مسؤولون أميركيون سابقون يشددون على أهمية بقاء واشنطن في المنطقة

سوزان رايس: أسمع طبول الحرب تدق مع طهران وتصاعد الأزمة لا يخدم مصالحنا

جانب من جلسة الشرق الأوسط بمؤتمر «سولت» بمدينة لاس فيغاس أمس (الشرق الأوسط)
جانب من جلسة الشرق الأوسط بمؤتمر «سولت» بمدينة لاس فيغاس أمس (الشرق الأوسط)
TT

مسؤولون أميركيون سابقون يشددون على أهمية بقاء واشنطن في المنطقة

جانب من جلسة الشرق الأوسط بمؤتمر «سولت» بمدينة لاس فيغاس أمس (الشرق الأوسط)
جانب من جلسة الشرق الأوسط بمؤتمر «سولت» بمدينة لاس فيغاس أمس (الشرق الأوسط)

أجمع المشاركون في جلسة «القدرة على تحقيق تقدم في منطقة الشرق الأوسط» بمؤتمر «سولت» بمدينة لاس فيغاس الأميركية على أهمية البقاء الأميركي طويل الأجل في المنطقة، لتحقيق مهمتين «القضاء على الإرهاب وبناء الدول وتحقيق الديمقراطية».
وركزت نقاشات الجلسة على كل من العراق وأفغانستان والتوتر المتصاعد بين طهران وواشنطن، وطرحت أسئلة حول دور الولايات المتحدة، وكيف يمكن أن يكون دوراً فعالاً في حل الصراعات.
وركزت فعاليات الجلسة على الدور الذي تلعبه طهران في زعزعة الاستقرار، وتحقيق مصالحها عبر استخدام أذرع وميليشيات تابعة لها تحقق مصالحها في الدول المجاورة مثل «حزب الله» في لبنان، والحوثيين في اليمن.
وعارضت مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق سوزان رايس في عهد أوباما خروج واشنطن من الاتفاق النووي مع إيران، وقالت: «نحن الآن في موقف متوتر مع طهران بعد عام من الانسحاب من الاتفاق، وهو خطأ كبير لأن الإيرانيين كانوا ملتزمين بالاتفاق الذي ركز على الطموحات النووية، نعم لم يتطرق إلى تجارب الصواريخ الباليستية أو دعم الإرهاب، وركز فقط على الجانب النووي، لكن هذا لا يعني أننا لم نقم بعمل جيد، والانسحاب من الصفقة يعني أننا نتخلى عن التزامنا، وبالتالي يمكن لإيران أيضاً أن تخرق التزاماتها».
وأضافت رايس «إيران لا تزال تساند الإرهاب وتقوم بتجارب صواريخ باليستية، وأعلن روحاني مهلة 60 يوماً للدول الأوروبية لتعليق بعض تعهداتها في الاتفاق النووي، وردت الإدارة الأميركية بتوقيع عقوبات جديدة، وهذه الأزمة وتزايد مستويات التوتر لا تخدم الأهداف الأميركية، وأسمع الآن طبول الحرب تدق»، كما حذرت من سباق تسلح نووي في المنطقة.
بشأن التوتر في مضيق هرمز، شدد الأدميرال المتقاعد ويليام مارفن بالقوات البحرية الأميركية، على أن واشنطن تعرف كيف تحمي مضيق هرمز، وقال: «الإيرانيون أذكياء بما يكفي لإدراك أنهم لا يمكنهم الإقدام على خطوة تهديد الملاحة في مضيق هرمز، ولديهم إدراك أنهم لا يمكنهم الدخول في مواجهة مع الجيش الأميركي»، وتابع إنه «رغم ارتفاع مستويات التوتر، فإن إيران لن تقدِم على أي تهديد عسكري».
وأوضح الجنرال المتقاعد ديفيد باتريوس، الذي قاد قوات التحالف في العراق وفي أفغانستان، أن إيران تقوم بتدريب ميليشيات موالية لها في العراق، وقد يكون ذلك هي أدواتها في التهديد، وتساءل هل يمكن أن تفتح المطالب الاثني عشر التي وضعها بومبيو الباب أمام مفاوضات بين واشطن وطهران، وأوضح أنه يعتقد أن هذه الأزمة والتوتر المتصاعد سيدفع إيران إلى السعي لعقد مفاوضات داخل الغرف المعلقة مشيرا إلى أن تصريحات إدارة ترمب بإمكانية الحوار واستشهد بتوجهات ترمب مع كوريا الشمالية، في حين اعترضت سوزان رايس، وتشككت أن الإيرانيين سيقدمون على هذه الخطوة.
وحول مدى نفوذ إيران داخل العراق، أشار الجنرال باتريوس بأن إيران تحاول خلق حكومة ظل في بغداد باستخدام الميليشيات، لكنه استبعد أن تخضع حكومة العراق للنفوذ الإيراني.
وقال باتريوس «إيران تعمل على استخدام الميليشيات في العراق واستخدامهم كما يستخدمون (حزب الله) في لبنان ويحصلون على مقاعد في البرلمان العراقي، وبذلك يسيطرون على طبيعة وتوجهات القوانين التي يتم تشريعها، لكن القادة العراقيين لا يريدون حدوث ذلك ورئيس الوزراء العراقي ورئيس البرلمان يقومان بدور جيد في بناء الدولة وإقرار دور القانون»، وشدد باتريوس على ضرورة البقاء في العراق لتقديم المساعدة دون التسبب في مشاكل للحكومة العراقية.
ودعا باتريوس إلى «اعتماد سياسة التواجد المستمر لمكافحة الإرهاب وملاحقة الجماعات الإرهابية، ثم المساعدة في بناء الدول، وهو ما يتطلب القضاء على الإرهابيين كافة».
وأوضح باتريوس، أن واشنطن اكتشفت خلال تجربتها في العراق وسوريا كيفية تخفيض تكاليف البقاء على المدى الطويل، وقال: «ما نريده هو مساعدة الدول على تحقيق المصالحة السياسة، وأن تقوم بالخدمات الأساسية وإعادة البناء بينما نقدم نحن التدريب والتجهيز والمشورة».
وعن الحل سياسي في أفغانستان، قال باتريوس «لقد ذهبنا إلى أفغانستان بسبب (القاعدة)، حيث قام التنظيم بتدريب قواته في أفغانستان، وبقينا هناك حتى يكون لنا قدرات داخل المنطقة للقيام بملاحقة متطرفين مثل أعضاء (القاعدة)، وكان لدينا أكثر من 150 ألفاً من قوات الناتو والقوات الأميركية، والآن تناقص العدد، وأنا قلق أننا بذلك نفقد القدرة على التفاوض ونواجه موقفاً صعباً».
أما رايس مستشار الأمن القومي الأسبق في عهد الرئيس باراك أوباما، فرأت أنه يجب طرح سؤال ما الذي جلب القوات الأميركية إلى أفغانستان، وما الذي يبقينا، وما الذي يجعلنا نخرج من هناك؟ وأوضحت أن لدى انتهاء ولاية أوباما كان 10 آلاف جندي أميركي بأفغانستان في مهمة مكافحة الإرهاب وتدريب القوات الأفغانية دون انخراط مباشر في القتال والحرب، وشددت قائلة: «هذا ما نحتاج إليه، وعلينا أن نبقى في أفغانستان لتحقيق الأمن ومساعدة الحكومة الأفغانية، لكن الرئيس ترمب يبدو على عجلة من أمره في الخروج من أفغانستان دون مراعاة العوامل والعلاقات السياسية والدبلوماسية مع كابول وهي علاقات لا يمكن خسارتها».
وأكدت رايس أنها ليست ضد المفاوضات مع «طالبان»، لكنها شددت على ضرورة الخروج بنتائج مرضية لكل من الأفغان أولاً وللولايات المتحدة.
في حين أشار الدبلوماسي الأميركي المخضرم ريان كروكر، الذي شغل منصب السفير الأميركي في كل من أفغانستان، والعراق، وباكستان، وسوريا، ولبنان، بأن الولايات المتحدة دولة تأسست على المبادئ والقيم العالمية، ولا بد من مراعاة أوضاع النساء والفتيات في أفغانستان إذا ما سيطرت «طالبان» على الأوضاع هناك. وأوضح كروكر، أنه إذا نجحت الجهود في إبرام اتفاق سلام بين «طالبان» والحكومة الأفغانية، فإنه بمجرد خروج القوات الأميركية سينهار هذا الاتفاق، وقال: «علينا أن نبقى مهما تطلب ذلك من وقت؛ لأن الخروج الأميركي من أفغانستان يعني فقدان عشرات الآلاف من حياة الأفغانيين».
وشدد كروكر، على أن {الوضع في العراق تطلب بقاء القوات الأميركية، وقررنا الاستثمار في الوقت والبقاء لأن الخروج ببساطة يعني أنك تعطي النصر للطرف الأكثر صبراً والأكثر تحملاً، وللأسف الولايات المتحدة ليست صبورة بما يكفي}.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.