وجد توتنهام الإنجليزي ومدربه الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو نفسيهما، خلافا للتوقعات، في المباراة النهائية لمسابقة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم بعدما كانا في طريقهما إلى الخروج المبكر من دور المجموعات في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ويواجهان خطر عدم الوجود في منافساتها الموسم المقبل بسبب تراجع النتائج محليا في الآونة الأخيرة.
«من دون ألم، ليس هناك فوز»... عبارة رددها بوكيتينو الأربعاء في العاصمة الهولندية، بعد سيل الدموع الذي فاض من عينيه بعد بلوغ نهائي المسابقة القارية للمرة الأولى في تاريخ فريقه الذي تأسس قبل 137 عاما، عقب الفوز المثير على مضيفه أياكس أمستردام الهولندي 3 - 2 في إياب دور الأربعة معوضا خسارته صفر - 1 ذهابا في لندن. لكن الأرجنتيني أضاف: «كان الأمر يستحق كل هذا العناء»، بعدما ضمن مواجهة إنجليزية ضد ليفربول في أهم مباراة نهائية لمسابقة أندية، تقام في ملعب «واندا ميتروبوليتانو» بمدريد في الأول من يونيو (حزيران).
عندما تحدث بوكيتينو عن «الألم»، لم يكن يشير فقط إلى هذا الموسم، بل إلى السنوات الخمس التي انقضت منذ وصوله إلى شمال لندن قادماً من ساوثهامبتون، حيث ناضل لوجود «سبيرز» بين الأربعة الكبار في الدوري الإنجليزي الممتاز، ومشاركته بانتظام في المسابقة القارية العريقة. في إنجلترا، عبارة «القيام بمثل ما يفعله سبيرز» (في إشارة إلى فشل النادي اللندني في تحقيق نتائج لافتة) لم تكن تحمل معنى إيجابيا، لكن الأمور تبدو في طريقها إلى التبدل.
قال بوكيتينو بملعب «يوهان كرويف أرينا»، الأربعاء: «الوصول بالفريق إلى المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا هو أقرب ما يكون إلى معجزة»، مضيفا: «لم يثق أي أحد بنا في بداية الموسم، لكننا قريبون جدا، بين الأربعة الأوائل (في الدوري الإنجليزي) وفي الأول من يونيو في مدريد سنخوض المباراة النهائية ضد ليفربول». وتابع: «أعتقد أن هذا الموسم مذهل بملعبنا الجديد (في لندن) وهذا الفصل الذي سننهيه حاليا، فصل خوض النهائي، وإذا فزنا، فسيكون كتابا رائعا».
وأثيرت شكوك حول قدرة توتنهام على الحفاظ على التحدي محليا، بغض النظر عن الخارج، بعدما فشل في التعاقد مع لاعبين جدد في الصيف الماضي بينما خاض كثير من لاعبيه الأساسيين نهائيات كأس العالم 2018 في روسيا حتى مراحلها الأخيرة، لا سيما من يدافعون عن ألوان منتخب «الأسود الثلاثة» الإنجليزي الذي أنهى المونديال في المركز الرابع. ويبقى البرازيلي لوكاس مورا، صاحب ثلاثية التأهل إلى نهائي دوري الأبطال، آخر لاعب انضم إلى صفوف توتنهام في فترة الانتقالات الشتوية العام الماضي، قادما من باريس سان جيرمان الفرنسي في يناير (كانون الثاني) 2018.
في دور المجموعات، كسب توتنهام نقطة واحدة في مبارياته الثلاث الأولى (خسارتان أمام إنتر ميلان الإيطالي وبرشلونة الإسباني وتعادل مع أيندهوفن الهولندي) حيث تذيل المجموعة الثانية في 24 أكتوبر، قبل أن يكسب سبع نقاط (فوزان على أيندهوفن وإنتر ميلان وتعادل مع برشلونة) ويضمن البطاقة الثانية بفضل المواجهتين المباشرتين مع الفريق الإيطالي بعد تساويهما نقاطا 1 - 1.
في دور الستة عشر، نجح توتنهام في تخطي عقبة بوروسيا دورتموند الألماني، قبل الإطاحة بمواطنه مانشستر سيتي في دور ربع نهائي ملحمي، قبل قلب الطاولة على أياكس أمستردام في غياب نجمه وهدافه هاري كين المصاب. وقال قائد الفريق حارس مرماه الدولي الفرنسي هوغو لوريس «هذا العام كان مجنونا - وليس فقط بالنسبة لنا - ولكن بالفعل بعد ثلاث مباريات في دور المجموعات، كنا قد أقصينا عمليا... والآن نجد أنفسنا في المباراة النهائية».
لا شك في أن إنجاز توتنهام جاء خلافا للتوقعات، ولكنه في الوقت نفسه يعد تأكيدا لوضعه الجديد ضمن القوى الرائدة في اللعبة. دخل توتنهام نادي العشرة الأوائل على صعيد المداخيل بحسب أحدث تقرير لشركة «ديلويت» للإحصاءات والاستشارات المالية، خلف غريمه التقليدي جاره آرسنال، بإيرادات بلغت 428.3 مليون يورو العام الماضي. وأعلن توتنهام مؤخرا عن تحقيق صافي ربح قياسي عالمي بلغ 113 مليون جنيه إسترليني، على رغم تكلفة ملعبه الجديد الذي يتسع لـ62062 مقعدا، والتي تجاوزت مليار جنيه.
في الدوري المحلي، تراجع الفريق اللندني إلى المركز الرابع بعد خسارته ثلاث مرات في مبارياته الأربع الأخيرة، وبات بحاجة إلى نقطة في مباراته الأخيرة أمام إيفرتون الأحد المقبل لضمان وجوده بين الأربعة الكبار وحجز بطاقته المباشرة إلى دوري الأبطال في الموسم المقبل. وفي حال نجاحه في ذلك، فسيكون توتنهام بين الأربعة الكبار للموسم الرابع على التوالي، مقابل مرتين فقط في الأعوام الـ25 التي سبقت ذلك.
ويشارك توتنهام للعام الثالث على التوالي في مسابقة دوري أبطال أوروبا. في السابق، استمتع بالوجود في المسابقة العريقة بنظامها الجديد مرة واحدة فقط حيث بلغ ربع النهائي موسم 2010 - 2011. إلى جانب بلوغه الدور نصف النهائي للمسابقة بنظامها القديم (كأس الأندية البطلة) موسم 1961 - 1962. بلغ توتنهام الآن النهائي القاري الخامس في تاريخه والأول منذ تتويجه بلقب كأس الاتحاد الأوروبي عام 1984 للمرة الثانية بعد الأولى عام 1972، علما بأنه خسر نهائي 1974 وتوج عام 1963 بلقب كأس الكؤوس الأوروبية التي أدمجت لاحقا مع كأس الاتحاد الأوروبي.
منذ رفعه كأس الاتحاد الإنجليزي عام 1991، لم يحرز توتنهام أي لقب رفيع باستثناء كأس الرابطة مرتين (1999 و2008). والآن، يقف ليفربول بينه وبين مجد دوري أبطال أوروبا. لكن تاريخ المواجهات مع الفريق الأحمر لا يرحم توتنهام، إذ فاز مرة واحدة في آخر 14 مباراة خاضها ضد ليفربول (وذلك بنتيجة 4 - 1 في أكتوبر 2017 ضمن الدوري الإنجليزي). وقال بوكيتينو بعد فوز الأربعاء: «دعوني أسترخ قليلاً. سيكون هناك وقت للحديث عن ليفربول»، مضيفا أنهم «أبطال أيضا، وبالطبع سيكون نهائيا رائعا بين فريقين إنجليزيين وبالتأكيد سنستمتع كثيرا».
بوكيتينو يعيد توتنهام إلى القمة بعد {أعوام الألم}
بعدما كان في طريقه إلى الخروج المبكر من دور المجموعات في دوري أبطال أوروبا
بوكيتينو يعيد توتنهام إلى القمة بعد {أعوام الألم}
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة