضوء». ومن المتوقع أن يحضر نحو 30 ألف شخص من خارج سندرلاند أول حفل ضمن مجموعة من الحفلات الصيفية التي يتوقع مجلس المدينة أن تدر أرباحاً تصل إلى أربعة ملايين جنيه إسترليني على الاقتصاد المحلي.


مقالات ذات صلة

أموريم لا يملك عصا سحرية... ومانشستر يونايتد سيعاني لفترة طويلة

رياضة عالمية أموريم عمل على توجيه لاعبي يونايتد أكثر من مرة خلال المباراة ضد إيبسويتش لكن الأخطاء تكررت (رويترز)

أموريم لا يملك عصا سحرية... ومانشستر يونايتد سيعاني لفترة طويلة

أصبح أموريم ثاني مدير فني بتاريخ الدوري الإنجليزي يسجل فريقه هدفاً خلال أول دقيقتين لكنه لم يفلح في الخروج فائزاً

رياضة عالمية ساوثغيت (أ.ب)

ساوثغيت: لن أقصر خياراتي المستقبلية على العودة إلى التدريب

يقول غاريث ساوثغيت إنه «لا يقصر خياراته المستقبلية» على العودة إلى تدريب كرة القدم فقط.

The Athletic (لندن)
رياضة عالمية النتائج المالية شهدت انخفاض إجمالي إيرادات يونايتد إلى 143.1 مليون جنيه إسترليني (رويترز)

مانشستر يونايتد يحقق نحو 11 مليون دولار في «الربع الأول من 2025»

حقق مانشستر يونايتد أرباحاً خلال الربع الأول من «موسم 2024 - 2025»، رغم إنفاق 8.6 مليون جنيه إسترليني (10.8 مليون دولار) تكاليفَ استثنائية.

The Athletic (مانشستر)
رياضة عالمية أندريه أونانا (رويترز)

أونانا حارس يونايتد يفوز بجائزة إنسانية لعمله الخيري في الكاميرون

فاز أندريه أونانا حارس مرمى مانشستر يونايتد المنافس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم بجائزة الاتحاد الدولي للاعبين المحترفين (فيفبرو) لإسهاماته الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (مانشستر )
رياضة عالمية سجل صلاح 29 % من إجمالي أهداف ليفربول هذا الموسم (أ.ف.ب)

محمد صلاح... الأرقام تؤكد أنه يستحق عقداً جديداً مع ليفربول

لطالما كانت مجموعة فينواي الرياضية تتمحور حول الأرقام.

The Athletic (لندن)

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
TT

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، الأربعاء، عن فتح الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ملفاً طارئاً لمتابعة الوضع الحالي المتعلق بالمباريات التي ستقام في إيران في الفترة المقبلة، وذلك بسبب الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة.

ويتابع الاتحاد الآسيوي، الأمر من كثب لتحديد مصير المباريات الآسيوية سواء المتعلقة بالمنتخب الإيراني أو الأندية المحلية في بطولات آسيا المختلفة.

ومن المتوقع أن يصدر الاتحاد الآسيوي بياناً رسمياً خلال الأيام القليلة المقبلة بشأن هذا الموضوع، لتوضيح الوضع الراهن والموقف النهائي من إقامة المباريات في إيران.

وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بالاتحاد الآسيوي للرد على السيناريوهات المتوقعة لكنه لم يرد.

وفي هذا السياق، يترقب نادي النصر السعودي موقف الاتحاد الآسيوي بشأن مصير مباراته مع فريق استقلال طهران الإيراني، التي من المقرر إقامتها في إيران ضمن منافسات الجولة الثالثة من دور المجموعات في دوري أبطال آسيا النخبة.

ومن المقرر أن تقام مباراة النصر الثالثة أمام نادي الاستقلال في معقله بالعاصمة الإيرانية طهران في الثاني والعشرين من الشهر الحالي فيما سيستضيف باختاكور الأوزبكي في 25 من الشهر المقبل.

ومن حسن حظ ناديي الهلال والأهلي أن مباراتيهما أمام الاستقلال الإيراني ستكونان في الرياض وجدة يومي 4 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين كما سيواجه الغرافة القطري مأزقاً أيضاً حينما يواجه بيرسبوليس الإيراني في طهران يوم 4 نوفمبر المقبل كما سيستضيف النصر السعودي يوم 17 فبراير (شباط) من العام المقبل في طهران.

وتبدو مباراة إيران وقطر ضمن تصفيات الجولة الثالثة من تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم 2026 المقررة في طهران مهددة بالنقل في حال قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم باعتباره المسؤول عن التصفيات نقلها لمخاوف أمنية بسبب هجمات الصواريخ المضادة بين إسرائيل وإيران وسيلتقي المنتخبان الإيراني والقطري في منتصف الشهر الحالي.

ويدور الجدل حول إمكانية إقامة المباراة في إيران أو نقلها إلى أرض محايدة، وذلك بناءً على المستجدات الأمنية والرياضية التي تتابعها لجنة الطوارئ في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.

في الوقت ذاته، علمت مصادر «الشرق الأوسط» أن الطاقم التحكيمي المكلف بإدارة مباراة تركتور سازي تبريز الإيراني ونظيره موهون بوغان الهندي، التي كان من المفترض أن تقام أمس (الأربعاء)، ضمن مباريات دوري آسيا 2 لا يزال عالقاً في إيران بسبب توقف حركة الطيران في البلاد.

الاتحاد الآسيوي يراقب الأوضاع في المنطقة (الاتحاد الآسيوي)

الاتحاد الآسيوي يعمل بجهد لإخراج الطاقم التحكيمي من الأراضي الإيرانية بعد تعثر محاولات السفر بسبب الوضع الأمني.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم قد ذكر، الثلاثاء، أن فريق موهون باجان سوبر جاينت الهندي لن يسافر إلى إيران لخوض مباراته أمام تراكتور في دوري أبطال آسيا 2 لكرة القدم، بسبب مخاوف أمنية في المنطقة.

وكان من المقرر أن يلتقي الفريق الهندي مع تراكتور الإيراني في استاد ياديجار إمام في تبريز ضمن المجموعة الأولى أمس (الأربعاء).

وقال الاتحاد الآسيوي عبر موقعه الرسمي: «ستتم إحالة الأمر إلى اللجان المختصة في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم؛ حيث سيتم الإعلان عن تحديثات إضافية حول هذا الأمر في الوقت المناسب».

وذكرت وسائل إعلام هندية أن الفريق قد يواجه غرامة مالية وربما المنع من المشاركة في دوري أبطال آسيا 2. وذكرت تقارير أن اللاعبين والمدربين أبدوا مخاوفهم بشأن الجوانب الأمنية.

وأطلقت إيران وابلاً من الصواريخ الباليستية على إسرائيل، الثلاثاء، ثأراً من حملة إسرائيل على جماعة «حزب الله» المتحالفة مع طهران، وتوعدت إسرائيل بالرد على الهجوم الصاروخي خلال الأيام المقبلة.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، قد أعلن في سبتمبر (أيلول) 2023 الماضي، أن جميع المباريات بين المنتخبات الوطنية والأندية التابعة للاتحادين السعودي والإيراني لكرة القدم، ستقام على أساس نظام الذهاب والإياب بدلاً من نظام الملاعب المحايدة الذي بدأ عام 2016 واستمر حتى النسخة الماضية من دوري أبطال آسيا.