موسكو وأنقرة تتمسكان بـ«سوتشي» وإردوغان يلمح إلى «تدخل» شرق الفرات

TT

موسكو وأنقرة تتمسكان بـ«سوتشي» وإردوغان يلمح إلى «تدخل» شرق الفرات

جددت أنقرة وموسكو تأكيدهما على أهمية تنفيذ اتفاق سوتشي الخاص في إدلب وسط تصاعد المعارك في المحافظة السورية.
وتناول وزيرا الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو والروسي سيرغي لافروف تطورات الوضع في إدلب في اتصال هاتفي بينهما ليل الأربعاء - الخميس، أكدا خلاله ضرورة تطبيق الاتفاق المتعلق بمنطقة خفض التصعيد في المحافظة.
وقالت مصادر في الخارجية التركية إن جاويش أوغلو بحث مع نظيره الروسي مجمل التطورات في سوريا. وأكد الوزيران أهمية التنسيق بيت البلدين لتطبيق اتفاق خفض التصعيد واتفاق سوتشي المتعلق بالمنطقة العازلة منزوعة السلاح الموقع بين الجانبين في سبتمبر (أيلول) الماضي.
وأضافت المصادر أن الوزيرين التركي والروسي أكدا، مجدداً، العزم على مواصلة العمل في إطار «مسار آستانة»، وتسريع العملية السياسية بالتوافق مع القرار «2254» الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وقرارات مؤتمر الحوار الوطني السوري.
ولم تبد تركيا رد فعل واضحاً تجاه استمرار حملة التصعيد من النظام بدعم من روسيا على ريفي إدلب وحماة، رغم تعرض إحدى نقاط المراقبة العسكرية التركية في إدلب لقصف من جانب النظام يوم السبت الماضي.
وتركز تركيا على حصار «وحدات حماية الشعب» الكردية في مناطق أخرى من شمال سوريا، لا سيما في المنطقة القريبة من تل رفعت إلى الشمال من حلب، وتجري مباحثات مع روسيا حول وضع هذه المنطقة وترغب في البدء بتسيير دوريات مشتركة مع روسيا فيها.
وأكدت تركيا وروسيا وإيران التزامها باتفاق سوتشي عشية التصعيد الأخير، وذلك في بيان مشترك عقب اجتماعات الجولة الـ12 لـ«مسار آستانة» في العاصمة الكازاخية نور سلطان يومي 25 و26 أبريل (نيسان) الماضي، وأبدت الدول الثلاث قلقها من مساعي «هيئة تحرير الشام» لتشديد سيطرتها، وأكدت عزمها على مواصلة التعاون للقضاء على المتشددين بمن فيهم «جبهة النصرة».
وتخشى تركيا اتساع نطاق الهجوم على إدلب لاحتمال تدفق موجة جديدة من اللاجئين السوريين إلى أراضيها.
بالتوازي، لمح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، مجدداً، إلى احتمال تنفيذ عملية عسكرية في منبج وشرق الفرات للقضاء على وجود «وحدات حماية الشعب» الكردية فيهما.
وقال إردوغان موجهاً حديثة إلى طلاب جامعة الدفاع الوطني التركية، خلال إفطار مساء أول من أمس: «ستقومون قريباً بتطهير منطقتي منبج وشرق الفرات في سوريا من (من سماها) المنظمات الإرهابية».
وأضاف: «أنتم ستهدمون قنديل وسنجار (شمال العراق) على رأس المنظمة الإرهابية الانفصالية»؛ في إشارة إلى «حزب العمال الكردستاني» الذي تصنفه تركيا منظمة إرهابية وتعد «وحدات حماية الشعب» الكردية امتداداً له في سوريا.
وأشار إلى أن الجيش التركي حقق انتصارات جعلت العالم متعجباً منها في عمليتي «درع الفرات» و«غصن الزيتون»، وفي إدلب بسوريا وكذلك شمال العراق.
وأعلنت تركيا انتهاءها من الاستعداد لعملية عسكرية في منبج وشرق الفرات، لكن العملية علقت بعد أن أعلنت الولايات المتحدة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي أنها ستسحب غالبية قواتها من سوريا واقترحت إقامة منطقة آمنة في شمال شرقي سوريا، ترغب تركيا في السيطرة عليها وحدها لكن واشنطن ترغب في أن يكون للتحالف الدولي للحرب على «داعش» دور فيها بعد الانسحاب الأميركي.
وحذرت تركيا من الإقدام على أي عمل أحادي في شرق الفرات يستهدف «الوحدات» الكردية التي تشكل العمود الفقري لـ«تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في الحرب على «داعش».
في السياق ذاته، دعا وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو فرنسا إلى مراجعة موقفها من حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، وذراعه العسكرية «وحدات حماية الشعب» الكردية. وقال جاويش أوغلو على «تويتر» عقب لقائه السفير الفرنسي في أنقرة شارل فري: «يجب على فرنسا مراجعة موقفها من الذراع السورية لـ(العمال الكردستاني)».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».