مسؤولون أميركيون سابقون يشددون على أهمية بقاء واشنطن في المنطقة

أجمع المشاركون في جلسة «القدرة على تحقيق تقدم في منطقة الشرق الأوسط» بمؤتمر «سولت» بمدينة لاس فيغاس الأميركية على أهمية البقاء الأميركي طويل الأجل في المنطقة، لتحقيق مهمتين «القضاء على الإرهاب وبناء الدول وتحقيق الديمقراطية».
وركزت نقاشات الجلسة على كل من العراق وأفغانستان والتوتر المتصاعد بين طهران وواشنطن، وطرحت أسئلة حول دور الولايات المتحدة، وكيف يمكن أن يكون دوراً فعالاً في حل الصراعات.
وركزت فعاليات الجلسة على الدور الذي تلعبه طهران في زعزعة الاستقرار، وتحقيق مصالحها عبر استخدام أذرع وميليشيات تابعة لها تحقق مصالحها في الدول المجاورة مثل «حزب الله» في لبنان، والحوثيين في اليمن.
وعارضت مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق سوزان رايس في عهد أوباما خروج واشنطن من الاتفاق النووي مع إيران، وقالت: «نحن الآن في موقف متوتر مع طهران بعد عام من الانسحاب من الاتفاق، وهو خطأ كبير لأن الإيرانيين كانوا ملتزمين بالاتفاق الذي ركز على الطموحات النووية، نعم لم يتطرق إلى تجارب الصواريخ الباليستية أو دعم الإرهاب، وركز فقط على الجانب النووي، لكن هذا لا يعني أننا لم نقم بعمل جيد، والانسحاب من الصفقة يعني أننا نتخلى عن التزامنا، وبالتالي يمكن لإيران أيضاً أن تخرق التزاماتها».
وأضافت رايس «إيران لا تزال تساند الإرهاب وتقوم بتجارب صواريخ باليستية، وأعلن روحاني مهلة 60 يوماً للدول الأوروبية لتعليق بعض تعهداتها في الاتفاق النووي، وردت الإدارة الأميركية بتوقيع عقوبات جديدة، وهذه الأزمة وتزايد مستويات التوتر لا تخدم الأهداف الأميركية، وأسمع الآن طبول الحرب تدق»، كما حذرت من سباق تسلح نووي في المنطقة.
بشأن التوتر في مضيق هرمز، شدد الأدميرال المتقاعد ويليام مارفن بالقوات البحرية الأميركية، على أن واشنطن تعرف كيف تحمي مضيق هرمز، وقال: «الإيرانيون أذكياء بما يكفي لإدراك أنهم لا يمكنهم الإقدام على خطوة تهديد الملاحة في مضيق هرمز، ولديهم إدراك أنهم لا يمكنهم الدخول في مواجهة مع الجيش الأميركي»، وتابع إنه «رغم ارتفاع مستويات التوتر، فإن إيران لن تقدِم على أي تهديد عسكري».
وأوضح الجنرال المتقاعد ديفيد باتريوس، الذي قاد قوات التحالف في العراق وفي أفغانستان، أن إيران تقوم بتدريب ميليشيات موالية لها في العراق، وقد يكون ذلك هي أدواتها في التهديد، وتساءل هل يمكن أن تفتح المطالب الاثني عشر التي وضعها بومبيو الباب أمام مفاوضات بين واشطن وطهران، وأوضح أنه يعتقد أن هذه الأزمة والتوتر المتصاعد سيدفع إيران إلى السعي لعقد مفاوضات داخل الغرف المعلقة مشيرا إلى أن تصريحات إدارة ترمب بإمكانية الحوار واستشهد بتوجهات ترمب مع كوريا الشمالية، في حين اعترضت سوزان رايس، وتشككت أن الإيرانيين سيقدمون على هذه الخطوة.
وحول مدى نفوذ إيران داخل العراق، أشار الجنرال باتريوس بأن إيران تحاول خلق حكومة ظل في بغداد باستخدام الميليشيات، لكنه استبعد أن تخضع حكومة العراق للنفوذ الإيراني.
وقال باتريوس «إيران تعمل على استخدام الميليشيات في العراق واستخدامهم كما يستخدمون (حزب الله) في لبنان ويحصلون على مقاعد في البرلمان العراقي، وبذلك يسيطرون على طبيعة وتوجهات القوانين التي يتم تشريعها، لكن القادة العراقيين لا يريدون حدوث ذلك ورئيس الوزراء العراقي ورئيس البرلمان يقومان بدور جيد في بناء الدولة وإقرار دور القانون»، وشدد باتريوس على ضرورة البقاء في العراق لتقديم المساعدة دون التسبب في مشاكل للحكومة العراقية.
ودعا باتريوس إلى «اعتماد سياسة التواجد المستمر لمكافحة الإرهاب وملاحقة الجماعات الإرهابية، ثم المساعدة في بناء الدول، وهو ما يتطلب القضاء على الإرهابيين كافة».
وأوضح باتريوس، أن واشنطن اكتشفت خلال تجربتها في العراق وسوريا كيفية تخفيض تكاليف البقاء على المدى الطويل، وقال: «ما نريده هو مساعدة الدول على تحقيق المصالحة السياسة، وأن تقوم بالخدمات الأساسية وإعادة البناء بينما نقدم نحن التدريب والتجهيز والمشورة».
وعن الحل سياسي في أفغانستان، قال باتريوس «لقد ذهبنا إلى أفغانستان بسبب (القاعدة)، حيث قام التنظيم بتدريب قواته في أفغانستان، وبقينا هناك حتى يكون لنا قدرات داخل المنطقة للقيام بملاحقة متطرفين مثل أعضاء (القاعدة)، وكان لدينا أكثر من 150 ألفاً من قوات الناتو والقوات الأميركية، والآن تناقص العدد، وأنا قلق أننا بذلك نفقد القدرة على التفاوض ونواجه موقفاً صعباً».
أما رايس مستشار الأمن القومي الأسبق في عهد الرئيس باراك أوباما، فرأت أنه يجب طرح سؤال ما الذي جلب القوات الأميركية إلى أفغانستان، وما الذي يبقينا، وما الذي يجعلنا نخرج من هناك؟ وأوضحت أن لدى انتهاء ولاية أوباما كان 10 آلاف جندي أميركي بأفغانستان في مهمة مكافحة الإرهاب وتدريب القوات الأفغانية دون انخراط مباشر في القتال والحرب، وشددت قائلة: «هذا ما نحتاج إليه، وعلينا أن نبقى في أفغانستان لتحقيق الأمن ومساعدة الحكومة الأفغانية، لكن الرئيس ترمب يبدو على عجلة من أمره في الخروج من أفغانستان دون مراعاة العوامل والعلاقات السياسية والدبلوماسية مع كابول وهي علاقات لا يمكن خسارتها».
وأكدت رايس أنها ليست ضد المفاوضات مع «طالبان»، لكنها شددت على ضرورة الخروج بنتائج مرضية لكل من الأفغان أولاً وللولايات المتحدة.
في حين أشار الدبلوماسي الأميركي المخضرم ريان كروكر، الذي شغل منصب السفير الأميركي في كل من أفغانستان، والعراق، وباكستان، وسوريا، ولبنان، بأن الولايات المتحدة دولة تأسست على المبادئ والقيم العالمية، ولا بد من مراعاة أوضاع النساء والفتيات في أفغانستان إذا ما سيطرت «طالبان» على الأوضاع هناك. وأوضح كروكر، أنه إذا نجحت الجهود في إبرام اتفاق سلام بين «طالبان» والحكومة الأفغانية، فإنه بمجرد خروج القوات الأميركية سينهار هذا الاتفاق، وقال: «علينا أن نبقى مهما تطلب ذلك من وقت؛ لأن الخروج الأميركي من أفغانستان يعني فقدان عشرات الآلاف من حياة الأفغانيين».
وشدد كروكر، على أن {الوضع في العراق تطلب بقاء القوات الأميركية، وقررنا الاستثمار في الوقت والبقاء لأن الخروج ببساطة يعني أنك تعطي النصر للطرف الأكثر صبراً والأكثر تحملاً، وللأسف الولايات المتحدة ليست صبورة بما يكفي}.