سنوات السينما: From Manager to the Cross

من «المهد إلى الصلب»
من «المهد إلى الصلب»
TT

سنوات السينما: From Manager to the Cross

من «المهد إلى الصلب»
من «المهد إلى الصلب»

From Manager to the Cross
(1912)
السينما الأميركية
تزور مصر للمرة الأولى
لا يذكر مؤرخو السينما المصرية شيئاً عن أول الأفلام الأميركية التي تم تصويرها في مصر. كان ذلك سنة 1912 عندما وصل إلى القاهرة المخرج سيدني أولكوت لتصوير فيلم ديني طويل.
‫أولكوت كان مخرجاً أميركياً (كندي الأصل) نشطاً حقق من عام 1907 إلى عام 1927 نحو 130 فيلماً قصيراً وطويلاً. في عام 1912 تم إنتاج فيلمين روائيين طويلين كانا الأولان في هذا الإطار هما فيلم الأسترالي تشارلز تايت «قصة عصابة كيلي» (الذي أوردناه هنا ضمن هذه السلسلة) وفيلم أولكوت «من المهد للصلب».‬
فيلم أولكوت ديني من 71 دقيقة يتولّى، كما هو واضح من عنوانه، سرد حياة المسيح من المهد روبرت هندرسن بلاند في حين قامت ممثلة اسمها جين غونتيير، التي مثّلت نحو 110 أفلام صامتة في حياتها، بدور السيدة مريم ومثّل شخص باسم مونتاغيو سيدني دور جوزف، وهذا يبدو فيلمه الوحيد، بينما لعب سيدني أولكوت دور رجل أعمى.
‫استوحى المخرج من إنجيلَي متّى ولوقا ويروي القصّة مستعيناً بلوحات مطبوعة كمقاطع من الإنجيل. كل مقطع يفصل بين اللقطات أو المشاهد ليمهّد ما سيلي. يمكن ملاحظة محاولات تشكيل حركة مثير للاهتمام مثل اللقطة - المشهد رقم 16، حيث على جوزف ومريم مغادرة النزل الذي كانا يسكنانه مع عيسى طفلاً في بيت لحم بعدما أوحى الملاك بأن الملك حيروت سيريد قتل المسيح لأنه يخشاه. يخرجان ليلاً. هناك مدخل في عمق الصورة لرجلين نائمين. يهرع جوزف صوب مقدّمة المشهد (صوب الكاميرا)، وينظر حوله ثم يعود أدراجه إلى حيث ترك مريم ليعود بها وبالطفل متقدّما ثانية صوب الكاميرا.‬
آنذاك يمكن اعتبار مشهد كهذا، وهناك الكثير منه، تجريب في السينما التي كانت تحبو. رغبة واضحة في تحديث دور الكاميرا من مجرد ناقل لما يقل أمامها إلى دور المشترك في تكوين مفاداته. ما مر من دون ذكر في أي دراسة تاريخية عن السينما المصرية أن سيدني أولكوت حط هناك وصوّر أكثر من فيلم غالبها من النوع الديني.
على سبيل المثال أنجز في العام ذاته «مصر الغامضة» و«مصر كما كانت أيام موسى» و«مصر الأقصر» و«الدراويش المحاربون في الصحراء» و«على ضفاف النيل» و«رياضات مصرية». هذا قدر كبير من الأفلام (هناك سواها أيضاً) التي تم لمخرج آنذاك تصويرها في بلد غير بلده. وبالنسبة للسينما المصرية جزء من التاريخ المنسي.
لكن أولكوت نقل اهتمامه من مصر إلى سواها وفي العام ذاته (حقق نحو 38 فيلماً مختلفاً في سنة 1912 كون معظمها قصيراً) فصور في الأردن وفي فلسطين، ولديه فيلم بعنوان «تراجيديا في الصحراء»، وآخر بعنوان «تراجيديا عربية».
السبب الذي جعله يقطن مصر لنحو عام كامل يعود إلى أنه كان من عماد شركة إنتاج سينمائية نشطة (ولو لسنوات قبل توقفها) اسمها كالِم (Kalem) التي أرسلته إلى آيرلندا لتصوير «الفتى من آيرلندا القديمة» (1911) وبضعة أفلام أخرى.
‫بعد عودته طلبت منه كالِم الشروع في السفر إلى الشرق الأوسط لتصوير أفلام في فلسطين ومصر. لكن أولكوت رفع سعره ووافقت الشركة على طلبه (تقاضى 200 دولار في الأسبوع) وانطلقت السفينة من نيويورك إلى أوروبا (حيث صوّر أولكوت في إسبانيا وفي إيطاليا مشاهد لأفلام أخرى)، ثم وصل إلى الإسكندرية، حيث صوّر فيها ثم وصل إلى القاهرة، حيث صوّر أهرامات الجيزة. وكان ذلك جزءاً من التاريخ الذي لا يمكن فصله عن مسيرة السينما في كل مكان.



شاشة الناقد: أفلام على اختلافها لم تأتِ جيدة جداً

«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)
«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)
TT

شاشة الناقد: أفلام على اختلافها لم تأتِ جيدة جداً

«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)
«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)

معطراً بالنعناع ★★☆

رسائل شفهية في عتمة الأماكن

فيلم محمد حمدي الأول مختلف جداً عن أي فيلم مصري (أو عربي) حٌقّق في تاريخ السينما العربية. الاختلاف بحد ذاته لا يمنح الفيلم درجة التقييم. من الممكن أن يكون مختلفاً وبديعاً أو مختلفاً ورديئاً وهو أقرب إلى التصنيف الثاني. فيلم داكن في الصورة وفي الذوات البشرية التي تسكنه. يجد المخرج لها مبررات مناسبة. هذا لأن أبطاله يتقدمهم دكتور محبط (علاء الدين حمادة)، يعيشون حالات من الكآبة المطلقة تزداد عبثاً مع تناولهم الحشيشة طوال الوقت. أي نحو 90 دقيقة من مدة عرض الفيلم (التي تبلغ 113 دقيقة). وعوض استمتاعهم بهذه «السلطنة» تبقى أدمغتهم واعية وقادرة على الحديث في مسائل وجودية وسياسية (على الخفيف) مع قليل من الشّعر وكثير من الذكريات التي تتشابك بحيث لا تتضح لها زاوية فعلية تنطلق منها أو تعود إليها.

في دقائقه الـ10 الأولى يؤسّس أسلوب عمله من حالات شخصية وتصوير (قام به بنفسه) وإيقاع. هذا الإيقاع خافت باستمرار والمُشاهد عليه أن يفتح أذنيه جيداً ليتمكّن من التقاط الكلمات المتبادلة. هذا لأن الإيقاع الخافت يشمل كذلك الأداء والتلقين وتشخيص الحالات. الدكتور وأصحابه (من ثلاثة لأربعة حسب المشاهد) يركضون في الظلمة مثل جرذان هاربة من مطاردين (لا نعرفهم) ويأوون دوماً إلى خرابات تضمّهم بعتمتها أو إلى شِقق هي بدورها تبدو كخرابات كلّ شيء فيها قديم وباهت. حتى في ساعات النهار فإن النور مبتسر تأكيداً أو ترميزاً للحالة التي يمر بها أشخاص الفيلم.

الصورة، على الرغم من سوداويتها، هي أهم وأفضل من الموضوع المطروح. صحيح أن رجال الفيلم يتعاطون، لجانب الحشيش، مسائل تهمّهم، لكن ليس كل ما يهم شخصية ما في فيلم ما يهم المشاهدين. بالضرورة. لذا تنحصر الحسنات في الصورة. بينما تمرّ المَشاهد بإيقاع خافت ورتيب، مما يحدّ كثيراً من قدرة الفيلم على التواصل مع مشاهديه.

* عروض حالياً في مهرجان مراكش

Maria ★★★

العمق العاطفي لماريا كالاس

«ماريا» هو ثالث فيلم بيوغرافي ينجزه المخرج التشيلي بابلو لاراين (حسب اللفظ الأسباني) بعد (Jackie) «جاكي»، 2016 و(Spencer) «سبنسر»2021. مثل سابقيه هو فيلم عن امرأة ومثلهما هو عن شخصية حقيقية هي مغنية الأوبرا ماريا كالاس (هناك حفنة أفلام عنها أهمها «Maria By Callas» لتوم وولف، 2017) إلى جانب فيلم إيطالي آخر في التحضير بعنوان «Maria‪/‬Callas» لروبرت دورنهلم.

«ماريا» (ذِ أبارتمنت)

معالجة لاراين تختلف كونها متّصلة بالكيفية التي يحاول فيها تقديم رؤيته لشخصياته فهو يسعى دائماً إلى التقاط العمق العاطفي أكثر مما يهتم لسرد السيرة حكائياً. على ذلك، «ماريا» كما يقدّمه هنا يبقى على السطح أكثر من الدخول في عمق شخصيّته. ما يشغله في سرد الأيام الأخيرة من حياة بطلته هو التصاميم الفنية والديكوراتية وتحريك الكاميرا عبرها وهذا جيد لولا إنه يأتي على حساب تحديدٍ أفضل لمن هي ماريا كالاس.

يسرد الفيلم أحداثها الأخيرة وبعض مواقفها الشخصية والفنية لكن الحكاية يمكن لها أن تكون عن أي شخصية لمغنية وإن كانت خيالية. بطبيعة الحال، وكما بات مألوفاً، يعمد المخرج إلى مشاهد استرجاعية (الفلاشباك) بالأبيض والأسود لكن أهم عنصر في هذه الدراما هي محاولة ماريا التغلّب على ذكرياتها مع أرسطو أوناسيس (الذي تركها للزواج من جاكي كينيدي، شخصية فيلم لوراين السابق).

* عروض حالياً في مهرجان البحر الأحمر

TROIS AMIES ★⭐︎

حوارات ومشاهد تُراوح مكانها

لا يبتعد المخرج موريه في فيلمه «ثلاث صديقات» عن التيمة التي اختارها سابقاً لمعظم ما حقّقه من أفلام مثل «تغيير عنوان» (Changement d'adresse) 2007، و«هل نُقبّل» (Shall We Kiss) 2007، و«الأشياء التي نقولها، الأشياء التي نفعلها» (Les Choses qu'on dit, les Choses qu'on fait) 2020. التيمة المذكورة لا تخرج عن نطاق تداول وتناول العلاقات المتأرجحة ما بين الحب والجنس، أو الحب من دون جنس أو العكس.

«ثلاث صديقات» (موبي دَك فيلمز)

القصّة في عنوانها: 3 صديقات جوان (إنديا هير)، ريبيكا (سارا فورستييه) وأليس (كامل كوتان) والعديد من الحكايات السابقة (تشعر جوان إنها مسؤولة عن موت حبيبها السابق إريك لأنها تركته)، وفي الحكايات الحاضرة يتداولن التجارب التي مررن بها مع آخرين. لا الأحداث مهمّة ولا الحوار (يمتد بلا نهاية) يعني كثيراً. كل ذلك يَرِد مثل قراءة صفحة واحدة من مجلة إشاعات ومن دون لمسات فنية تذكر. بدورها كل لقطة تشبه، تأسيساً وإدارة. ما يسبقها وما يليها.

* عروض: حالياً في صالات فرنسية

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز